ساعة الصفر..ممكن ان توجه ايران ضربه نوويه لأسرائيل


ليث الجادر
2025 / 6 / 20 - 19:23     

في خضم التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، ووسط مؤشرات مقلقة على احتمال تحوّل المواجهة إلى حرب مفتوحة، يظهر خيارٌ عسكري غير تقليدي في خلفية الاحتمالات: الضربة الإشعاعية التلويثية. ليست ضربة نووية تفجيرية بالمعنى التقليدي، وإنما استخدام المواد المشعة كسلاح تلويث جماعي، عبر ما يُعرف بـ"القنبلة القذرة" (-dir-ty Bomb).

تشير تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران تمتلك كميات معتبرة من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60%، وهي نسبة تقترب من العتبة العسكرية (90%)، لكنها ما تزال دون القدرة على إنتاج قنبلة نووية تفجيرية تقليدية. لكن هذا لا يعني أن هذه المادة بلا خطر؛ بل على العكس، يمكن استخدامها كسلاح إشعاعي خطير، إذا تم تبعثرها في منطقة معينة بواسطة رأس صاروخي تقليدي.

"القنبلة القذرة" ليست سلاحًا نوويًا بالمعنى الفيزيائي، لكنها سلاح نفسي–بيئي–عسكري من الدرجة القصوى. تقوم الفكرة على استخدام متفجرات تقليدية لنثر مواد مشعة فوق منطقة معينة: مدينة، منشأة عسكرية، أو مرفق حيوي. الهدف ليس تدميرًا آنيًا، بل خلق حالة من التلوث الإشعاعي الواسع، تصيب المدنيين بالذعر، وتشل الحركة الاقتصادية واللوجستية، وتفرض إخلاءً قسريًا، وتترك أثرًا طويل الأمد نفسيًا وصحيًا.

تقنيًا، الجواب نعم: إيران تمتلك القدرة الصاروخية الباليستية والطائرات المسيّرة بعيدة المدى. وتمتلك بالفعل كميات من المواد المشعة عالية التخصيب. ليست بحاجة إلى إنشاء تفجير نووي حراري، بل فقط إلى تطوير رأس حربي مُصمّم لنثر المادة المشعة على نطاق واسع.

بل إن سيناريو تحميل رأس حربي بصاروخ من طراز شهاب-3 أو خرمشهر، بمادة مشعة مخصبة، وإسقاطه على منشأة كديمونا أو ميناء حيفا، كفيل بأن يخلّف كارثة بيئية وسياسية، حتى إن لم يسقط قتلى بالمعنى التقليدي.

هكذا خيار لا يُستخدم في بداية الحرب، بل يُعدّ ضمن أدوات "الردع الأخير"، أو ما يمكن تسميته بـ"سلاح الساعة صفر". إذا شعرت طهران بأن النظام مهدد بالسقوط، أو في حال تعرّضت منشآتها النووية لضربات مدمرة، أو إذا تم تنفيذ اجتياح بري واسع يستهدف مراكزها الحيوية، حينها يُمكن لإيران أن تعتبر توجيه ضربة إشعاعية تلويثية ضد إسرائيل ليس فقط انتقامًا، بل محاولة لفرض كلفة باهظة على الطرف المعتدي، ضمن منطق "إذا سقطنا، سنُسقطكم معنا".

لا شك أن توجيه ضربة من هذا النوع سيُعتبر تصعيدًا استثنائيًا في الحروب الحديثة. قد لا يُفسَّر كضربة نووية تقليدية، لكنه يُعدّ تجاوزًا للخطوط الحمراء، ما قد يبرر: ردًا نوويًا تكتيكيًا من إسرائيل، تدخلًا أمريكيًا مباشرًا لتدمير البنية الدفاعية الإيرانية، أو عزلة دولية خانقة وطويلة الأمد.

لكن من جهة أخرى، قد تعتبره إيران ورقة مساومة رمزية، تهدد باستخدامها دون أن تضطر لتفعيلها فعليًا، على غرار "السلاح البيولوجي غير المُفَعَّل".

يجب على المراقبين ألا يقيسوا القدرة النووية فقط بمقدار الكيلوطن والانفجار؛ فالعصر الجديد للحروب يفسح المجال لأسلحة غير تقليدية ذات أثر استراتيجي موازٍ. وفي هذا السياق، تملك إيران إمكانية توجيه ضربة إشعاعية تلويثية فادحة لإسرائيل، ولو من خارج نادي الدول النووية. وهذا الاحتمال يجب ألا يُستبعد عند رسم سيناريوهات الساعة الحاسمة في الشرق