قمع فاضحي سياسة التهميش و الإقصاء


كوسلا ابشن
2025 / 6 / 15 - 21:39     

أصدرت محكمة ازيلال حكما قضائيا على أربعة شبان بتهمة نشر فيديو لسيدة حامل تنقل بواسطة نعش الموتى لمسافة كيلومترات للوصول الى أقرب مستوصف من جماعة أيت مليل بإقليم أزيلال.
الشبان وثقوا عبر الفيديو لحدث واقعي و ليس جديد, يحصل بإستمرار و بشكل روتيني في المجال الامازيغوفوني المهمش و المقصي من المقاربة التنموية. الشبان لم يقترفوا جريمة يعاقب عليها القانون المخزني حسب فصل 447, الفقرة الثانية.
الفيديو و المواقع التواصل الاجتماعي, أصبحا الوسيلة الأكثر أنتشارا و الهادفة الى فضح سياسة التمييز العنصري ضد إمازيغن و التهميش و الإقصاء للمجال الأمازيغوفوني, و هذا ما يقلق النظام الكولونيالي و يحاربه بالقانون الإستعماري.
الحكم الصادر حسب القاضي إستند الى تأويل الفصل 447 من القانون الجنائي الفقرة الثانية حسب الضرورة القمعية. الفقرة الثانية تتحدث عن معاقبة التصوير الغير المرخص و التشهير و الإدعاء الكاذب. إلا أن واقعة الفيديو لا تتوافق مع هذا الفصل. حدث تصوير وسيلة النقل, المتمثل في النعش لا تعد تشهير بالشخص المحمول في نعش الموتى, و الواقعة في حد ذاتها ليست إدعاء كاذب, بل هي حدث واقعي. التشهير و الكذب المشار إليهما في الفضل 447, لا يتضمنهما محتوى الفيديو. و الأهم في المسألة هوغياب عنصر الشكاية, و بدونها تسقط المحاكمة.
القضاء آل علوي أداة الإضطهاد القومي, وظيفته الترهيب و الاستبداد و معاقبة القوى المناضلة ضد التمييز العنصري, و معاقبة المدافعين عن حقوق الإنسان في العيش بكرامة, أحرار و ليس عبيد.
النظام الكولونيالي الدكتاتوري يستخدم القضاء للإضطهاد السياسي والاجتماعي والقومي, بإعتبار القضاء الوسيلة "القانونية", و المدعي الإستقلالية عن السلطة السياسية, إلا أن الواقع يؤكد أنه الوسيلة الأكثر خطورة في قهر القوى المعادية للنظام الكولونيالي, قمع القوى المطالبة بالحرية والدمقراطية والمساواة الاجتماعية والكرامة الأنسانية. القضاء آل علوي بطبيعة وظيفته السياسية يتلاعب ب "القانون" حسب حاجته القمعية لتكميم ألأفواه بالوسائل "القانونية" التي تستجيب لإرادة السلطة السياسية, و بهذا ففضح سياسة التمييز القومي و التهميش المجالي, عبر وسائل التواصل الإجتماعي يعد جريمة حسب المنطق الكولونيالي الإستبدادي.
الجهاز القضائي آل علوي بطبيعة وظيفته السياسية كأداة قمعية ردعية للحركات المناهضة لسياسة إنتهاكات حقوق الانسان, و المعارضة لسياسة الإضطهاد القومي و الإجتماعي والسياسي, يعد آداة قتالية ضد الشعب, و بهذا يكون فاقد للمصداقية الشرعية بسبب إنحيازه للسلطة السياسية و تخليه عن الطبيعية القانونية للقضاء النزيه و العادل.
ما دام القضاء آل علوي يؤدي وظيفة إستبدادية, فهو بهذه الوظيفة السياسية يتناقض مع الوظيفة الطبيعية للقضاء المتجلية في العدالة القانونية, و بالتالي فالقضاء مساهم في تكريس إنتهاك حقوق الإنسان و فاعل رئيسي في الممارسة الفعلية لسياسة الآبارتهايد التي فضحها الفيديو المنشور على مواقع التواصل الإجتماعي. و بسبب الفضيحة آدان الجهاز القمعي, الشبان الأربعة بتأويل نص المادة الثانية من الفصل 447 من "القانون" الجنائي حسب مقاس القاضي. الآدانة لها أبعاد سياسية لا علاقة لها بالقانون, كما ليس لديها علاقة بالفعل المقترف من طرف الشبان ضحايا سياسة التمييز القومي و الإضطهاد الإجتماعي و الإستبداد السياسي.
المجال الترابي الامازيغي الغير المعرب, معرض للتهميش و الإقصاء و للتمييز القومي المعبر عنه بسياسة الابارتهايد, السياسة المؤدية الى حد الآبادة الجماعية بشكل من الاشكال.
الفيديو يسلط الضوء على نموذج من المجال الأمازيغوفوني المعرض لسياسة الآبارتهايد, ويبين حقيقة الواقع المجالي المستبعد من سياسة التنمية المجالية بإنعدام التام للبنية التحتية المؤثر المباشر عن الأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية المزية و القاسية في هذا المجال الترابي المنعزل و المحروم من أبسط مقومات و ضروريات الحياة العادية. الفيديو مرآة عن إنعكاس لواقع التمييز القومي ( الآبارتهايد ), و يظهر مأساة إمازيغن أبناء و بنات المجال الأمازيغوفوني, الذين يعانون من الإضطهاد و التهميش و الإقصاء في كل المجالات, حتى أثناء مخاض المرأة و صعوبة الولادة دون عناية طبية, فلا مخرج لها إلا أن تنقل في نعش الموتى الى أقرب مستوصف أن لم تفارق الحياة في الطريق قبل وصولها الى المستوصف. فقد فارقت الكثير من النساء الحياة في طريقهن الى المرافق الصحية, وعوض أن يصلن الى المستوصفات, يوصلن في النعوش الى المقابر. مأساة إمازيغن هي نتيجة حتمية لسياسة الآبارتهايد الممنهجة التي تنتهكت أبسط حقوق الأمازيغ في العيش الكريم.
المحاكمة السياسية للشبان الأربعة لا توقف دينامية النضال الأمازيغي ضد سياسة الآبارتهايد, كما لا تنهي مأساة و معانات إمازيغن في ظل سيادة النظام الكولونيالي العنصري. التمييز القومي ضد المجال الأمازيغوفوني لا يحجب بغربال, فهو واقع موضوعي بكل مظاهره و لا يحتاج الى مقاربة حسابية و مقارنة بينه و بين المجالات الآخرى, كما أنه لا يزول بالمحاكمات العنصرية. النضال التحرري ضد النظام الكولونيالي و سياسة التمييز القومي و الإضطهاد الإجتماعي هو فرض على الأحرار, رفضي الذل و العبودية.