دور العمل السياسي في إستراتيجية التحرر الوطني-القومي
كوسلا ابشن
2025 / 5 / 31 - 22:15
دور العمل السياسي في إستراتيجية التحرر الوطني-القومي
شمال افريقيا بلاد إمازيغن, المنطقة الوحيدة في افريقيا التي ما زالت تحت الحكم الكولونيالي, تتعرض شعوبها لأبشع إضطهاد قومي و إضطهاد إجتماعي.
سيبقى إمازيغن يعانون من الإضطهاد المزدوج و من التمييز العنصري ما لم يستوعبوا أن قهرهم الإجتماعي و إنتهاك حقوقهم الثقافية و اللغوية ناتج عن سياسة الإستعمار الهادفة الى إماتة الإنتماء القومي الأمازيغي لبلادهم بشتى الوسائل.
حرية الأمازيغ تنتزغ بالنضال الثوري الذي يخوضه الشعب من أجل التحرر من النظام الإستعماري الفاشستي العنصري, و الحرية لا تقدم هبة من الحاكم الغير الشرعي و لا عبر الصفقات التجارية. الإستعمار لا يتنازل عن المستعمرات و لا عن ما يسلبه من خيرات البلدان المحتلة, إلا إن أرغم على ذلك, نتيجة نضال و كفاح القوى الشعبية الواعية بقضيتها المصيرية و هي مؤطرة و منظمة تحت قيادة سياسية قومية ثورية تقدمية.
إنعدام الوعي السياسي و الإجتماعي لدى شريحة واسعة من القوى الشعبية الأمازيغية, ناتج بشكل كبير في عدم تسييس القضية الأمازيغية و التأسيس السياسي المنظم للتنظيمات الوطنية-القومية الثورية, و ترك الميدان تتنافس فيه الأنشطة السياسية و الأطروحات الإيديولوجية للقوى الإستعمارية الظلامية و التضليلية لنشر الوعي المغلوط الإجتماعي و القومي و إخضاع الشعب لسياسة الإستلاب الثقافي و الإغتراب الذاتي.
يقول لينين" لقد كان الناس دائما و سيبقون دائما في السياسة ضحايا الخداع من الآخرين و أنفسهم, ما داموا لم يتعلموا وراء العبارات و التصريحات و الوعود الأخلاقية و الدينية و السياسية و الإجتماعية, أن يميزوا مصالح هذه الطبقات و تلك" ( المؤلفات الكاملة, المجلد 23, ص 47).
الضرورة التاريخية و الواقع الموضوعي يفرضان التأسيس للعمل السياسي المنظم للقوى التحررية القومية الثورية و التقدمية, بهدف تسييس القضية الأمازيغية و نشر الوعي السياسي في أوساط الجماهير الشعبية و تفنيد الأطروحات الإيديولوجية المغلوطة للزوايا السياسية السائدة و فضح مرجعيتها الإستعمارية. الفاعل السياسي القومي الثوري المنظم, عليه تبني المبادئ التحررية الثورية هو وحده القادر على تحمل مسؤولية قيادة إمازيغن في مهمتهم التاريخية و الإستراتيجية في كفاحهم الثوري و العادل من أجل تحرير بلادهم تمازغا من نير النظام الكولونيالي التيوقراطي الظلامي و البربري.
طبيعة القومية التحررية و دورها الثوري, كإيديولوجية و سياسة القوى الثورية المحلية, عليها أن تكون قائمة على أساس وحدة النضال و قيادة النشاط الجماعي للجماهير الشعبية مع الإرتباط بالضرورة التاريخية و السياسية الهادفة الى توظيف الوحدة الشعبية في النضال المعادي للإضطهاد القومي و الإجتماعي و الهادف الى مقاومة الإستلاب الثقافي و اللغوي, في أفق التحرر من النظام الكولونيالي التيوقراطي.
الضرورة التاريخية تحتم على الفاعل الأمازيغي التفاعل مع التحولات المجتمعية و الدولية في التحول النضالي حسب الظروف الواقعية. إذا كانت النشأة فرضت العمل الثقافي كخيار مطلبي في التوجه الأمازيغي, فالواقع الموضوعي المعاصر, حسب المتغيرات الطارئة تستوجب العمل السياسي المنظم, (رغم أن السياسة كانت دائما ضمن كل النشاطات و المطالب الحقوقية), و عليه أن يفهم هذا النشاط في إطار النضال القومي التحرري.
التناقض الأبدي بين الإستعمار الظالم العنصري و بين الشعب إمازيغن المضطهد لا تزيله المساحق المستحدثة و لا الأكاذيب الإيديولوجية حول الإعتراف بالتعددية الفسيفساء " الهوياتي" المفروض كأمر واقع ( الأرض الأمازيغية لا تتقمص الهويات, لكنها تستوعب الثقافات الأجنبية المسالمة القابلة للإندماج). الواقع الموضوعي يفند الشعارات الإستهلاكية و المفاهيم السوكولاتية لإستقطاب البربر السذج. سياسة و إيديولوجية النظام السائدتين متناقضتين من الإيمان التعددي و التعايش السلمي مع الإختلاف, و هذا ما يجسده النظام و أعوانه من تعميق العداء و الإضطهاد القومي ضد الشعب الأمازيغي الفاقد للحرية و الذي تنتهك حقوقه المشروعة.
كفاح الأمازيغ ضد الكولونيالية, عليه أن يشمل كل الأشكال النضالية, حسب الحاجة و الضرورة الواقعية و عليه فالحركة الأمازيغية المناضلة و المنظمة هيكليا و سياسيا تستوجب قيادة النضال القومي التحرري ضد النظام الكولونيالي و سياسته الآبارتهايدية.
العمل السياسي الوحدوي ضروري في مرحلة النضال التحرري, من اجل تحقيق أهداف الشعب القومية في التحرر من نير النظام الكولونيالي التيوقراطي العروبي. تسييس القضية الأمازيغية يرعب أركان النظام الكولونيالي المعادي للحقوق القومية لإمازيغن. النظام السلطوي و زمرته الظلامية و التضليلية و الصبيانية, يعملون بكل الإمكانيات المتاحة لهم المادية و الإيديولوجية لوضع العراقيل و المصاعب لمنع تأسيس تنظيمات سياسية تتبنى القضية الأمازيغية, فالنظام الكولونيالي و أعوانه الشوفينيون و الظلاميون يدركون جيدا خطورة العمل السياسي القومي التحرري على إستمرارية الوجود الأستعماري في بلاد إمازيغن, لما قد يلعبه تسييس القضية الأمازيغية من دور فعال في نمو الوعي القومي بين أوساط الجماهير الشعبية و خاصة في صفوف الشباب المستهدف بالتوعية و التعبئة و التنظيم و التوجيه, ليكونوا القوة الداعمة الأساسية للمشروع التحرري.
توحيد الفاعلين السياسيين داخل الحركة الأمازيغية المناضلة ضروري للعمل على مشروع سياسي أمازيغي كفاحي, يخرج القضية الأمازيغية من بقعة منصة المسرح الهزلي الى أرضية الصراع السياسي كأحد أشكال النضال الثوري في عملية تحرير العقل الأمازيغي من براثين الإستلاب الإيديولوجي العرو-إسلام, في سيرورة النضال الهادف الى تحقيق الهدف الإستراتيجي الكامن في تحرير الأرض و الشعب الأمازيغيين من قبضة النظام الكولونيالي التيوقراطي البربري الظالم.