بوب أفاكيان – الثورة عدد 118 : هذا النظام أفرز فاشيّة ترامب / الماغا : الشعب ، بملايينه ، يجب أن يضع نهاية لهذا النظام الفاشيّ – الآن – قبل أن يفوت الأوان !


شادي الشماوي
2025 / 5 / 29 - 16:25     

جريدة " الثورة " عدد 907 ، 26 ماي 2025
www.revcom.us

هذا بوب أفاكيان – الثورة – عدد 118.
لماذا نواجه هذه الفاشيّة ؟ و الإجابة هي أنّ السبب الأساسي لهذه الفاشيّة هو واقع أنّ هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي يمضى ضد حدوده .
في هذه البلاد ، هذا النظام ، زعم أنّه يوفّر المساواة و الحرّية و العدالة للدميع ، إلاّ أنّه المرّة تلو المرّة يتبيّن أنّ هذا مجرّد كذبة . خلال الثمانين سنة منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية ، إضطرّت الطبقة الحاكمة للقيام ببعض التنازلات الجزئيّة حينما وُوجهت بنضال جماهيري ضد الظلم و الإضطهاد – لكن هذا النظام بيّن مجدّدا أنّه ليس بوسعه أن يضع حدّا لهذا الظلم و هذا الإضطهاد ، للسبب الأساسي ألا وهو أنّ هذا الظلم و هذا الإضطهاد مبنيّ في أسس هذا النظام .
لذا ، حين ينهض الناس ضد تواصل الظلم و الإضطهاد ، يثير هذا و يُزعج الذين لا يرغبون في رؤية نهاية لهذا الظلم و هذا الإضطهاد – الذين يؤكّدون على أنّ النضال ضد هذا الظلم " يمضى أبعد من اللازم " و يمثّل تهديدا وجوديّا لهم .
و قد ترافق هذا مع تغييرات كُبرى في العالم – بما فيها أنّ النهب الرأسمالي – الإمبريالي للبلدان الفقيرة ، و تدميره المتسارع للبيئة ، قد أجبر عددا هائلا من الناس على الهجرة عبر الكوكب . و عدد كبير من الناس من بلدان " غير البيض " ، جرى توثيقهم أو لم يوثّقوا ، دخلوا الولايات المتّحدة و العدد المتزايد من الناس " غير البيض " كذلك يُعدّ تهديدا جدّيا من طرف هؤلاء المنجذبين إلى الفاشيّة .
و قد تعزّز صعود الفاشيّة هذا أيضا بواقع أنّ ، لعقود منذ سبعينات القرن العشرين ، صار النظام الرأسمالي – الإمبريالي حتّى أكثر نظام إستغلال مُعولم – بإستغلال بشكل خاص شديد و وحشي للجماهير الشعبيّة ، بمن فيها أكثر من 150 مليون طفل ، في البلدان الأكثر فقرا في العالم ، بينما عديد مواطن الشغل في مصانع سابقة كان أجر العمّال فيها عاليا قد تمّ القضاء على وجودها في هذه البلاد .
و صاحبت هذا تغييرات كبرى أخرى في هذه البلاد ، بالخصوص الدور المتنامي للنساء في عدّة قطاعات مختلفة من الاقتصاد ، بما فيها الوظائف – ما غيّر راديكاليّا الوضع " التقليديّ " حيث كان على رأس الأسرة " ذكر معيل " واحد و كانت النساء معزولات في وضع " تبعيّة ". و معزّزا بالتشدّق المجنون لكره المرأة و ديماغوجيّة ال"بروس" "Bros "، ولّد هذا طقوس عربدة لاعقلانيّة ل " الإنتقام " لدي قسم و بعض الرجال الذين يقفون ضد الإستقلال النسبيّ الذى كسبته عديد النساء و المطالب بوضع نهاية لتواصل الإضطهاد العنيف عادة للنساء .
و كلّ هذا دفع الذين هدّدتهم هذه التحوّلات إلى معانقة نظريّات التآمر المجنونة و تشويهات بارزة أخرى للواقع ، دعما لفاشيّة ترامب ، بتأكيده الخبيث على أنّه إن لم يقع لوم الناس الضعفاء و قمعهم ، فإن أتباعه " لن يعود لهم بلد بعدُ ". و يهدف كلّ هذا إلى العودة إلى " وضع من المفترض أن تكون عليه الأشياء " حيث مجموعات كاملة من الناس – النساء و المثليّون و المزدوجون و المتحوّلون جنسيّا و السود و أناس آخرون ذوو بشرة ملوّنة ، من غير المهاجرين الأوروبيّين ، و غيرهم – يُنظر لهم بشكل سافر و يهدّدوا على أنّهم نوع أدنى ، لا يستحقّون الحقوق ذاتها ك " أناس عاديّين " أو حتّى ليس لهم حقّ الوجود نهائيّا .
و في الوقت نفسه ، عوضا عن الطموحات الثوريّة الأكثر إنفتاحا ذهنيّا في صفوف الجماهير الشعبيّة المقاتلة ضد كامل النظام الإضطهادي في ستّينات القرن العشرين ( و إلى بدايات سبعيناته ) ، في السنوات مذّاك تراجع عدد كبير جدّا نحو " سياسات يقظة الهوّية " الأكثر ضيقا و النزعات المرتبطة بها ، مستهدفين عادة أولئك ذوى " الإمتيازات " الأكبر بدلا من النظام الذى هو السبب الجوهري للإضطهاد . " سياسات هويّة اليقظة " تتعاطى مع معارضة الإضطهاد كملكيّة ( أو رأس مال ) لهذه الهويّة أو تلك – وهو ما يدفع موضوعيّا " الهويّات " المختلفة ضد بعضها البعض ، و يشجّع الإنقسامات غير الضروريّة و الضارة في صفوف المعارضين للظلم . و يستغلّ الفاشيّون هذه أو تلك التشويهات التي تطلقها " اليقظة " ( بما فيها التجاوزات المتّصلة ب" ثقافة المنع " لدي " اليقظة " ) للإستهزاء و تشويه سُمعة النضال الضروري جدّا ضد الإضطهاد الحقيقيّ جدّا : يؤكّد الفاشيّون على أنّ الإضطهاد لا وجود له و النضال ضدّه غير شرعيّ و ينبغي قمعه بالقوّة .
إلى جانب " سياسات هويّة اليقظة " ، بالتأكيد يُفترض أنّها نزعات " يساريّة " ، بما فيها بعض التيّارات " الفوضويّة " قد تخلّت عن تغيير العالم بأيّة طريقة جوهريّة و بدلا من ذلك تبحث عن ، في أقصى الحالات ، عن إعادة ترتيب الأشياء ضمن حدود هذا النظام ، مع إهتمام عدد كبير بتحصين و حماية " كُوّة " ضيّقة لأنفسهم صلب هذا النظام . و قد ترافق هذا في الغالب الأعمّ بفئويّة سخيفة و وقحة – جزء من التراجع عن الهجوم على النظام ككلّ و العمل من أجل تغيير له مغزى حقيقة . و هذا الصنف من الفئويّة كان على الدوام ضارا و هو كذلك بالخصوص عندما توجد حاجة إستعجاليّة لوحدة جميع من يمكن توحيدهم في القتال لوضع نهاية لنظام ترامب الفاشيّ . و العمل بالطريقة العكسيّة – شنّ هجمات لامبدئيّة على الذين ينبغي بناء وحدة معهم في القتال ضد فاشيّة ترامب / الماغا [ MAGA = جعل أمريكا عظيمة من جديد ] – لا يلحق ضررا كبيرا فحسب عامة و إنّما كذلك يساعد بالملموس النظام الفاشيّ و طغيان فظائعه الرهيبة . قد يكون لديّ الكثير لقوله حول هذا في فرصة أخرى ، لكن هنا المسألة الحيويّة هي : للمضيّ قُدُما ، من الأهمّية و الضرورة الحيويّتين بمكان لكافة الذين يقولون إنّهم يعارضون فاشيّة ترلمب / الماغا هذه أن ينخرطوا في علاقات مبدئيّة مع بعضهم البعض ، عاملين بلا كلل لتوحيد كلّ من يمكن و يجب توحيدهم لأجل إلحاق الهزيمة بهذه الفاشيّة ، و مقاربة الإختلافات في هذا الإطار و بهذا التوجّه .
بقدر ما يطول بقاء نظام ترامب هذا في السلطة بقدر ما ستُقترف فظائع أكبر – و لا سيما متى سُمح له بتعزيز حكمه الفاشيّ. وجبت الإطاحة بهذا النظام من السلطة – الآن – قبل فوات الأوان ، بواسطة سيرورة تدفع إلى الأمام بفضل تعبأة جماهيريّة غير عنيفة لكن مصمّمة و مستمرّة لملايين الناس ، موحّدين كلّ من يمكن توحيدهم ، الذين يرفضون القبول بأمريكا فاشيّة – جاعلين من غير الممكن لهذا النظام أن يحكم هذه البلاد و أن يظلّ في السلطة .
و نحن ننجز هذا : يمكن أن ينظّم و هناك حاجة لأن ينظّم نقاش و جدال مبدئيّ حول ما يمثّله نظام ترامب هذا و ما يعنيه أنّه فاشيّ و ما هو المصدر الأساسيّ لهذه الفاشيّة و الحلّ الجوهريّ للوضع المريع في هذه البلاد و في هذا العالم برمّته – بما في ذلك الأخطار المتنامية المهدّدة للإنسانيّة في وجودها ذاته ، من خلال التدمير البيئيّ و تصاعد التهديد بحرب نوويّة. و تحتاج هذه السيرورة المبدئيّة على تنطلق في نفس وقت و على نحو يعزّز بدلا من أن يُضعف و يُخرّب ، الوحدة العريضة اللازمة للإطاحة بهذه الفاشيّة ، كهدف مباشر و إستعجالي و حاجة عميقة .