نحن دائمًا في صفّ المقاومة
لوته رورتوفت-مادسن
2025 / 5 / 26 - 21:48
في التاسع من مايو، تمرّ 80 سنة على هزيمة ألمانيا النازية ونهاية الحرب العالمية الثانية في أوروبا. كانت تلك إحدى أهم اللحظات في التاريخ الحديث، ومنعطفًا حاسمًا في النضال العالمي ضد الفاشية.
تحتفل كل دولة أوروبية بيوم تحررها الخاص. ففي إيطاليا، تم إعلان التحرير في ميلانو يوم 25 أبريل 1945. وفي ألمانيا، أحد معاقل الفاشية، رُفعت الراية الحمراء فوق بوابة براندنبورغ في برلين في الثاني من مايو، وفي الثامن من مايو جاء استسلام النظام النازي بشكل نهائي. في الدنمارك، نُحيي ذكرى التحرير مساء الرابع من مايو، حين أُذيع "نداء الحرية" عبر الـBBC البريطانية.
فلنُكرّم في هذه الذكرى، أولاً وقبل كل شيء، أولئك الذين ناضلوا ضد الفاشية والنازية، وأولئك الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل هذا النضال.
الاتحاد السوفييتي والحركة الشيوعية في العديد من دول العالم شكّلت، دون شك، القوى الحاسمة في النضال ضد الفاشية. وهذا ينطبق أيضًا على الدنمارك، التي كانت تحت الاحتلال النازي من 9 أبريل 1940 إلى 4 مايو 1945. لولا المقاومة الدنماركية، لما اعتُبرَت الدنمارك ضمن صفوف الحلفاء بعد الحرب.
كل شعب كتب قصته الخاصة عن مقاومة النازية والفاشية. وقد نُشرت في الأيام الأخيرة على صحيفة Arbejderen مقالات تُضيء على جوانب من نضال المقاومة هنا في الدنمارك. إنها معرفة ضرورية، لأن المشهد الإعلامي السائد يعيد كتابة التاريخ بشكل منحاز، في محاولة لحشره قسرًا ضمن قوالب دعايات التسليح والتهويل الحربي السائدة اليوم.
الحقيقة هي أن دودة الفاشية لا تزال تنخر في العديد من بلدان العالم. ومن السهل رؤية أن القوى الرجعية في تصاعد. فالحروب، والتسليح المنفلت، والعسكرة، والإبادة الجماعية، باتت على رأس جدول أعمال الأنظمة.
الأكثر فظاعة هو التعتيم الكامل على الدور المفصلي الذي لعبه الاتحاد السوفييتي – الاشتراكي حينها – في الانتصار على الفاشية. لقد كانت "الجيش الأحمر" هو من حرر معسكر أوشفيتز، وقرابة 27 مليون مواطن سوفييتي فقدوا حياتهم في ما سُمِّي بـ"الحرب الوطنية العظمى". ومع ذلك، يواصل المؤرخون والسياسيون الغربيون التقليل من دور الاتحاد السوفييتي، إن لم يتجاهلوه كليًا.
وفي أقصى الشرق، في الصين، جرت مقاومة الفاشية اليابانية طوال ثماني سنوات من الاحتلال، وقد قُدّر عدد الضحايا المدنيين بـ15 مليونًا، بالإضافة إلى 4 ملايين جندي حتى التحرير في أغسطس 1945. هذه التضحيات أيضًا لا تلقى أي تقدير في السرديات الغربية.
أما هنا في بلادنا، فذكرى مرور 80 عامًا تُستغل بشكل مقزز لتبييض سياسة التعاون الدنماركي مع النازية، ولتمجيد حركة المقاومة التي كانت النخبة السياسية آنذاك تعتبرها خطرة، وتقوم بإبلاغ السلطات النازية عن أعضائها وتسليمهم للاحتلال. ويتم كذلك رسم خط مباشر بين النضال ضد النازية والفاشية حينها، والنضال اليوم ضد ما يسمّى "الأنظمة الاستبدادية" الحديثة. بدلًا من الاعتراف، باحترام وصدق تاريخي، بدور الاتحاد السوفييتي، نرى حملات مناهضة لروسيا، وتحريضًا مستمرًا على الحرب في أوكرانيا.
من جهته، يحذر مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، الدول الأعضاء من المشاركة في إحياء الذكرى بموسكو، ويدعوهم إلى "إظهار التضامن مع أوكرانيا" بدلًا من ذلك. يا لسخرية القدر أن تُستخدم ذكرى الانتصار على الفاشية في ترويج حرب الناتو بالوكالة ضد روسيا! وكأن إحياء ذكرى هزيمة الفاشية في عرض عسكري بموسكو هو أمر مريب!
وعليه، يغيب الاتحاد الأوروبي، باستثناء سلوفاكيا التي شاركت إلى جانب 29 دولة اختارت أن تكرّم الشعب السوفييتي والجيش الأحمر على دورهم الحاسم في دحر النازية. وبغض النظر عن كيفية استغلال النظام الروسي الحالي – الذي لا يُقارن بالاتحاد السوفييتي الاشتراكي – لهذه المناسبة، فإن ذلك لا ينزع الشرعية عن الاحتفال نفسه.
وفي كييف، لم يتردد نظام زيلينسكي في تهديد المشاركين في العرض الاحتفالي. بل وأُطلقت طائرات مسيّرة في الساعات التي سبقت الاحتفال فوق موسكو، كعمل استفزازي ومحاولة تخريب. هذا النظام في كييف لا يرى أصلاً أن هناك ما يستدعي الاحتفال بالنصر على الفاشية – وهو أمر يدفعنا للتساؤل: لماذا؟
بدلًا من هذا التشويه، ينبغي أن تُستخدم ذكرى النصر لطرح سؤال جوهري، يزداد إلحاحًا يومًا بعد يوم:
هل تمكّنّا حقًا من القضاء على الفاشية قبل 80 عامًا؟ ولماذا لم ننجح؟
الواقع أن دودة الفاشية ما زالت تنخر في جسد العالم. والقوى الرجعية تتقدم. الحروب، والتسليح، والعسكرة، والمجازر تعود إلى الواجهة.
وفي مواجهة كل ذلك، يستمر نضال المقاومة اليوم. وكما في الأمس، دعونا دائمًا نقف في صفّ المقاومة!