ثمانية عقود على النصر في الحرب العالمية ولكن!


جهاد عقل
2025 / 5 / 8 - 22:11     



‎يحتفل العالم في التاسع من أيار الجاري بالذكرى الثمانين على النصر على النازية والفاشية ، وفي هذه الذكرى التاريخية ، علينا أن نذكر ما قامت به الحركة النقابية العالمية ، عندما عقدت مؤتمرها التأسيسي في شهر شباط من العام 1945 ، وذلك من أجل توحيد الجهود لمأسسة الحركة النقابية العالمية ، في ظل الحرب الدائرة – الحرب العالمية الثانية – وبوادر النصر التي كانت تلوح في الأفق على قوى الفاشية والنازية ، وتأكيد دور الطبقة العاملة في تحقيق النصر، وبالفعل لقد حدث النصر في الحرب.
‎ انعقاد المؤتمر النقابي الدولي الوحدوي ،والذي وضع الخطوط العريضة لمأسسة الحركة النقابية العالمية ، حيث جرى إكمال تلك الوحدة النقابية في المؤتمر التكميلي الذي عقد لاحقاً في باريس في السادس من تشرين الأول أكتوبر 1945.
‎ذكرنا تلك الحادثة النقابية للتذكير بالدور العمالي في دحر قوى الفاشية يومها ، وليس صدفة بأن الإتحادات النقابية العالمية قامت بإصدار بيانات لها في هذه المناسبة ، لأنها تعي جيداً الأخطار التي تواجهها اليوم في ظل هيمنة قوى رأس المال على الحكومات ، وعلى الإقتصاد العالمي ، من جهة ، وصعود قوى اليمين ومنه الفاشي في أكثر من 70 دولة خلال المرحلة الراهنة ، وقيام تلك القوى اليمينية بالهجوم على حقوق العمال والديمقراطية في معظم أنحاء العالم ، وإسناد سياساتها بتشريعات وقوانين معادية للحريات ومعادية لحرية التنظيم النقابي .

‎أزمة إحتماعية عالمية وعدم استقرار وفقر

‎في 24 نيسان 2025 صدر تقرير عن " لجنة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية"،يحذر من أزمة اجتماعية عالمية، بخصوص ظاهرة "زيادة الفقر وقلق بشأن فقدان الوظائف"، حيث "لا يزال الكثيرون في أنحاء العالم على حافة الفقر على الرغم من المكاسب الكبيرة التي تحققت في هذا المجال، فيما يشعر حوالي 60% من الناس بالقلق من فقدان وظائفهم، وفق ذلك التقرير الصادر عن الأمم المتحدة حذر من أزمة اجتماعية متفاقمة بسبب انعدام الأمن الاقتصادي، ومستويات التفاوت المذهلة، وتراجع الثقة الاجتماعية”.وأضاف التقرير الاجتماعي العالمي لعام 2025 "إن أكثر من 2.8 مليار شخص - أي أكثر من ثلث سكان العالم - يعيشون في ظل الفقر إذ يتراوح دخلهم بين 2.15 و6.85 دولار في اليوم. ويمكن لأي انتكاسة طفيفة أن تدفع الناس إلى الفقر المدقع”. كما أكد أن الوضع بشير الى عدم استقرار في التوظيف على نطاق واسع وتسود حالة من "عدم اليقين الاقتصادي، إذ يشعر حوالي 60 في المائة من الناس على مستوى العالم بالقلق من فقدان وظائفهم وعدم قدرتهم على العثور على وظائف جديدة”. وفي الوقت نفسه، "يعيش 65 في المائة من سكان العالم في بلدان تشهد زيادة في تفاوت الدخل. ولا يزال جزء كبير من إجمالي تفاوت الدخل يعزى إلى التفاوت على أساس خصائص مثل العرق والطائفة ومكان الميلاد والخلفية الأسرية. ويؤدي تزايد انعدام الأمن والتفاوت إلى تقويض التماسك الاجتماعي وإجهاد أسس التضامن والتعددية. ولا يثق أكثر من نصف سكان العالم بحكوماتهم إلا قليلا أو لا يثقون بها على الإطلاق.
‎ومن المثير للقلق أن مستويات الثقة تتراجع من جيل إلى جيل، مما يشير إلى انهيار منهجي للتماسك الاجتماعي. ويؤدي الانتشار السريع للمعلومات المضللة والمغلوطة إلى تفاقم هذه الاتجاهات المقلقة”.

‎حملة نقابية من أجل الديمقراطية

‎في ظل هذه الأوضاع  الاقتصادية – الإجتماعية ، وفقدان الأمن التشغيلي والاقتصادي وتفاقم في الصراعات والحروب العسكرية التي تستغلها الحكومات للبطش بحقوق العمال، وهجوم قوى اليمين العالمي على ما حققته الحركة النقابية العالمية بنضالها المتواصل منذ فترة طويلة ، بادرت الحركات النقابية العالمية الى حملة هامة من أجل حشد الطبقة العاملة عالمياً لمواجهة هذه الأخطار التي يقودها اليمين الفاشي محلياً وعالمياً من أجل الدفاع عن حقوقها ، ومن أجل الدفاع عن الديمقراطية ، بتأكيدها أن أرباح أصحاب المليارديرات تأتي على حساب حياة العمال وحقوقهم ،وأنها
‎أي النقابات العمالية "سوف تحشد قواها لإيصال مطالبها إلى حكوماتها، بمناسبة مرور 80 عامًا على هزيمة الفاشية في الحرب العالمية الثانية، لندق ناقوس الخطر ضد انقلاب المليارديرات والكارثة التي جلبها على مجتمعاتنا. سيدفع الاتحاد الدولي لنقابات العمال من أجل البديل الذي نطرحه - من أجل ديمقراطية ناجعة وعقد اجتماعي جديد. سيدعو الاتحاد الدولي لنقابات العمال رؤساء الحكومات والمؤسسات العالمية الرئيسية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة”. كما جاء في بيان الإتحاد الدولي للنقابات العمالية يوم الثامن من أيار الجاري.  

‎تحذير للتاريخ من صعود اليمين المتطرف اليوم
‎ذكرنا أن الحركة العمالية
‎قلقة من التغيرات العالمية اليمينية وسيطرة قوى رأس المال وأصحاب الملياردات على العالم  "في جميع أنحاء العالم، تتصاعد الحركات اليمينية المتطرفة من جديد. لكن هذه المرة، يتخفى هذا التهديد خلف أذرع إعلامية ممولة من المليارديرات، ويتلاعب بالقوانين والانتخابات لإحكام قبضته على السلطة.يقف عمال النقل مجدداً في طليعة المعركة ،الآن، وبعد 80 عامًا، يُحيي الاتحاد الدولي لعمال النقل ذكرى العمال - بمن فيهم البحارة، وطواقم السكك الحديدية، وعمال الموانئ، وعمال الخدمات اللوجستية - الذين ساهمت شجاعتهم وتضحياتهم وعملهم في هزيمة الفاشية. ”. هذا ما أكده الإتحاد الدولي لنقابات عمال النقل ، أما الاتحاد الدولي لنقابات عمال البناء والأخشاب فأكد هو أيضاً في بيانه:” بعد ثمانين عاماً، نواجه تهديداً عالمياً جديداً وهو تحالف غير مقدس من أصحاب الملياردات ونخب التكنولوجيا ، وقوى اليمين المتطرف تشن حرباً على الديمقراطية ، وحقوق العمال والكوكب عامة ،ننضم للتحالف النقابي العالمي ونقول كفى لنعمل معاً لوقف الحرب على الشعب الفلسطيني واستعادة الديمقراطية وإحلال السلام".ما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الرئيس ترامب من هجوم على العمال والنقابات والعمال المهاجرين بدعم من أصحاب رؤوس الأموال ، فالولايات المتحدة تحتل المكان الأول بعدد أصحاب الملياردات في العالم وفق آخر تقرير ، حيث بلغ عددهم 902 ملياردير عام 2025 مقارنة ب- 813 في العام الماضي، وبلغت ثرواتهم الإجمالية  6.8 تريليون دولا، وفي عام 2025 حدث ارتفاعًا في عدد أصحاب المليارات حول العالم، فقد تجاوز عددهم 3,000 ملياردير بثروة إجمالية بلغت 16.1 تريليون دولار، وفقًا لتقرير مجلة "فوربس”.
‎في ظل هذه الفوارق والفجوات ما بين فقراء العالم واغنياؤه لا بد من نهضة نضالية عامة وعمالية طبقية خاصة من أجل اسقاط هذه القوى الرأسمالية المتوحشة في عالمنا