الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) : غرّة ماي ، اليوم العالمي للطبقة العاملة : الثورة ، و لا شيء أقلّ من ذلك !


شادي الشماوي
2025 / 5 / 7 - 22:32     

الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) : غرّة ماي ، اليوم العالمي للطبقة العاملة : الثورة ، و لا شيء أقلّ من ذلك !
جريدة " الثورة " عدد 904 ، 5 ماي 2025
www.revcom.us

غرّة ماي ، اليوم الذى نعلن فيه تصميمنا على تحقيق الضرورة العالميّة لعصرنا : الثورة الشيوعيّة ! وجود النظام الرأسمالي – الإمبريالي ذاته يمثّل الأزمة الأكبر التي تواجهها الإنسانيّة ، نظام حوّل حياة ثماني مليارات من البشر على هذا الكوكب إلى جحيم فظيع يضع في خطر بقاء كوكب الأرض ذاته .
لقد مرّت عقود منذ الموجة الأولى للثورات الشيوعيّة في نصف القرن العشرين ، ثورات ، مع الإنتصارات التاريخيّة في روسيا ( 1917 ) و الصين ( 1949 )، أرست أسس المجتمعات الإشتراكيّة الأولى . و بإعتبارها تجارب غير مسبوقة ، كانت الأنظمة الإشتراكيّة في هذه البلدان بدائيّة بما فيه الكفاية ، و رغم تعرّضها للهزيمة في مراحلها الأولى ، مع ذلك ، فتحت فصلا جديدا في تاريخ الإنسانيّة ، و جلبت الأمل إلى الشعوب المضطهَدَة و المستغَلّة في العالم ، و بيّنت أنّه من الممكن إلحاق الهزيمة بمجتمعات فاسدة مبنيّة على الإضطهاد و الإستغلال الرأسماليّين . و هذه الإنتصارات وضعت في موقع دفاعيّ القوى الإمبرياليّة و الحكومات الرجعيّة من كلّ العالم ، و تحوّلت إلى دعم حيويّ لحركات إجتماعيّة متنوّعة عبر الكوكب بأكمله .
و عندما وقع تفكيك الإشتراكيّة في هذه البلدان و إندمجت هذه البلدان من جديد في المجال الرأسمالي ، بدأ عصر مفزع . فالرأسماليّة و قد تحرّرت من عقالها ، شنّت هجوما كاسحا على جميع مظاهر حياة الناس في العالم قاطبة . و اليوم ن مع تسارع تدمير الوسط البيئي و التهديد بحرب نوويّة ، تضع الرأسماليّة في خطر وجود الإنسانيّة ذاتها و كوكب الأرض ذاته. و مع تفكيك مكاسب الثورات الشيوعيّة و دفن إرثها ، نظّمت البرجوازيّة أكبر هجوم إيديولوجي في التاريخ ، هجوم لا يزال يحتاج إلى الآن أن نهزمه .
و الآن نواجه طريقين إثنين : إمّا أن ننهض في موجة جديدة من الثورات محقّقين تقدّما في أنحاء مفاتيح من العالم للمرور إلى عصر تحريريّ حقّا بالنسبة إلى ملايين المضطهَدين و المستغَلّين و إلى كوكب الأرض عينه ، و إمّا نستسلم و نستعدّ إلى مستقبل فظائع لا نتصوّرها قد تكون أسوأ حتّى من تلك التي نشاهدها حاليّا .
من العسير إلتقاط هذا الواقع ، واقع أنّ الإنسانيّة لا تواجه أكثر من هذين الطريقين . غير أنّ هذه حقيقة يجب فهمها بصلابة – حقيقة حلّلها بوب أفاكيان تحليلا عميقا و دلّل عليها بصرامة علميّة ، و دقّ جرس الإنذار . و في غرّة ماي هذه ، ينبغي علينا أن نرحّب بأطروحة بوب أفاكيان حول النظام الرأسمالي :
" هذا النظام مجنون تماما و إجرامي بقسوة . لقد فات أوانه كلّيا . و هذا يعنى أنّ تاريخ صلوحيّته قد إنتهى ، و قد فات الوقت الذى كان فيه بوسعه تقديم شيء إيجابي للإنسانيّة . و بالعكس ، بات الآن معرقلا مباشرة لتحرير الإنسانيّة من كلّ جنون و من الفظائع و العذابات غير الضروريّة . و صعود الفاشيّة ، في كلّ من الكثير من البلدان والولايات المتّحدة نفسها، علامة بديهيّة على فوات أوان هذا النظام تماما و تهديده المتنامي للإنسانيّة جمعاء . لقد بلغنا نقطة حيث صار من الملحّ أكثر من أي زمن مضى التخلّص من هذا النظام الفاسد و تجاوز الوضع الراهن الذى فيه يجد الناس أنفسهم مضطرّين إلى النضال ببساطة من أجل البقاء الشخصيّ على قيد الحياة ، مواجهين بعضهم البعض في تنافس و نزاع ، بينما مستقبل الإنسانيّة عينه في كلّ مرّة في خطر متزايد . و مع ذلك ، لا تزال جماهير العالم بأسره واقعة في سلاسل العلاقات الإضطهاديّة و التي فات أوانها .
لكن الآن ، من الممكن ترك كلّ هذا وراء ظهرنا ... فالتناقضات و النزاعات ، داخل الولايات المتّحدة و كذلك على الصعيد العالمي ، ستظلأّ تتسبّب في إضطرابات و إنفجارات كبرى . و سيوجّه هذا ضربات جدّية لإستقرار النظام ، و وسط هذا الإضطراب المتصاعد ، يمكن لقوّة ثوريّة مطّردة النموّ – واعية و منضبطة و مصمّمة ، تشمل آلاف الأشخاص – أن تتشكّل و تصلّب عودها على أساس علميّ . و هذه القوّة يمكن أن تطوّر الوسائل الضروريّة لمواجهة كلّ التحدّيات الصعبة، مركّزة أسسا لقيادة ملايين أخرى في ثورة تحريريّة ، ثورة أساسيّة لوضع نهاية لهذا الجنون و تحقيق مجتمع أفضل بكثير."
( مقتطف من الحوار الصحفي الذى أجرته سنسارا تيلور مع بوب أفاكيان سنة 2025 )
في كلّ بلد من البلدان ، كلّ الذين ليسوا على إستعداد إلى الإستسلام أمام الوضع القائم يجب أن يساهموا في تنظيم هذه القوّة الثوريّة المتنامية و المصمّمة و المتشكّلة على أساس علمي – قادرة على تطوير الوسائل الضروريّة لمواجهة صعوبات هذا التحدّى و التنظيم المنهجيّ لهذه الثورة .
و في ما يتعلّق بالثورة في إيران ، فإنّنا كشيوعيّين ثوريّين من الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي) قد تنظّمنا على أساس الخلاصة الجديدة للشيوعيّة ( الشيوعيّة الجديدة ) التي طوّرها بوب أفاكيان ، و تولّينا عن وعي مسؤوليّة تحديدا بناء قوّة من هذا الصنف في طريقنا إلى هذا الصنف من الثورة . و حزبنا ، في " برنامج و بيان الثورة الشيوعيّة في إيران " بيّن ضرورة الإطاحة بالجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة بواسطة ثورة و تعويضها بجمهوريّة إشتراكيّة من النوع الجديد . و كذلك ، في مشروع " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في إيران " ، عرضنا بالملموس مبادئ و طبيعة و سير هذا النظام الاجتماعي الإشتراكي المستقبلي . و الأهمّية الحيويّة لهذه الوثيقة تكمن في واقع أنّه دون تطوير بديل واضح و قابل للحياة ، لن نتمكّن لا من التدليل على أنّ النظام الراهن للإضطهاد و الإستغلال فات أوانه و لا من أنّ الجهود المبذولة لتغييره ستظلّ بلا جدوى .
إنّ نموذج " الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة " الذى طوّره بوب أفاكيان يسمح للثورة بأن تقطع في العمق مع النظام الرأسمالي الذى مضى وقته . لكنّه يمثّل أيضا قطيعة حيويّة مع نموذج النظام الإشتراكي الذى جرى تركيزه لأوّل مرّة مع أوّل موجة من الثورات الشيوعيّة مع بدايات القرن العشرين ، بداية في روسيا و لاحقا بشكل أكثر تقدّما في الصين . و مثلما بيّن بوب أفاكيان في " الشيوعيّة الجديدة " ، إن لم نقطع مع هنات النموذج السابق و أخطائه ، لن نستطيع وضع مجتمعات إشتراكيّة مستقبليّة على طريق تركيز الشيوعيّة في العالم بأسره و في نهاية المطاف تحرير الإنسانيّة من براثن المجتمع الطبقيّ .
نحن ملتزمون بهذا الطريق . و مع ذلك ، من الواضح أنّ هذا الطريق معقّد و ينطوى على تحدّيات و لا يمكن رسمه دون أن تتحوّل قوّتنا الصغيرة إلى آلاف المقاتلين و المقاتلات المصمّمين و الواعين . و لأجل رسم هذا الطريق التحريريّ ، يجب على الشعب أن يعتاد بعمق على هدفه و على إستعجاليّته ؛ و يجب رسم الخطّة العامة لبلوغه . في العالم قاطبة ، إنتفضت الجماهير الشعبيّة بإستمرار ضد ظروف إضطهادها و إستغلالها ؛ وهي تصارع ضد مظاهر متنوّعة من النظام القائم ؛ و مع ذلك ، عفويّا لا تعرف و لا يمكن أن تعرف ما هي الثورة حقيقة ، و لماذا هي ممكنة ، و كيف يمكن و يجب تحقيقها . لهذا ، يسقط البعض في اليأس بينما يتّبع آخرون المخطّطات و القوى الرجعيّة للوضع السائد . و جهل الجماهير خطر لا ينبغي أبدا التقليل من قيمته و يجب مواجهته . فالعمّال و الأساتذة و الطلبة – لا سيما النساء و الشباب – ينبغي أن يحصلوا على وعي ثوريّ و يلتزموا بنشره . و عليهم هم أنفسهم أن يفهموا و يشرحوا إلى الآخرين ما يحدث في العالم ، لو لماذا الأشياء على ما هي عليه و ما هو الحلّ الحقيقيّ .
و هذا النظام الرأسمالي المهيمن على العالم يتسبّب يوميّا في عذابات و فظاعات للأشخاص وفى تدمير الوسط البيئيّ . غير أ،ّه الآن ، هذا النظام يغرق فى أزمة عالميّة ، منها ظهرت الفاشيّة التي ستش>ّد و تفضح كافة فظائع هذا النظام .
و قد تحوّلت إيران إلى مركز من مراكز هذه الأزمة العالميّة . و تتمظهر هذه الأزمة في النزاع ما بين القوى الإمبرياليّة ( بين الولايات المتّحدة و روسيا و الصين ) من أجل الهيمنة على إيران . و جميع المفاوضات بين جمهوريّة إيران الإسلاميّة و الولايات المتّحدة هي ، في الواقع ، جزء من هذه المنافسة بين القوى العظمى . و تجد جمهوريّة إيران الإسلاميّة نفسها أسيرة دوّامة هذه المنافسات الإمبرياليّة على الصعيد العالمي و قد أسرت أيضا الشعب الإيراني . و يدلّل هذا الوضع أنّ جمهوريّة إيران الإسلاميّة ترتهن تماما للنظام الرأسمالي العالمي . علينا أن نخرج من هذا الجنون و أن نرسم طريقا حيويّا مختلفا لأنفسنا و للإنسانيّة قاطبة .
و لا تفتقر جمهوريّة إيران الإسلاميّة إلى الشرعيّة في صفوف سكّان إيران ، بل خسرت أيضا ولاء قسم كبير من قاعدتها الإجتماعيّة . و قد زعزعت سيرورة المفاوضات مع الولايات المتّحدة بشكل خطير أسسها الإيديولوجيّة مغذّية اليأس و موسّعة الإنقسامات بين كتلها . و يشهد الوضع السياسي للمجتمع تغيّرا سريعا . و في هذه الظروف ، علينا أن نبثّ الوعي في صفوف السكّان بأنّ كلّ تغيير تفرضه القوى الإمبرياليّة – سواء بالنزاع أو بالتسويات فيما بينها – سيُبقى النظام كما هو بلا مساس ، النظام الجوهري للإضطهاد و الإستغلال في إيران ، و إن أدّى إلى تغيير في نظام الحكم .
إن خضنا نضالا ضد الجمهوريّة الإسلاميّة على أساس تحليل خاطئ للأسباب العميقة للمشكل و بحثا عن التخلّص من جمهوريّة إيران الإسلاميّة و أسيادها الإمبرياليّين ( روسيا و الصين ) مصطفّين إلى جانب الإمبرياليّين الأمريكان و وكلائهم، لن تكون النتيجة سوى وضع أفظع حتّى . لا وجود إلاّ لطريق يخدم مصالح أغلبيّة الشعب الإيراني وهو طريق الإطاحة بالجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة و تعويضها بنظام إشتراكي ( قائم على مشروع " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في إيران " ) .
و اليوم النظام الرأسمالي العالمي يشهد أحد أخطر الأزمات في تاريخه . و توفّر لنا هذه الأزمة فرصة خارقة للعادة – بواسطة جهد واعي ن منظّم و إستراتيجي – لبناء نشيط لطريق الثورة و التسريع في نسقه في التقدّم بهدف تحقيق النصر النهائيّ .
و حيث لا توجد بعدُ قوى شيوعيّة ثوريّة معتمدة على الشيوعيّة الجديدة ، علينا أن نعمل جماعيّا للمساعدة في بنائها ؛ و حيث توجد بعدُ ( مثلما هو الحال في إيران و الولايات المتّحدة )، يتوجّب علينا تعزيزها بصفة ملحّة بكلّ الوسائل الممكنة. و حتّى مجموعة صغيرة لكن منظّمة من الشيوعيّين الثوريّين ، إن كانت مسلّحة بخطّ سياسي و إيديولوجي صحيح ، يمكن أن تغيّر المعادلة السياسيّة بجهود لا تكلّ و لا تملّ . و مثل هذه القوّة يمكن أن توحّد النضالات المتناثرة للشعب حول محور الثورة و إستغلال كلّ تطوّر إجتماعي للتسريع في الظروف الثوريّة ، و في نهاية المطاف ، تحقيق الثورة المظفّرة .
في غرّة ماي 2025 ، لنتعهّد بعدم السماح للنظام الرأسمالي – الإمبريالي بأن يتجاوز أزمته و يؤبّد وجوده و يواصل جرائمه ضد الإنسانيّة .
www.cpimlm.org