نداء عاجل لوقف الحرب على الشعب اليمني
منذر علي
2025 / 5 / 6 - 22:30
دفاعًا عن العدالة والسيادة وكرامة الإنسان، نحن الموقّعون أدناه، نوجّه هذا النداء العاجل إلى المجتمع الدَّوْليّ — وإلى كل إنسان لم يُسلم ضميره لآلة السلطة — لإدانة العدوان المتواصل على الشعب اليمني والعمل الجاد على وقفه فورًا.
إن الحرب على اليمن، التي تشنّها قُوَى إمبريالية ومصالح صهيونية وأنظمة عربية رجعية، لا يمكن فهمها من خلال الذرائع الرسمية التي تتكرر في الخطاب السياسي والإعلامي السائد. فليست هذه الحرب دفاعًا عن الديمقراطية، ولا حمايةً لحقوق الإنسان، ولا سعيًا لاستقرار المنطقة. إنها، كما هو الحال في محطات عديدة من التاريخ، عقوبة جماعية لشعب رفض أن يذعن بالكامل لإملاءات القُوَى المهيمنة.
صحيح أن اليمن، كغيره من دول المنطقة، يعاني من الاستبداد السياسي. لكن هذا الواقع المؤسف لا يشكّل بأي حال من الأحوال مبررًا مشروعًا للتدخل العسكري الأجنبي، أو الخنق الاقتصادي، أو التدمير المنهجي لحياة المدنيين. ولو كان الاستبداد هو حقًا موضع القلق، لكان الأولى مساءلة المعتدين أنفسهم، وهم من أكثر الأنظمة قمعًا أو تواطؤًا مع القمع العالمي.
إنَّ الذي يميز اليمن ليس طبيعة نظامه الداخلي، بل رفضه الامتثال للنظام الدَّوْليّ القائم. إن موقفه المعلن من القضية الفلسطينية — ورفضه للتطبيع أو الصمت أمام الاحتلال والتطهير العرقي والعنف البنيوي — جعله هدفًا لتلك القوى التي تعتبر الطاعة أعلى القيم، والمقاومة جريمة. وفي عالم يُكافأ فيه الخضوع وتُعاقَب فيه الممانعة، أصبح اليمن "قابلًا للاستغناء عنه".
إن صمت المجتمع الدَّوْليّ — بل وتواطؤه الصريح أحيانًا — ليس أمرًا مفاجئًا، لكنه يظل مدعاة للقلق العميق. فالتاريخ يُخبرنا أن العنف، حين يخدم مصالح القُوَى الكبرى، يُتجاهل أو يُبرر أو يُقدَّم في ثوب "العمل الإنساني".
الطريق إلى السلام في الشرق الأوسط لا يمر عبر تدمير دولة ذات سيادة أخرى، بل يبدأ بمعالجة الجذور الحقيقية للظلم، وفي مقدمتها النكبة المستمرة للشعب الفلسطيني.
اليمن اليوم يقف على مفترق تاريخي. لا يحتاج إلى مزيد من القنابل، ولا مزيد من العقوبات، ولا مزيد من العزلة أو الشيطنة. ما يحتاجه على وجه العجلة هو مسار حقيقي لبناء السلام، ومساعدات إنسانية عاجلة لسكانه المنكوبين، وعملية سياسية تُمثّل إرادة اليمنيين أنفسهم، لا رغبات القوى الإقليمية أو الدولية كالسعودية، والإمارات، وإيران وغيرها.
وعليه، فإننا نطالب بـ:
• وقف فوري لجميع أشكال العدوان على اليمن — العسكرية والاقتصادية والسياسية.
• إيصال المساعدات الإنسانية دون قيود إلى المدنيين المتضررين من الحرب والحصار.
• احترام سيادة اليمن الكامل وحق شعبه في تقرير مصيره السياسي دون أي تدخل خارجي.
• دعم دَوْليّ حقيقي لمسار المصالحة الوطنية، وإعادة الإعمار بعد الحرب، وتأسيس نظام سياسي شامل وتمثيلي.
لقد فات أوان التصريحات الجوفاء والغضب الانتقائي.
اللحظة تتطلب موقفًا مبدئيًا — من أجل العدالة، ومن أجل السلام، ومن أجل كرامة الإنسان.
اليمن لا يحتاج إلى حرب جديدة تُخطّط في عواصم بعيدة.
إنه يحتاج إلى تضامن لا يُقدَّم كمنّة، بل كاعتراف بإنسانيتنا المشتركة.
يحتاج إلى استقرار نابع من السيادة، لا مفروضًا بالإكراه.
يحتاج إلى أمل، لا من وعود الأقوياء، بل من عزيمة شعبه على الحياة بكرامة.