-غياب قاعدة بيانات دقيقة لمحامي البصرة وأثره على مشاريع تخصيص الاراضي -
سجاد خماس الساعدي
2025 / 5 / 2 - 20:33
منذ سنوات، تتكرر المطالبات الرسمية والشعبية بضرورة إنصاف شريحة المحامين في محافظة البصرة، عبر تخصيص قطع أراضٍ سكنية لهم، أسوة بباقي الفئات المهنية التي نالت حقوقها عبر قرارات وتشريعات متعاقبة. ورغم عدالة هذا المطلب، إلا أن هناك عائقاً محورياً يقف حجر عثرة أمام أي تقدم فعلي في هذا الملف، ألا وهو غياب قاعدة بيانات دقيقة ومنظمة للمحامين المستحقين.
إن المطالبة بحقوق مهنية مشروعة، كالسكن، لا تكفي وحدها لتحقيق النتيجة المرجوة. فالدولة، بطبيعة حالها، لا تتعامل مع الخطابات العاطفية أو الشعارات العامة، بل مع الأرقام والمستندات والمعايير الدقيقة. ومن هنا، تتجلى أهمية إنشاء قاعدة بيانات حديثة وموثقة تشمل جميع المحامين في البصرة، وتُصنّفهم حسب الحالة المهنية والاجتماعية والسكنية.
غياب هذه القاعدة يفرغ المطلب من محتواه، ويمنح الجهات الحكومية مبرراً حقيقياً للتأجيل أو الرفض، بحجة عدم وضوح الأعداد أو انعدام المعايير الدقيقة. كما أن هذا الغياب يفتح الباب أمام التلاعب أو إدخال أسماء غير مستحقة، ويُفقد المطالبة مصداقيتها أمام الرأي العام.
لا يخفى أن بناء قاعدة بيانات دقيقة لا يُعد عملاً معقداً، بل هو مسألة إرادة وتنظيم. إذ يكفي أن تبادر نقابة المحامين في البصرة إلى تشكيل لجنة فنية مؤقتة، تفتح باب التسجيل الإلكتروني وفق استمارة موحدة، تتضمن معلومات أساسية كرقم القيد، سنة التخرج، الوضع السكني الحالي، الحالة الاجتماعية، ورقم الهاتف. بعد ذلك، يُصار إلى تدقيق هذه البيانات بالتعاون مع دائرة التسجيل العقاري ودوائر البلدية، لضمان عدم التكرار أو التزوير.
ومن ثم، يمكن اعتماد هذه القوائم كأساس قانوني لأي تفاوض أو مطالبة أمام الحكومة المحلية أو الاتحادية. وبدون ذلك، فإن كل حديث عن تخصيص أراضٍ للمحامين سيبقى مجرد رجع صدى، لا يُسمع إلا في أروقة النقابة أو قاعات المؤتمرات.
إنني، كمحامٍ من أبناء هذه المدينة، أُناشد زملائي في مجلس النقابة وهيئة انتداب البصرة إلى التحرك الجاد والمنظم، ووضع هذا الملف ضمن أولويات العمل النقابي، ليس بوصفه مطلبًا ترفيهيًا، بل كاستحقاق قانوني وإنساني لشريحة خدمت العدالة لسنوات طويلة.
المحامي سجاد الساعدي
غرفة محامي البصرة