يا عمال العالم، اتحدوا!
منذر علي
2025 / 5 / 2 - 00:27
أيها العمّال، أيتها العاملات، يا أبناء الطبقة الكادحة في كل مكان، هذا هو نداء التاريخ، هذا هو صوت الشقاء الذي تمخّض عن قرون من القهر الطبقي والاستغلال، هذا هو صراخ الجماهير التي أثقلتها سلاسل العمل القسري، والبطالة، والفقر، والتمييز، والاغتراب الاجتماعي.
اتحدوا ضد رأس المال الجشع، ضد القوى التي لا ترى في الإنسان إلا أداة إنتاج، ولا في الشعوب إلا حقولًا للنهب، ولا في الأرض إلا ساحة للهيمنة العسكرية والاقتصادية.
يا عمّال العالم، إنَّ الرأسمالية العالمية، وقد وصلت مرحلة احتكارها الأعلى، لم تعد تسعى فقط إلى استغلال قوة عملكم، بل إلى هدم شروط الحياة ذاتها: بالتدمير البيئي، بالنهب، بالحروب العدوانية، بالتوسع العسكري، وبالتهديد النووي الذي يخيّم فوق رؤوس البشرية جمعاء.
إنَّ الإمبريالية، وقد تحالفت مع الصهيونية والفاشية الجديدة، تسعى إلى فرض نظامها العالمي الحديدي، حيث لا مكان للضعفاء، ولا صوت للفقراء، ولا كرامة للشعوب الواقعة تحت نير العبودية الاستعمارية الجديدة، ولا حرية للطبقات المضطهدة.
يا عمال الأمة العربية،
إنَّ قضيتكم ليست فقط في أوطانكم المُستباحة وسيادتكم المفقودة، وثرواتكم المنهوبة، ومصانعكم المغلقة، ومزارعكم الملوثة بالسموم والنفيات، ولا في أجوركم المسروقة، بل في الأنظمة الرجعية التابعة للإمبريالية التي تُكَمِّم أفواهكم، وتصادر حريتكم، وتحتل جزركم وموانئكم، وتجوِّعِكم، وتقتلكم، وتبيع قضيتكم المركزية — فلسطين — في أسواق التطبيع الرخيص مع دولة الكيان الصهيوني الغاصب.
ها هي الصهيونية، المدعومة من الإمبريالية، تواصل مشروعها الاستيطاني التوسعي، لا في فلسطين وحدها، بل في سوريَا ولبنان، مستندة إلى خطاب توراتي عنصري، ومدعومة من تيارات مسيحية يمينية تؤمن بتفوقها الإلهي المزعوم.
وفي المقابل، تصطف الأنظمة العربية العميلة، لا إلى جانب شعوبها، بل إلى جانب الجلاد الصهيوني، تحاصر غزة، وتمنع الغذاء عن أطفالها، وتخنق أنفاس المقاومين، وتدعم الإبادة الجماعية باسم "الشرعية الدولية" و"السلام الإقليمي".
يا عمال اليمن الأحرار،
إنكم تواجهون اليوم أعتى صور التبعية والاستغلال والتفتيت.
إنّ العملاء الذين يحكمونكم باسم القبيلة، ويُشرّعون الطائفية، ويُقدّسون الجهوية، ويبررون العدوان الخارجي عليكم ليسوا سوى أدوات طيّعة في يد القُوَى الإمبريالية والرجعية الإقليمية.
هؤلاء لا يمثّلون الشعب اليمني، بل يمثلون مصالحهم الطبقية الضيقة، ويبيعون الوطن قطعة قطعة: يبيعون النفط، ويبيعون السيادة، ويفرطون بالأرض ويبيعون دماء الفقراء، في مقابل حفنة من الدولارات.
يا عمال اليمن،
إنكم لا تواجهون جماعة أو فصيلًا، بل تواجهون بنية كاملة من القهر والتبعية، قوامها تحالف بين رأس المال المحلي الفاسد، والمشيخات السياسية، والأذرع الطائفية، والدول الإقليمية المتصارعة فوق أرضكم وعلى جثثكم ومستقبل أولادكم. لقد جعلوا من اليمن ساحة حرب مفتوحة، لا لتقرير مصير الشعب اليمني، بل لتحصيل النفوذ، وتمرير المشاريع الاستعمارية الجديدة.
لكنكم، يا عمال اليمن، لستم وحدكم في ساحة المعركة الطبقية من أجل تقويض الاستغلال ونيل الحرية وصيانة السيادة الوطنية وتحقيق العدالة والكرامة، بل تشاطرون الشعوب الأخرى في العالم في نضالها المشروع. ولذلك، فأن الواجب الكفاحي يقتضي أن تتحدوا مع عمال العالم الأحرار، مع الشعوب التي تكافح ضد القواعد العسكرية، وضد شركات النفط، وضد البنوك العابرة للقارات، وضد المنظومات الإعلامية التي تصنع الزَّيف وتروّج للاستسلام.
اتحدوا في سبيل العدالة الاجتماعية، والحرية السياسية، والمساواة الاقتصادية والقانونية والوحدة والتقدم، وفي سبيل وطن لا يُحكم من الخارج، ولا يُدار بمنطق الغنيمة، بل يُبنى بإرادة أبنائه.
يا عمال اليمن والعالم،
قفوا صفًا واحدًا ضد أعداء الحياة، ضد من يموّل الحروب، ويصنع الجوع، ويقنن الفقر، ويشرْعِن الظلم، ويبرر الاحتلال والعنصرية والإبادة الجماعية.
تضامنوا مع فلسطين، لا بوصفها أرضًا مغتصبة فحسب، بل بوصفها رمزًا لكل نضال ضد الهيمنة الإمبريالية والصهيونية، وضد الفصل العنصري، وضد استعباد الشعوب.
ارتقوا بوعيكم، وتحرروا من الحنين إلى الأوهام الطائفية المتوارثة من التاريخ، وواجهوا الحقيقة: لا خلاص لليمن، ولا لفلسطين، ولا لسوريا، ولا للبنان، ولا للعراق، ولا لليبيا، ولا للسودان، ولا لأي شعب مضطهد، إلا بتحطيم البنية الطبقية التي تستعبد الإنسان لرأس المال، وتجعل الوطن مزرعة لأصحاب الشركات النفطية الرأسماليين، الذين يستغلون الشعوب وينهبونها. تحرروا من الدين الرسمي، دين الحكام، ومن الأيديولوجية الليبرالية، وكل الأدوات التي تبرر الهيمنة الطبقية وتسوّغ السيطرة الإمبريالية والصهيونية على العالم العربي.
إنكم لا تملكون إلا أن تنهضوا. وإنكم إن ناضلتم، فلن تخسروا سوى سلاسل عبوديتكم، وهوانكم، وبؤسكم التاريخي. لكنكم ستربحون: الحرية، والكرامة، والعدالة، والتقدم، لا لأنّ أحدًا سيمنّ بها عليكم، بل لأنكم أنتم من يصنعها.
يا عمال العالم،
يا محرومي الأرض، يا من لا تملكون إلا أجسادكم وإرادتكم،
اتحدوا، فأنتم الأغلبية، وأنتم القوّة الضاربة التي من شأنها أن تغيِّر الأوضاع البائسة إلى الأفضل، وتفتح أفقًا جديدًا لعالم خال من القهر والاستغلال، حيث تتقدم الشعوب وتزدهر الإنسانية.