ملاحظات على مسيرة الأول من آيار
طارق فتحي
2025 / 5 / 1 - 22:11
كالعادة فقد أحيت بعض القوى اليسارية ومنظمات المجتمع المدني مناسبة الأول من آيار يوم العمال العالمي، وقد بدا التجمع باكرا عتد الساعة التاسعة صباحا في ساحة الفردوس والانطلاق نحو ساحة التحرير، رغم درجات الحرارة العالية جدا، الا ان الحضور كان جيدا، وعندما نقول "جيد" فأننا نأخذ بعين الاعتبار ان من يحكم البلد هي قوى الإسلام السياسي والقومي، وهذه القوى قد طبعت مفاهيمها على المجتمع، لهذا فأن أي حضور شيوعي هو جيد ان لم نقل ممتاز، فهذه الفترة هي من أحلك الفترات التي تمر على العراق.
غياب وحضور:
غابت النقابات والاتحادات العمالية بشكل تام عن المسيرة، وهذا الغياب طبيعي جدا، بسبب ان هذه النقابات والاتحادات الموجودة حاليا منعزلة عن الحركة العمالية تماما، فهي لا تشارك ولا تدعو ولا تحرض ولا تنظم ولا تتدخل في أي حراك عمالي.
بالمقابل فقد كان هناك حضور نسوي لا بأس به، أفضل من الأعوام السابقة، فرغم الهجمة المسعورة التي تقودها قوى الإسلام السياسي الرجعي والظلامي على المرأة، الا ان تواجدها كان ملفتا، بل ان بعض الكلمات التي ألقيت في ساحة التحرير كانت بصوت النساء.
سلم الرواتب والعزلة
كانت تنسيقية الأول من آيار قد تحدثت مع حركة سلم الرواتب، بأن تكون المسيرة موحدة، الا ان المسيطرين على قرار هذه الحركة هم مجموعة تابعة للميليشيات، لهذا رفضوا تماما ان يتوحدوا مع المسيرة، وقد تواجدوا في ساحة التحرير، وكانت هذه الممارسة خطأ ارتكبته قيادة حراك سلم الرواتب، وهو ما سبب في عزلتهم أكثر، هذه الحركة بقيت تراوح مكانها بسبب التخبط والفوضى وعدم وجود سياسة عمالية واضحة، وكل هذا ناتج عن وجود قيادة تأتمر بأوامر الميليشيات، لهذا لن تنجح هذه الحركة بتحقيق أهدافها.
رايات واعلام وهتافات
لا تعرف ما الحكمة في حمل "العلم العراقي" بمناسبة كهذه؟ قوى يسارية معروفة تصر على توزيع العشرات من هذا العلم على مؤيديها واعضاؤها؛ حبك لبلدك لا يقتصر على علم، خصوصا وان العلم الحالي يرمز للكثير من القضايا الدينية والقومية، ويرمز لحقب تاريخية مريرة، ويثير الكثير من الذكريات الموجعة؛ ثم ان المناسبة لها علمها ورايتها العالمية، وعلم الأول من أيار هو تجسيد حي للتلاحم الطبقي والاممي، فضلا عن كل ذلك فأن "العلم العراقي" الحالي لا يرفع في الكثير من المدن، بسبب تاريخه الدموي. اما بالنسبة للهتافات والاهازيج والاغاني فالحقيقة ان الطبقة العاملة في العراق تحتاج لشعراء وملحنين وفنانين جدد لمواكبة الحياة وتطوراتها، ولا تبقى رهينة اهازيج واغاني لمراحل تاريخية مضت.
السلطة وقمعها
عند وصول المحتفلين لساحة التحرير، تفاجأوا بوجود المئات من قوات "حفظ النظام"، قوات ملثمة تعكس وجه السلطة الميليشياوي، أرادوا ان يثيروا أي احتكاك بالمحتفلين، بدأوا يثيروا الحجج والذرائع، قالوا يجب عليكم ان تقفوا في هذه الزاوية من ساحة التحرير فقط، ممنوع ان تنتشروا في كل الساحة.
قوات حفظ النظام هذه هي من أسوأ ما انتجته وخلقته قوى الإسلام السياسي، انهم خلاصة القبح والاجرام، جمعوهم بشكل انتقائي، واهم صفة فيهم انهم اميون تماما، هذه الصفة وحدها جعلتهم اشبه بالروبوتات.
في النهاية
نهنئ الطبقة العاملة في العراق والعالم بيومها الاغر، ونتمنى لها ان تحقق وتنجز يوما ما للبشرية عالم أفضل من هذا العالم الرأسمالي القبيح والقذر.