حول انتخابات نقابة الصحفيين.. والصحافة الإلكترونية


سليم صفي الدين
2025 / 4 / 27 - 18:47     

أكتب... بِقَلَمٍ يَئِنُّ وَوَجَعٍ عَتِيق، وَذِهْنٍ شَارِدٍ وَخَوْفٍ مُسْتَطِير، وَتَسَاؤُلَاتٍ مُلِحَّة!
كُنْتُ يَوْمًا مَا مُتَيَّمًا بِالصَّحَافَة، لَا أُمَارِسُهَا بَلْ كُنْتُ مُتَيَّمًا بِفكرةِ الانْتِمَاءِ إِلَى هَذِهِ الْحِرْفَةِ الَّتِي احْتَرَفَهَا نُخْبَةُ الْقَوْمِ عَلَى مَرِّ تَارِيخِ صَرْحِ "سَاحِرَةِ الْكَلِمَة".

لَمْ أَكُن قَد أُكْمِلْتُ عِقْدِي الثَّانِي بَعْد، وَكُنْتُ أَسِيرًا لِمَقَالَاتِ سَمِير رَجَب، وَإِبْرَاهِيم نَافِع، وَعَبَّاس الطَّرَابِيلِي، وَنُعْمَان جُمُعَة، وَإِبْرَاهِيم عِيسَى، وَهَيْكَل، وَغَيْرِهِمْ كَثِيرٌ مِنْ أَرْبَابِ الْقَلَمِ اللَّامِع، ذَوِي الْمَعَانِي الْغَزِيرَة، وَالْمُصْطَلَحَاتِ الرَّنَّانَة، الَّتِي أَسَرَنِي بَرِيقُهَا. نَعَمْ، كُنْتُ أَقْرَأُ لِلْجَمِيعِ مِنْ الْيَسَارِ إِلَى الْيَمِين، وَحَتَّى أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَانِدُونَ النِّظَام، لَمْ أَكُنْ أَفْهَمُ كَثِيرًا مِمَّا أَقْرَأُهُ بِحُكْمِ حَدَاثَةِ سِنِّي وَضَخَامَةِ الْمُصْطَلَحَاتِ السِّيَاسِيَّةِ آنَذَاك، وَلَكِنَّ مَقَالَاتِهِمْ أَدَّبَتْ قَلَمِي، وَتَعَلَّمْتُ مِنْهَا فُنُونَ صِيَاغَةِ الْمَقَال. وَعِنْدَمَا وَلَجْتُ عَالَمَ الْفَلْسَفَة، وَتَوَسَّعَتْ مَدَارِكِي، انْفَتَحَتْ آفاقِي وَانْطَلَقْت... تِلْكَ الانْطِلَاقَةُ جَعَلَتْنِي أَخُطُّ حُرُوفِي فِي الْعَدِيدِ مِنَ الْمَوَاقِعِ الْإِخْبَارِيَّةِ الْمِصْرِيَّةِ الْمُخْتَلِفَة، حَتَّى تَعَرَّفْتُ إِلَى رَئِيسِ تَحْرِيرِ جَرِيدَةٍ مِصْرِيَّةٍ خَاصَّة، وَحِينَمَا الْتَقَيْنَا حَذَفَ لِي مَقَالًا نُشِرَ عَبْرَ مَوْقِعِ جَرِيدَتِهِ بِنِصْفِ سَاعَةٍ فَقَطْ - لَنْ أَذْكُرَ اسْمَ الْمَقَال، رَغْمَ أَنَّهُ مَا زَالَ مَنْشُورًا، لِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ اعْتِقَالِي لِلْمَرَّةِ الثَّانِيَة -، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقَالَ لَا يَتَنَاسَبُ مَعَ السِّيَاسَةِ التَّحْرِيرِيَّةِ وَوَضْعِ الْبِلَادِ آنَذَاك. وَانْتَهَى بِنَا اللِّقَاءُ بِأَنَّنِي صُحُفِيٌّ بِالْفِطْرَة، وَلَا يَجُوزُ لِي أَنْ أَعْمَلَ بِأَيِّة مِهْنَةٍ أُخْرَى -بِحَسَبِ تَعْبِيرِهِ - وَمِنْ وَقْتِهَا وَقَعْتُ فِي أَسْرِ عِشْقِ أَصْعَبِ صِنَاعَةٍ حِرَفِيَّةٍ فِي رَأْيِي.
لَمْ يَمْضِ طَوِيلًا حَتَّى تَبَيَّنَ لِي أَنَّ الصِّحَافَةَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تُتَّخَذَ كَمِهْنَةٍ رَائِقَةٍ لِمَنْ يَعْمَلُ بِفِكْرٍ مُتَجَدِّدٍ -إِنْ جَازَ التَّعْبِير- فَهِيَ قَلِيلَةُ الْجَدْوَى عَلَى مَنْ يَسْعَى بِعَقْلٍ مُتَطَوِّرٍ يَتَنَاسَبُ مَعَ الْأَلْفِيَّةِ الْجَدِيدَةِ الَّتِي انْتَقَلَتْ بِهَا الصِّحَافَةُ مِنْ رُقْعَةِ الْوَرَقِ إِلَى سَطْحِ الْمُحْمُولِ وَالشَّاشَةِ، وَفَيَّاضَةُ الْعَطَاءِ لِمَنْ يُحْسِنُ الْوُصُولَ إِلَى مَكَامِنِ الْقُوَّةِ فِيهَا. حَاوَلْتُ التَّنَقُّلَ بَيْنَ أَرْوِقَةِ الْجَرَائِدِ -وَأُشِيرُ هُنَا إِلَى الْجَرَائِدِ الْوَرَقِيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ- لِتَكْوِينِ أَرْشِيفٍ سَرِيعٍ يُمَكِّنُنِي مِنَ الْحُصُولِ عَلَى عُضْوِيَّةِ النِّقَابَة، وَلَكِنِّي اكْتَشَفْتُ أَنَّ الْأَرْشِيفَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ إِلَّا إِذَا كَانَ مِنْ خِلَالِ جَرِيدَةٍ تَعْمَلُ وَفْقَ إِطَارٍ قَانُونِيٍّ مُعَيَّن، وَتَسْتَمِرُّ فِي طَبْعِ أَعْدَادٍ وَرَقِيَّة! سَنَتَطَرَّقُ إِلَى هَذَا الْخَطَأِ الْفَادِحِ فِي رَأْيِي فِي خَاتِمَةِ الْمَقَال.

فَاضْطُرَرْتُ إِلَى الْبَقَاءِ فِي الْجَرِيدَةِ الَّتِي كَانَتْ مَهْدًا لِي لِلْوُلُوجِ إِلَى عَالَمِ الصِّحَافَة، بِمَا يُعْرَفُ بِنِظَامِ "الْمُكَافَأَة" لَا الرَّاتِب! كُنْتُ أَتَقَاضَى آنَذَاكَ مُكَافَأَةً تُعَادِلُ خَمْسَمِائَةِ جُنَيْه، وَحِينَمَا قَرَّرَ رَئِيسُ التَّحْرِيرِ وَالسَّادَةُ رُؤَسَاءُ مَجْلِسِ الْإِدَارَةِ تَرْقِيَتِي، تَفَضَّلُوا عَلَيَّ بِمِنَّةِ زِيَادَةٍ مَادِّيَّةٍ ضَخْمَةٍ فِي مُكَافَأَتِي الشَّهْرِيَّةِ تُعَادِلُ مِائَتَيْ جُنَيْه! أَيْ أَنَّ الْمُكَافَأَةَ أَصْبَحَتْ سَبْعَمِائَةِ جُنَيْهٍ بِتَمَامِهَا! لِي وَحْدِي! وَكَرَمًا مِنْ صَدِيقِي الْعَزِيزِ الْمُهَنْدِسِ النَّاصِرِيِّ "جَمَال عَبْد النَّاصِر" الَّذِي يَعْمَلُ بِإِحْدَى دُوَلِ الْخَلِيجِ الْعَرَبِيّ، تَوَسَّطَ لِي عِنْدَ نَائِبِ رَئِيسِ تَحْرِيرِ جَرِيدَةِ الْيَوْمِ السَّابِع، وَالَّذِي حِينَ لَقِيَنِي قَالَ لِي: "أَنْتَ صُحُفِيٌّ قَصَّاص، وَهَذَا الْنَّوْعُ نَادِرٌ الْآن، وَكَذَلِكَ حَبْكَةُ رِوَايَاتِكَ آسِرَة، يَا لَيْتَكَ تُرَكِّزُ عَلَى هَذَا الْجَانِب"، وَأَرْسَلَنِي إِلَى رَئِيسِ تَحْرِيرِ "دَارِ الْهِلَال"، وَحِينَمَا كَانَ يُحَادِثُهُ وَأَنَا بِجِوَارِه، قَالَ لَهُ "صُحُفِيٌّ مِنْ جَمَاعَتِكُمْ، قَصَّاصٌ وَأَنْتَ بِحَاجَةٍ إِلَيْه"، وَأَرْسَلَ لَهُ بَعْضًا مِنْ أَعْمَالِي وَكِتَابَاتِي، وَذَهَبْتُ إِلَيْهِ بَعْدَ أَيَّام.
لَا أُبَالِغُ حِينَ أَقُولُ إِنَّهُ تَحَدَّثَ عَنِّي وَعَنْ كِتَابَاتِي بِفَيْضٍ مِنَ الْمَدْح، حَتَّى أَنَّنِي شَعَرْتُ بِأَنَّ هَيْكَل قَدْ بُعِثَ مِنْ جَدِيدٍ فِي شَخْصِي، لَمْ تَخْبُ نَشْوَةُ الِابْتِسَامَةِ عَنْ مُحَيَّاي، وَشُعُورُ الْفَخْرِ كَذَلِك، وَحِينَ انْتَهَى مِنْ إِطْرَائِي وَشَرَحَ بَعْضَ النِّقَاطِ فِي الْعَمَلِ قَالَ: "لَازِمْ تُقَاتِلْ عِشَانْ شُغْلَكَ يِتْنِشِر" -لَمْ أَفْهَمْ لَكِنْ أَوْمَأْتُ بِالْمُوَافَقَة- وَجَاءَتِ الطَّعْنَة... حِينَ اسْتَكْمَلَ حَدِيثَهُ لِيُخْبِرَنِي أَنَّنِي لَنْ أَتَحَصَّلَ عَلَى رَاتِب، إِنَّمَا مُكَافَأَةً بِوَاقِعِ خَمْسِمِائَةِ جُنَيْه! وَكَانَ مُبَرِّرُهُ أَنَّنِي سَوْفَ أَحْظَى بِفُرْصَةٍ لِدُخُولِ نِقَابَةِ الصَّحَفِيِّينَ فِي وَقْتٍ وَجِيز. الْجَزَرَةُ الَّتِي كَانَتْ تُعَلَّقُ لِكُلِّ الصَّحَفِيِّينَ غَيْرِ الْمُقَيَّدِينَ آنَذَاك. طَالَتْنِي خَيْبَةُ أَمَلٍ عَمِيقَة، وَلَكِنْ لَا مَفَر، إِمَّا أَنْ أَسْتَمِرَّ فِي الْعَمَلِ الصَّحَفِيِّ بِتِلْكَ الشُّرُوطِ الْمُهِينَة -وَأُعَبِّرُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ فِي الْوَقْتِ الْحَالِيّ، بَعْدَمَا تَخَلَّصْتُ مِنْ حُبٍّ مَرَضِيٍّ قَاتِل- وَإِمَّا أَنْ أَرْحَل. اخْتَرْتُ الْبَقَاء، خَرَجْتُ مِنْ مَكْتَبِهِ إِلَى صَالَةِ تَحْرِيرٍ ضَيِّقَةٍ جِدًّا -رَغْمَ اتِّسَاعِ مِسَاحَةِ دَارِ الْهِلَال- وَكَانَ كُلُّ زُمَلَائِي -الشَّابُّ فِيهِمْ- يَقْتَرِبُ عُمْرُهُ مِنَ الْخَمْسِينَ عَامًا! وَهُنَا يَجِبُ أَنْ أُوَضِّحَ أَمْرًا مُهِمًّا، أَنَّ الْعُمْرَ لَيْسَ مِقْيَاسًا أَبَدًا لِلتَّقْدِيرِ وَالِانْفِتَاحِ الْفِكْرِيِّ وَالتِّكْنُولُوجِيّ، وَلَكِنْ "وَاآهَيْنِ مِنْ وَلَكِن" جَلَسْتُ بِجِوَارِ رَجُلٍ أَظُنُّهُ سِتِّينِيًّا، قَالَ لِي: "بِتِعْرَفْ تِفْتَحْ لَوْحَة تَحَكُّم مَوْقِع الدَّار؟" - سُؤَالٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّه- فَأَجَبْتُ بِلَا، فَاسْتَكْمَلَ حَدِيثَهُ "حَرْفِيًّا": "أَنْتَ حَتِفْتَحْ جُوجِل، وَتِكْتِبْ عَلَيْهِ دَار الْهِلَال، وَبَعْدِينْ تِدْخُلْ عَلَى أَوَّل رَابِط، وَبَعْد كِدَهْ تُسَجِّلْ دُخُولْ عِشَانْ تِدْخُلْ عَلَى لَوْحَة التَّحَكُّم!" مَوْقِعٌ كَبِير، لِمُؤَسَّسَةٍ مِصْرِيَّةٍ عَرِيقَة، أَثْرَتِ الشَّارِعَ الْعَرَبِيَّ كُلَّهُ بِالثَّقَافَةِ وَالْفَنِّ وَالْإِبْدَاعِ "الْأَدَبِيِّ، وَالثَّقَافِيِّ، وَالْفِكْرِيّ" هَذَا حَالُ الْعَامِلِينَ بِه؟! وَحِينَئِذٍ وَقَبْلَ كُلِّ مَا حَكَيْتُه، تَصَفَّحْتُ مَوْقِعَ الدَّار، فَوَجَدْتُ أَغْلَبَ الْأَقْسَامِ لَمْ تُحَدَّثْ مُنْذُ أَيَّام، وَالْبَعْضُ أَسَابِيع، وَالْبَعْضُ أَشْهُر، وَبِالطَّبْعِ عَرَفْتُ السَّبَب، وَعَرَفْتُ أَيْضًا لِمَاذَا يَجِبُ أَنْ أُقَاتِلَ مِنْ أَجْلِ نَشْرِ شُغْلِي!

فِي تِلْكَ الْفَتْرَةِ عَمِلْتُ بِالْعَدِيدِ مِنَ الْمَوَاقِعِ الْإِخْبَارِيَّةِ الْإِلِكْتُرُونِيَّة، كَانَ مِنْ بَيْنِهِمْ مَوْقِعٌ سَعُودِيّ، وَلَكِنْ مَهْمَا عَمِلْتُ فِي مَوْقِعٍ أَوِ اثْنَيْنِ أَوْ مِائَةِ أَلْفِ مَوْقِعٍ إِلِكْتُرُونِيّ، وَمَهْمَا قُمْتُ بِالْعَدِيدِ مِنَ التَّقَارِيرِ وَالتَّحْقِيقَاتِ وَالْحِوَارَاتِ الصَّحَفِيَّة، فَأَنَا عِنْدَ نِقَابَةِ الصَّحَفِيِّينَ وَبِوَاقِعِ الْقَانُونِ "لَسْتُ صُحُفِيًّا، وَلَنْ أَكُون" وَالْحَلُّ الْوَحِيدُ يَكْمُنُ فِي خُضُوعِي إِلَى مَذَلَّةِ الْـ 500 جُنَيْهٍ مُكَافَأَة، حَتَّى أَسْتَطِيعَ دُخُولَ نِقَابَةِ الصَّحَفِيِّين! ظَلَلْتُ أَعْمَلُ بِالْجَرِيدَةِ الْأُولَى الَّتِي دَخَلْتُ مِنْهَا عَالَمَ الصِّحَافَةِ لِفَتْرَةٍ كَبِيرَة -لَا أَتَذَكَّرُ الْمُدَّةَ بِالتَّحْدِيد- وَجَاءَ الْيَوْمُ الَّذِي انْتَظَرْتُه، الْجَرِيدَةُ "كُوِّدَتْ" فِي النِّقَابَة -وَبِحَسَبِ مَا عَرَفْتُ حِينَئِذٍ- أَنَّهَا تَسْتَطِيعُ تَقْدِيمَ 30 صُحُفِيًّا إِلَى النِّقَابَة. كَانَ عَدَدُ الصَّحَفِيِّينَ الْعَامِلِينَ بِالْجَرِيدَةِ بِنِظَامِ الْمُكَافَأَةِ لَا يَتَعَدَّى 11 صُحُفِيًّا، أَنَا مِنْ بَيْنِهِمْ، وَبِمَا أَنَّ عَلَاقَتِي -حِينَئِذٍ- لَمْ تَكُنْ عَلَى مَا يُرَامُ مَعَ الْإِدَارَة، أَوْ تَحْدِيدًا مَعَ شَخْصِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي الْإِدَارَة، لَمْ أَكُنْ مِنْ ضِمْنِ الْمُقَدَّمِ أَورَاقُهُمْ! وَهُنَا سُؤَالٌ مَطْرُوح: إِنْ قَدَّمَتِ الْجَرِيدَةُ الْـ 10 صُحُفِيِّينَ الْبَاقِينَ بَعْدَ رَفْضِ تَقْدِيمِي، أَيْنَ ذَهَبَ الْـ 20 مَقْعَدًا الْآخَرِينَ؟! مَا طَرَحَ عَلَى عَقْلِي كُلَّ تِلْكَ الذِّكْرَيَاتِ الَّتِي لَا أَجِدُ مِنْ بَيْنِهَا ذِكْرَى وَاحِدَةً لَطِيفَة، هِيَ انْتِخَابَاتُ نِقَابَةِ الصَّحَفِيِّينَ الَّتِي تُجْرَى حَالِيًّا. وَالَّتِي يَكْتُبُ عَنْهَا الصَّحَفِيُّونَ، بِحَمَاسٍ شَدِيدٍ لِنَجَاحِ نَقِيبٍ دُونَ آخَر، فَتَسَاءَلْت: مَا الْفَائِدَةُ مِنْ نَجَاحِ فُلَانٍ عَلَى حِسَابِ عِلَّان؟ مَا الَّذِي فَعَلَهُ النَّقِيبُ الْفُلَانِيّ؟ وَمَا هِيَ خُطَّتُه، أَوْ خُطَّةُ غَيْرِه؟ دَائِمًا مَا نَتسَائَلُ عَنِ الْمَشْرُوعِ الِانْتِخَابِيِّ لِلْمُرَشَّحِينَ لِرِئَاسَةِ مِصْر، وَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَسْأَلُ عَنْ مَشْرُوعٍ انْتِخَابِيٍّ لِلَّذِينَ يَتَصَارَعُونَ لِلْوُصُولِ لِكُرْسِيِّ نِقَابَةِ الصَّحَفِيِّين؟

الصِّحَافَةُ الْإِلِكْتُرُونِيَّةُ الَّتِي تَقُومُ عَلَيْهَا صِحَافَةُ الْعَالَمِ كُلِّه، وَالَّتِي وَصَلَ فِي مِصْرَ عَدَدُ الْعَامِلِينَ بِهَا إِلَى قَرَابَةِ 200.000 صُحُفِيّ، لَا حَقَّ لَهُمْ فِي اخْتِيَارِ النَّقِيب، أَوْ حَتَّى الِانْتِمَاءِ لِلنِّقَابَة، وَهَذَا لِمَاذَا؟ "لِأَنَّ بِبَسَاطَةٍ هَؤُلَاءِ الصَّحَفِيِّينَ لَيْسَ لَهُمْ أَرْشِيفٌ وَرَقِيّ! فِي الْوَقْتِ الَّذِي -بِكُلِّ بَسَاطَة- اسْتَطَاعَتِ الْمُتَرْجِمَةُ وَالْأَدِيبَةُ فَاطِمَة نَاعُوت، تَقْدِيمَ أَورَاقِ اعْتِمَادِهَا إِلَى نِقَابَةِ الصَّحَفِيِّين، وَفِي بِدَايَةِ الْأَمْرِ قُيِّدَتْ فِي جَدْوَلِ "تَحْتَ التَّمْرِين" وَهَذَا لِمَاذَا؟ لِأَنَّ نَاعُوت، تَمْتَلِكُ أَرْشِيفًا وَرَقِيًّا، لِمَجْمُوعَةٍ كَبِيرَةٍ مِنْ مَقَالَاتِ الرَّأْيِ وَالنَّقْد، وَالَّتِي لَمْ تَحْتَوِ عَلَى عَمَلٍ صَحَفِيٍّ وَاحِدٍ مِثْل "خَبَرٍ أَوْ تَقْرِيرٍ أَوْ تَحْقِيق... إِلَى آخِرِه" لِذَلِكَ تَعَرَّضَتْ لِكَثْرَةٍ مِنَ الرَّفْضِ وَالطُّعُونِ مِنْ قِبَلِ الصَّحَفِيِّينَ حِينَئِذٍ، وَفِي أُكْتُوبَرَ 2020 قَرَّرَتْ لَجْنَةُ الْقَيْدِ تَأْجِيلَ نَقْلِهَا إِلَى جَدْوَلِ الْمُشْتَغِلِين، وَبِحَسَبِ الْمَادَّةِ 26، سَقَطَ الْقَيْدُ عَنْهَا. بَعْدَ مُحَاوَلَاتٍ مُضْنِيَةٍ تَوَصَّلْتُ إِلَى أَنَّهُ حَتَّى أَبْرِيلَ 2025 يَبْلُغُ عَدَدُ الصَّحَفِيِّينَ الْمُقَيَّدِينَ فِي جَدْوَلِ الْمُشْتَغِلِينَ بِالنِّقَابَةِ نَحْوَ 10.224 عُضْوًا، وَهُنَا يَتَّضِحُ الْخَلَل، كَيْفَ يَكُونُ عَدَدُ الصَّحَفِيِّينَ الْمُشْتَغِلِينَ بِالصِّحَافَةِ الْإِلِكْتُرُونِيَّةِ عَلَى مَشَارِفِ الْـ 200 أَلْفِ صُحُفِيّ، وَبِكُلِّ تَأْكِيدٍ هُمْ مَنْ يُثْرُونَ الشَّارِعَ الْمِصْرِيَّ وَالْعَرَبِيَّ بِنَحْوٍ كَبِيرٍ جِدًّا، وَعَدَدُ الْمُشْتَغِلِينَ بِالنِّقَابَةِ 10.000 فَقَط؟! مَتَى يَتَحَوَّلُ الصُّحُفِيُّ الْإِلِكْتُرُونِيُّ مِنْ غَيْرِ مُعْتَرَفٍ بِهِ إِلَى نِقَابِيّ؟ مَا الْعَوَائِقُ الَّتِي تَمْنَعُ مَنْ يَقُومُونَ بِالْعَمَلِ الصَّحَفِيِّ الْأَكْبَرِ مِنْ تَحْقِيقٍ وَخَبَرٍ وَتَقَارِيرَ مَقْرُوءَةٍ وَمَسْمُوعَة، مِنْ حَقِّهِمُ الْأَصِيلِ فِي أَنْ يَكُونُوا مُشْتَغِلِينَ بِالنِّقَابَة؟ وَمَهْمَا كَانَتِ الْعَوَائِقُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَانُونِيَّةً أَوْ غَيْرَ ذَلِك، أَيْنَ دَوْرُ النَّقِيبِ أَصْلًا فِي تِلْكَ الْمَهْزَلَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ مُنْذُ بِدَايَةِ الْأَلْفِيَّةِ الْجَدِيدَة؟ نَحْوَ رُبْعِ قَرْنٍ مِنَ الزَّمَنِ لَمْ تَسْتَفِقِ النِّقَابَةُ وَلَا النِّقَابِيُّون وَلَمْ يَثُرْ أَحَدٌ لِلزُّمَلَاءِ الْمُنْكَرِينَ فِي الصِّحَافَةِ الْإِلِكْتُرُونِيَّة؟ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مُحَاوَلَات، فَلِمَاذَا لَمْ نَسْمَعْ عَنْهَا؟ لِمَاذَا يَجِبُ عَلَى مِصْرَ أَنْ تَحْضُرَ مُتَأَخِّرَةً دَائِمًا وَهِيَ مَهْدُ الْفَلْسَفَةِ وَالْعِلْمِ وَالتَّارِيخ؟!