مساع أميركية محمومة لخنق التضامن مع الشعب الفلسطيني (2من2)


سعيد مضيه
2025 / 4 / 26 - 11:47     

جبهتان تتصارعان..بالإمكان كسر الهجمة الرجعية

"حمل المشروع اسم الشخصية التوراتية إيسثر، التي يُحتفى بها في التقاليد اليهودية لإنقاذها شعبها من الإبادة الجماعية في بلاد فارس القديمة. من خلال احتواء حكاية إيسثر تهدف المبادرة رسم تناظر أخلاقي بين بقاء اليهود التاريخي وأجندات الصهيونية الحديثة، عارضة منتقدي إسرائيل تهديدًا وجوديا لسلامة اليهود"، يفسر الكاتب غاية مشروع المنظمة المسيحية الأصولية للدفاع عن الصهيونية:

يحتفظ بأهمية فائقة النظر لمشروع إيسثر ليس فقط هجوما على حركة التضامن مع فلسطين، بل كجزء من هجوم أوسع تشنه إدارة ترامب ضد الديمقراطية. هيريتيج فاونديشن، وغيرها من منظمات الضغط التابعة للمحافظين الجدد مبادرات مثل مشروع إيسثر لتوسيع وتحسين آليات قانونية فعّالة، والتي طالما استهدفت، بطاقةٍ متفوقةٍ، مجتمعات مهمّشة ونشطاء يساريين. تشمل القضايا التالية:
يدعو مشروع إيسثر لتحري المنظمات والنشطاء المؤيدين لفلسطين بصفة الممثلين لمصالح أجنبية، مما يُشكّل سابقة خطيرة لاستخدامه على نطاق أوسع ضد أي حركة تنتقد السياسة الأمريكية.
• قانون المنظمات المتنفذة والفاسدة (ريكو) انطلاقا من دمغ جماعات التضامن مع فلسطين جزءًا مما يدعى "شبكة مساندي حماس" يمهد مشروع إيسثر الطريق لتوجيه اتهامات بموجب القانون- استراتيجيا يُمكن بسهولة استخدامها سلاحا ضد النقابات العمالية ونشطاء المناخ وغيرها من الحركات التي يسعى اليمين المتطرف إلى تفكيكها.
• أطر مكافحة الإرهاب: الرابطة الزائفة وبلا أساس تستند اليه بين الدعوة لدعم الحقوق الفلسطينية والصلة المباشرة بمنظمات الإرهاب الأجنبية تخدم تبرير توسيع الرقابة، الإجراءات القانونية والاضطهاد خارج نطاق القضاء - مما يؤدي إلى ترسيخ السياسات المستخدمة تاريخيًا لتجريم نشاط المسلمين والسود والسكان الأصليين.
*قوانين الهجرة: من خلال الدعوة لترحيل النشطاء المولودين في الخارج، يُرسي مشروع إيسثر سابقةً لحملات اعتقال أوسع نطاقًا ضد المعارضين، بمن فيهم اللاجئون وطالبو اللجوء وغيرهم من التجمعات بلا حماية.
علاوة على أدوات الاضطهاد هذه، يعتمد مشروع إيسثر على مراسلات دافعها الخوف وحملات التضليل للتأثير في السياسات.

هراوة التخويف

مشروع إيستر مبادرةٌ متجذرة في التضليل والخوف والأصولية المحافظة.
في الحقيقة، اهتمامات سلامة اليهود لم تكن الدافع لمشروع إيسثر ، ما شكل أهدافه هي أجندة قومية مسيحية لليمين المتطرف. يُقال إن هيريتج فاونديشن ناضلت للحفاظ على منظمات يهودية "شركاءها" الرسميين .
منظمات عديدة أصرت هيريتيج فاونديشن على انها لعبت دورًا مباشرًا في إطلاق المبادرة، وأنكرت الادعاء، بمن فيها المؤتمر اليهودي العالمي والائتلاف اليهودي للجمهوريين. هذا لا يعني أن تلك المنظمات تتحاشى اضطهاد انتقاد إسرائيل؛ ربما احجمت عن الانضمام إلى حملة متحزبة يقودها مسيحيون إنجيليون- أو ربما أرادوا ادعاء تملك "الحرب على اللاسامية" بأنفسهم .
بغض النظرعن الدوافع، فالموضوع الأعمق هو هل الهدف الحقيقي لمشروع إيسثر مكافحة العداء للسامية أصلًا.
لو كان مكافحة العداء للسامية الهدف الرئيسي لمشروع إيسثر، لطرح مهندسوه خطة لمقاربة مصدر لأعظم تجلياتها عنفا : اليمين المتطرف. ومع ذلك، مشروع إيسثر يستخف بصراحةً بمخاطر العداء للسامية من جانب اليمين المتطرف ولا يأتي على ذكر معالجة تفوق العرق الأبيض.
بدلاً من ذلك، يصور العداء للسامية أحد أشكال التمييز الذي لا ينبع إلا من اليسار السياسي المؤيد لفلسطين. مع أخذ ذلك بنظر الاعتبار، يدرج أسماء جميع الديمقراطيين تقريبًا ممن عبّروا عن أدنى انتقاد لإسرائيل، واصفًا إياهم بأنهم جزء مما يسمى "كتلة حماس". في ذات الوقت، يجدر ملاحظة إغفال جمهوريين أمثال راند باول وتوماس ماسي، وكلاهما ينتقد ببلاغة استمرار المساعدات العسكرية غير المشروطة لإسرائيل.
تقرير مشروع إيسثر، إذ يضع الخطوط العريضة لاستراتيجيته مكافحة اللاسامية، لم يأت على ذكر أي جمهوري، رغم وجود حالات واضحة للا سامية في صفوف الحزب الجمهوري في السنوات الأخيرة. لم يُدنْ لجوء ترامب بصورة روتينية لخطاب اللاسامية، بما في ذلك مصطلحات الولاء المزدوج إشارة للأمريكيين اليهود ممن يُصوتون للديمقراطيين بأنهم غير مخلصين لإسرائيل ولدينهم.
كما لم يذكر مارجوري تايلور غرين، التي صوّتت ضد قانون التوعية باللاسامية الذي أقر عام 2023 (أتش.أر 6090) مدعية انه يناقض "التوراة". هذا التجاهل يكشف حقيقة مشروع إيسثر: مخطط لقمع المعارضة للدعم غير المشروط لإسرائيل ، إسكات المدافعين عن حقوق الفلسطينيين، وتثبيت أجندات محافظة متطرفة. لا علاقة له بمكافحة العداء للسامية.
باستغلاله للتقرحات النفسية اليهودية من أجل تقدم أجندته ، يُقوّض مشروع إيسثر الجهود الحقيقية لمكافحة اللاسامية ، ويدخل في تحالف مع قوى التفوق العرقي للبيض التي شكلت تاريخيًا التهديد الأعظم للمجتمعات اليهودية. في الواقع، توظيف مظهر سلامة اليهود لتفكيك مكاسب الحماية الديمقراطية مثل حرية التعبير التي احرزت بشق الأنفس ليس من شأنه إلا تعزيز الصور النمطية التي تغذي اللاسامية.

هجوم مباشر على الديمقراطية

يبرز مشروع إيسثر امتدادا لمشروع 2025، وهو أجندة شاملة لليمين المتطرف نأى ترامب بنفسه عنها بداية خلال حملة إعادة انتخابه ، ليعمل على تنفيذها ضمن مسلسل من الأوامر التنفيذية الخاطفة لدى عودته إلى منصبه. يمثل مشروع إيسثر التراكم لتتويج طبيعي للهجمة الأوسع نطاقًا على التضامن الفلسطيني. كما جاء في وقت تستعد فيه بعض أشد القوى طغيانا وعنصرية في الولايات المتحدة لتشديد قبضتها على أروقة السلطة.
"من الأهمية بمكان النظر إلى مشروع إيسثر ليس فقط على أنه هجوم على حركة التضامن الفلسطيني، بل كجزء من هجوم إدارة ترامب الأوسع على الديمقراطية".
شان الحملة الأوسع على التضامن الفلسطيني، يُعد مشروع إيسثر في نهاية المطاف محاولة لإعادة تأهيل الروايات التي طالما بررت الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل.
فهو يعكس رد فعل عنيفًا أوسع نطاقًا من جانب المحافظين بالولايات المتحدة، نظرا لإيمان العديدين باليمين أن القصص والأساطير التي تحافظ على امتيازاتهم تتآكل في مجتمع يتنامى في أوساطه التنوع والوعي السياسي. من ناحية، يقدم مشروع إيسثر نفسه مبادرة تتطلع إلى المستقبل، غير انه ، من حيث محتواه، محاولة رجعية للحفاظ على الوضع الراهن.
يكافح مُهندسو مشروع إيستر بشراسة الدعم المُتزايد للفلسطينيين وتنامي الانتقادات للنظام الإسرائيلي، وكلاهما حصيلة العملية الديمقراطية بالذات. نظرا لكون التبادل المكشوف للمعلومات وحرية التعبير ركيزتين للديمقراطية، فقد مكّنا الفلسطينيين من طرح قصصهم للنقاش، وفي نهاية الأمر فرضوا التشكيك في الدعم الأميركي غير المشروط للنظام الإسرائيلي.
بسعيهم لإسكات الجماعات والأفراد الذين يُدافعون عن الحقوق الفلسطينية أو ينتقدون سياسات إسرائيل، يُقوّض مُؤيدو إسرائيل بنشاط العملية الديمقراطية.

لكسر الهجمة : بناء تحالف

في مواجهة الآلة القمعية التي سلطتها مبادرات من شاكلة مشروع إيسثر ، والهجوم الأوسع على التضامن الفلسطيني، إن الحاجة إلى عمل استراتيجي مُوحّد واستباقي هي عظم من أي وقت مضى. فيما يلي توصيات للأفراد والمنظمات المُلتزمة بالدفاع عن الدعوة الفلسطينية ودعم المبادئ الأوسع للعدالة والمساواة وحرية التعبير.
تهدف هذه التوصيات الاستراتيجية إلى تحصين الدعوة الفلسطينية، وضمان الصمود والوحدة والفعالية في مواجهة القمع المُتصاعد.
إنّ أكبر تهديد للدعوة الفلسطينية هي العزلة. تهدف استراتيجية مشروع إيسثر إلى تفتيت حركة التضامن مع فلسطين وفصلها عن بقية قضايا حقوق الإنسان. للتصدي لهذا الهجوم، يتوجب على الحركة المؤيدة لفلسطين تعزيز التحالفات وبناء تحالف واسع موحد.
• تعزيز التضامن داخل الحركة: إنشاء منصات مشتركة للتواصل وتبادل الدعم داخل الحركة المؤيدة لفلسطين تتصدى للانقسام وانعدام الثقة.
• تسليط الضوء على التقاطع: إقامة تحالفات مع مختلف الجهات ، منها حركات البيئة، وحركات السكان الأصليين، وحركات العدالة العرقية، وذلك لتوسيع الدعم وتعزيز بناء التحالفات.
• إبراز التهديد الموجه ضد الحريات الدستورية: تأطير مشروع إيسثر هجومًا مباشرًا على حقوق الأمريكيين كافة بالتعديل الأول وليس فقط للمدافعين عن حقوق الفلسطينيين، وذلك من اجل بلورة أوسع معارضة للهجمات القمعية على المعارضة والحريات المدنية.

كسب حرب المعلومات

يُعدّ الرأي العام ساحة معركة أساسية. بمقدور المراسلات الفعّالة وإعادة الصياغة الاستراتيجية مواجهة التضليل الإعلامي الذي تُروّج له الجماعات الحليفة للصهيونية.
* إعادة مناهضة الصهيونية قضية حقوق إنسان ومصلحة عامة: وضع السياسات المعارضة لسياسات إسرائيل في إطار المبادئ العالمية للعدال والمساواة والاستخدام المسؤول لأموال الضرائب الأمريكية
• فضح تعاون اليمين مع خطاب العداء للسامية : تعرية كيف يُقوّض الخلط بين انتقاد إسرائيل واللاسامية الجهود الحقة لمكافحة الكراهية وحماية المجتمعات اليهودية.
*تقوية الدفاعات القانونية: تنطوي الاستراتيجيات القانونية القوية وتنويع مصادر التمويل على أهمية جوهرية للتصدي لأساليب الحرب القانونية التي يوظفها مشروع إيسثر لإسكات المعارضة.
• الاستفادة من قوانين مكافحة دعاوى المشاركة العامة الاستراتيجية
* استخدام قوانين مكافحة دعاوى المشاركة العامة
* الاستراتيجيا المصممة لمنع الدعاوى القضائية ا الهادفة قمع حرية التعبير - لحماية النشطاء والمنظمات.
• توسيع وتنويع التمويل الشعبي: بناء شبكة من صغار الداعمين الدوليين لضمان الاستقلال المالي والتخفيف من آثار حملات وقف التمويل.
*Strategic Lawsuit Ahainst Public Participation( SLAPP)