أمانة شباب الحركة المدنية مسار إصلاحي بلا إصلاح
الثورة الاشتراكية - نضال من أجل مجتمع حر وعادل
2025 / 4 / 26 - 00:42
تابعنا خلال الأيام الماضية إعلان “الحركة المدنية الديمقراطية” عن تأسيس أمانة للشباب، في خطوة تُطرح في ظاهرها كجزء من محاولة إحياء الحياة السياسية، بينما تحمل في باطنها كثير من علامات الاستفهام حول التوقيت، والنية، والجدية.
نحن نرى أن هذه الخطوة ليست إلا استكمالاً لمسار عبثي تمارسه “الحركة المدنية” منذ سنوات، في توافق واضح مع السياسات القمعية للنظام الحاكم، بدءاً من المشاركة في ما سُمّي بـ”الحوار الوطني” الذي لم يكن سوى واجهة إعلامية انتهت إلى طريق مسدود، دون تحقيق أي نتائج سياسية تذكر، سوى تكريس الأمر الواقع وتبييض وجه النظام أمام المجتمع الدولي.
الحركة التي تدّعي تمثيل المعارضة، لم تقدّم للشعب المصري سوى المزيد من الخداع السياسي، عبر غياب الشفافية، والمصارحة، واستمرار التنسيق الأمني والسياسي مع الأجهزة القمعية. هذا السلوك لم يعد خافياً، بل أصبح واضحاً في كل تحركاتها، بما فيها ما يسمى بـ “أمانة الشباب” التي أُعلن عنها مؤخراً، في توقيت لا تزال فيه الحياة السياسية رهينة القمع، والاعتقالات، والاختفاء القسري، والمنع من السفر، ومنع الترشح، وكأن ما يجري هي محاولة لإعادة تدوير مشهد سياسي ميت.
لقد هرمنا من طنطنات الوطنية الفارغة من اي معنى أو أي مضمون، ففي الوقت الذي يتعرض النظام فيه إلى مأزق حاد بسبب مصادرته على الحياة السياسية وتسببه في الأزمة الاقتصادية، ودوره المتواطئ في إبادة الفلسطينيين، سيكون دعم النظام من أحد الكيانات المحسوبة على المعارضة خطوة فادحة الخطأ وتعبر عن انتهازية وضحالة فكر لا مثيل لها لمن يقدم عليها.
ومن المهم التأكيد على أن القوى الثورية الحقيقية كانت ولا تزال الأكثر حرصاً على الإصلاح العميق والجذري، لكنها تؤمن أن أي إصلاح لا بد أن يكون نابعاً من إرادة حقيقية، اصلاح جادي يواجه غياب الديمقراطية والتعددية، والقمع والتضييق الأمني، وإهدار حقوق وكرامة المواطنين، وسياسات الإفقار المتبعة حكوميا، والتواطئ مع الاحتلال الإسرائيلي على الإبادة الجماعية للفلسطينيين، لا أن يكون مُصمماً داخل مكاتب الأجهزة أو مفروضاً عبر برامج شكلية هدفها التجميل والتقرب من السلطة. الإصلاح لا يكون عبر تكرار الوجوه والأدوات القديمة، ولا عبر استنساخ مشاهد سياسية ميتة، بل عبر إعادة بناء المجال العام على أسس العدالة والحرية والمشاركة الحقيقية، بعيداً عن أي تنسيق مشبوه مع نظام لا يؤمن بالتغيير من الأساس.
ولا يفوتنا أن نلفت النظر إلى أن العديد من الأسماء التي أُدرجت ضمن “أمانة الشباب” لا تعبّر بأي حال من الأحوال عن طموحات وتطلعات الشباب المصري، بل تمثل امتداداً لنفس السياسات والعقليات التي تتبناها قيادات الحركة المدنية، من قبول بالعمل السياسي في الظل وتحت غطاء الأجهزة الأمنية، إلى تبني خطاب مساوم يفتقر للاستقلالية أو الجرأة في مواجهة القمع. هؤلاء ليسوا صوت الشباب الحقيقي، بل هم جزء من مشهد مُعاد إنتاجه لتجميل وجه النظام، لا لتحديه أو تغييره.
إننا نرى أن هذه “الأمانة” ما هي إلا محاولة رديئة من رموز سياسية انتهت صلاحية مصداقيتها ، تحاول اللحاق بسباق انتخابي برلماني مفصل على مقاس السلطة، في مواجهة مفتعلة بين أحزاب جميعها تدور في فلك النظام، وتعمل بتنسيق وتوجيه أمني، لا يخجل من الزج بشباب متضامن مع فلسطين في السجون، بينما تُعمق حكومته التنسيق الأمني والتجاري والعسكري مع الاحتلال الإسرائيلي.
في ظل هذه المعطيات، فإن إعلان “الحركة المدنية” عن تشكيل أمانة للشباب ليس سوى امتداداً مباشراً لنهج قديم قائم على قبول الحلول السهلة، والعمل السياسي المُقيّد، والتنسيق الأمني و محاولة إضفاء شرعية زائفة على مسار سياسي ميت، وهو نفس المسار الذي أثبت فشله في كل محطات ما سُمّي سابقا بالإصلاح. وهؤلاء الشباب لا يتحركون باستقلالية، بل يتحركون ضمن هامش مرسوم مسبق، وتحت إشراف غير معلن من ذات الأجهزة التي تحاصر المجال العام وتقمع كل صوت حر، ولا يمثل ذلك بأي حال من الأحوال ما نأمل فيه من وطن تسوده الحرية والعدالة وكرامة العيش واحترام آدمية الإنسان.
انضموا إلينا وتواصلوا معنا عبر البريد الإلكتروني : [email protected]
الثورة الاشتراكية – نضال من أجل مجتمع حر وعادل
https://soc-rev-egy.org/2025/04/13/%d8%a7%d9%85%d8%a7%d9%86%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d8%b3%d8%a7%d8%b1-%d8%a5%d8%b5%d9%84%d8%a7/