تصفية الإستعمار عملية لم تكتمل بعد


كوسلا ابشن
2025 / 3 / 30 - 20:48     

الاستعمار لا يسقط بالتقادم و لا بالمسخ الهوياتي.
منذ منتصف القرن 20, نال الكثير من شعوب المستعمرات الإستقلال و تقرير المصير و بناء الدول المستقلة, لكن منعت شعوب آخرى من أحقيتها بالإستقلال و تقرير المصير.
في بعض المستعمرات تدخل النظام الإمبريالي لمعاقبة المقاومة المسلحة المحلية, بالإنحياز للأقليات الإستطانية المتعاونة مع الإستعمار و محاورتها و الإتفاق معها بهدف مكافئتها عن عمالتها و خيانتها بمدها بالسلطة السياسية و الدعم العسكري و السيادة على المستعمرات و الإعتراف بحكمها في المحافل الدولية. هكذا صنع النظام الإمبريالي أنظمة كولونيالية جديدة في بعض مناطق العالم عامة و في شمال افريقيا, بلاد الأمازيغ خاصة.
تقرير مصير الشعوب و أحقية الإستقلال, حصرته تقارير الجمعية العامة للأمم المتحدة, في حق الشعوب التي يتوفر فيها الشرط الرئيسي, وهو حالة الشعوب الخاضعة للإستعمار, و كان لها سيادة على الأرض قبل الإستعمار, و بموجب هذا المعطى, يكون لها حق المطالبة بالتحرر من الإستعمار الأجنبي و تقرير مصيرها بنفسها و بناء دولتها المستقلة.
و هذه حالة الأمازيغ شعب شمال افريقيا الذي كان له سيادة على أرضه منذ آلاف السنين, و منذ القرنين 16 و 17, أخضع الأمازيغ بالقوة للإستعمارين العثماني و آل علوي, و في القرنين 19 و 20, حل محلهما الإستعمار الأوروبي, الذي بدوره سيخلف بعد إنسحابه من مستعمراته في شمال افريقيا ( بلاد الأمازيغ), نظام كولونيالي جديد من عملائه في الحركة الأستطانية العروبية.
حسب القرارات الأممية و بنود القانون الدولي, فبلاد الأمازيغ ( شمال افريقيا), ما زالت تحت نير الإستعمار (العروبي الإسلامي), تشمله عملية تصفية الإستعمار التي لم تكتمل بعد بسبب غطرسة النظام الإمبريالي الأوروبي و حرمانه للأمازيغ الشعب المحلي من نيل الإستقلال و تقرير المصير فوق أرضه, خلافا لما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة من قرارات المنصوصة على أن جميع الشعوب تمتلك حق تقرير مصيرها, و إنهاء الوجود الاستعماري من دون قيود و من دون شروط.
بلاد الأمازيغ الى عصرنا هذا, ما زالت أرض, بإعتبار أنه لم يستشار الشعب الامازيغي بين حقه في الإستقلال و تقرير المصير بنفسه, أو الإخضاع بإرادته للسلطة الكولونيالية العروبية. و على هذا فالشعب الأمازيغي ما زال يتمتع بأحقيته من الإستفادة من كل قرارات الأمم المتحدة المعنية بالإستقلال و تقرير مصير الشعوب, و التي بدورها ما زالت سارية المفعول, و منها قرار جمعية الأمم المتحدة, الرقم 1514 (15) الصادر في 15 ديسمبر 1960, أداعي الى ضمان إنهيار الإستعمار. إذ تعلن فيه الجمعية العامة: ضرورة الإنهاء السريع و غير المشروط للإستعمار بجميع أشكاله و مظاهره, و يعلن أن لجميع الناس الحق في تقرير المصير.
إن إخضاع الشعب الأمازيغي للنظام الكولونيالي العروبي و للإستعباد و للإستغلال يعد إنتهاكا لحقوق الإنسان الرئيسية و يتناقض مع ميثاق الأمم المتحدة.
إن جميع الشعوب لها الحق في الإستقلال و لها الحق في تقرير مصيرها, ولها كذلك الحرية في إختيار سياستها الإنمائية و نمطها الإقتصادي و الإجتماعي و تنمية خصوصياتها الثقافية و اللغوية, بعيدا عن المراكز الإستعمارية و الإمبريالية.
في سنة 1990, أعلنت الجمعية العامة للأم المتحدة, العقد الممتد بين 1990-2000 على أنه العقد الدولي للقضاء على الاستعمار من خلال القرار 43/47, المعلن عن إستكمال منح الاستقلال للدول والشعوب المستعمرة.
في 8 ديسمبر عام 2000، بدأت الجمعية العامة بإعلان العقد الدولي الثاني للقضاء على الاستعمار، الذي يمتد بين2000 حتى عام 2010 من خلال القرار 55/146.
في 10 ديسمبر عام 2010، أعلنت الجمعية العامة العقد الممتد بين 2010-2020 على أنه العقد الدولي الثالث للقضاء على الاستعمار من خلال القرار 65/119.
في خضم كثافة القرارات و الإعلانات الأممية حول تصفية الإستعمار و تقرير مصير الشعوب, نلاحظ تجاهل المجتمع الدولي لأحقية الشعب الأمازيغي في إستقلال بلاده و تقرير مصيره بنفسه دون وصاية أحد. إن تنكر الجمعية العامة للأمم المتحدة لحقوق الشعب الأمازيغي في الأستقلال, هو إنتهاك لحقوق الإنسان, و يكشف منطق المصالح التي تهمين على العلاقات الدولية, فالدول المتحكمة في السياسة الدولية تهمها في المقام الأولى مصالحها, و لا تهتم بالقوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بأحقية الشعوب في الإستقلال و تقرير مصيرها, إلا في إطار هذه المصالح. فالأنظمة الإمبريالية قامت بحل القضايا الدولية حسب مصالحها دون مراعاة إرادة الشعوب. فالشعب الأمازيغي الذي قدم تضحيات بدمه من أجل الإستقلال, إلا أنه بسبب المؤامرة الإمبريالية وجد نفسه تحت الإضطهاد و الحكم الأجنبي من جديد.
إن إستمرار التجاهل الأممي لحق الأمازيغ في الإستقلال و تقرير المصير راجع بشكل أو بآخر الى غياب في المحافل الدولية للصوت الأمازيغي التحرري, المطالب بأحقية الأمازيغ في الإستقلال و تقرير المصير, بناءا على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلقة بتصفية الإستعمار و تقرير مصير الشعوب.
قضية الأمازيغ الأساسية و الضرورية في المرحلة المعاصرة هي تصفية الإستعمار, النضال في كل الواجهات من أجل تقرير مصيره. أما مسألة الإصلاحات الإقتصادية و العدالة الإجتماعية و الدمقراطية يجب ربطها بالنضال التحرري من أجل إستقلال البلاد و تقرير مصير الشعب الأمازيغي و بناء دولته المستقلة.