لماذا أوروبا لا تريد وضع حد للحرب في أوكرانيا ؟
عزالدين مبارك
2025 / 3 / 28 - 13:02
دون أمريكا ما يقوم به أقزام أوروبا ليس سوى جعجعة فبوتين هو الوحيد الذي ينفذ وعوده ولا يراوغ مثل الغربيين كما فعلوا عندما تمدد الإتحاد الأوروبي شرقا وكذلك حلف الناتو إلى حدود روسيا مهددا أمنها القومي خصوصا عندما تصبح أوكرانيا عضوا فيه وتصبح نووية.فالغرب الاستعماري هو من تجاوز الخطوط الحمر واستفز روسيا واستثار مخاوفها الحقيقية. وبالعكس أوروبا هي التي هاجمت روسيا سابقا ووصلت جيوشها لتخوم موسكو على الأقل في مناسبتين ومات الملايين وذلك عن طريق الامبراطور الفرنسي نابوليون ثم هتلر النازي الألماني وقد دافعت روسيا عن نفسها وهزمتهم جميعا وعندما ظنت أن الأمن استتب سمحت طواعية استقلال الغالبية العظمى من الدول التي كانت تحت مظلتها لكن في الأثناء تمدد الإتحاد الأوروبي والناتو شرقا حتى حدودها ليصل عدد الدول إلى ما يقارب الثلاثين دولة رغم اتفاق 1991 بترك حزام من الدول الحدودية وخاصة أوكرانيا على الحياد، أليس هذا في حد ذاته تهديدا خطيرا لروسيا والوحيد الذي تفهم وقدر ذلك هو ترامب الذي يحاول إيجاد حل لهذه الحرب لكن مع الأسف مازال زعماء أوروبا وهم أقزام ضعفاء ولا شعبية لهم ومهددون بإزاحتهم من مناصبهم يصبون البنزين على النار ويريدونها حربا عالمية عوض التهدئة والوصول إلى حل مرضي ومقبول لجميع الأطراف.فأوروبا وخاصة فرنسا وانقلترا وبولونيا وألمانيا لا تريد وضع حد للحرب في أوكرانيا ولا تعترف بهواجس روسيا الأمنية ومطالبها المنطقية والشرعية والتاريخية ولا تساند الطرح الترامبي العقلاني والذي يريد إيجاد حل يمكن كل الأطراف من الخروج من هذه الأزمة رابحا مع بعض التنازلات المؤلمة حتى تبقى أوكرانيا دولة ولها قدرات تمكنها من التطور عوض صراع طويل الأمد وجعل روسيا مستنزفة ومستفزة بمد أوكرانيا بالمال والسلاح حتى آخر جندي أوكراني أو اندلاع حرب عالمية ثالثة وقد تتطور إلى حرب نووية ماحقة ساحقة تدمر العالم فهذا بالضبط ما يريده أقزام ومجانين أوروبا وأصحاب الرؤوس الحامية. فمشكلة أوروبا المزمنة هي النعرات القومية التي نخرت وجودها ككائنات سياسية تنعدم فيها الثقة ويتلاشى بها الاستقرار نتيجة وجود حرب الزعامات وهشاشة الحدود المصطنعة بين الدول فهي ساحة للتقلبات والحروب الطاحنة على أتفه الأشياء ولو لا وجود روسيا ككتلة شرقية أوراسية وأمريكا ككتلة غربية أطلسية لما تحررت فرنسا من الامبراطورية النابولونية والنازية الهتلرية ولما تحررت ألمانيا من سطوة القومية الغاشمة وبقية دول أوروبا.فنزعة أوروبا نحو معاداة روسيا ونشر الخوف في قلوب شعوبها من طرف زعمائها ليقوموا بالتمدد شرقا للإتحاد الأوروبي وحلف الناتو العسكري في وقت أن روسيا اكتفت بحدودها وتركت البلدان التي كانت تحت حمايتها تستقل وتقرر مصيرها بل تربط معها علاقات ود وتعاون كما تم تفكيك حلف وارسو لكن الغرب رأى في ذلك لحظة ضعف أراد استغلالها معتمدا أساسا على وجود القوة الأمريكية بجانبهم فغيروا النظام في أوكرانيا البلد الذي صنعته روسيا بالكامل من لا شي وزينوا له الانظمام للإتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي لتهديد جدي وخطير للأمن القومي الروسي مما استفز الروس وهكذا قامت الحرب المحدودة من أجل التفاوض والبحث عن حل وليس لاحتلال أوكرانيا والهجوم على أوروبا. فروسيا ليس في حاجة للأرض والموارد ومطلبها الوحيد تحقيق الأمن لشعبها وهي التي وقعت ضحية مهاجمتها العديد من المرات من طرف الجيوش الأوروبية ولم تقم أبدا بغزو أوروبا لغاية التوسع بل دافعت عن نفسها وخلصت الكثير من الشعوب من سطوة هتلر ونابوليون وغيرهم.فأوروبا المسكونة بالخوف لتمتعها بالثراء كنتيجة لفترتها الاستعمارية التي طالت جميع دول العالم تقريبا فنهبت واستغلت ثرواتها ومواردها الطبيعية والبشرية وجدت نفسها مع تغير المشهد الجيوسياسي والديمغرافي العالمي وظهور قوى جديدة منافسة ذات قوة سكانية وعسكرية مفرطة مما حول أوروبا بمرور الزمن وكنتيجة لجميع التحولات الدولية إلى قزم سياسي لا وزن له مما جعل قادتها يخططون لافتعال بؤرة توتر مع روسيا مستعملين الطعم الأوكراني وبذلك يمكنهم بيع الخوف للمواطنين الأوروبيين لتحمل عبء التوسع في الإنفاق العسكري وهذا هو مخططهم في الأعوام العشرة القادمة ظنا منهم أن السلاح هو من سيجعلهم قوة معتبرة متناسين أن تمويل صناعة السلاح سيقوض الإقتصاد برمته ويضعف المقدرة الشرائية لغالبية الناس مما يحرك المجتمع والنقابات للإحتجاج والتمرد وما تحول الإنتخابات لهوى اليمين إلا نتيجة أولوية لهذا التوجه العبثي عوض وضع اليد في يد ترامب والبحث عن مخرج مفيد للجميع والتخلي عن فكرة هزيمة روسيا فقد ينهزمون جميعا دون أن يحققوا هذا الهدف الخيالي.