توظيف الجماعات المتطرفة في خدمة استراتيجية الدول المتنفذة


عزالدين مبارك
2025 / 3 / 24 - 14:48     

كل الجماعات الدينية هي جماعات طائفية بالضرورة لأنها عصابات تعمل حسب منطق الولاء والبراء والطاعة للزعيم والجماعة ومحاربة الآخرين المختلفين إلى حد القتل والتنكيل بهم ولها منظومة فكرية ومرجعية تقصي كل من لا يتبع أيديولوجيتها وتنفي وجوده ولا تعطي قيمة للفكر والرأي المختلف والإندماج والتفاعل مع الغير ولا تسمح بالمعارضة فهي دائما على حق بما أنها تستمد شرعية وجودها من المقدس الديني ولا تعترف بحقوق الإنسان والفرد والمرأة. فهذه الفئة المنغلقة على نفسها وهاجسها الوحيد التحكم في السلطة من أجل تنميط المجتمع وإدخاله عنوة إلى حضيرة الجماعة الدينية والعودة به إلى الماضي زمن القرون الوسطى مستعملا التقية الدينية ومنظومة الطقوس والشعارات مثل تحجب النساء والفصل في العمل والشارع بين الجنسين والإغراء المالي والمناصبي وعصا الترهيب مثل التكفير والرجم والقتل على الهوية والتضييق على حرية الرأي.فالجماعات الدينية تحمل أفكارا رجعية قادمة من زمن العصور الوسطى حيث يعيش مجتمع بدائي غير واعي وغير عقلاني وغير حر بحيث يمكن تطويعه بسهولة ليقبل بكل فكر مغلف بالمقدس الديني لكن الزمن قد تطور وتغير إلى حالة مختلفة تماما وقد أصبح هناك إنسان مختلف له وعي ورأي حر يمكنه من التفاعل والصراع وصناعة وجوده بنفسه وليس عن طريق أفكار الأموات والمقبورين ولهذا هناك أمل كبيرفي انتصار الفكر العلمي العقلاني الحر على الفكر الغيبي الخرافي وتبعا لذلك يمكننا الوصول إلى العلمانية والديمقراطية على أنقاض الديماغوجية الدينية والتي لم يبق منها إلا الطقوس والشعارات بدون قيم وأخلاق ونتائج إقتصادية مفيدة للمجتمع ولهذا فكل مشاريع الإسلام السياسي المعاصر في السلطة قد فشلت وانهزمت وتلاشت لأن البيئة الداخلية وأساسا البيئة الخارجية والدولية لم تعد تتقبل الأفكار الماضوية المتخلفة والغارقة في الماضي السحيق فخلقلت نتيجة لهذه الهوة المعرفية مجتمعات هدامة لا تعمل ولا تفكر تجتر فقط تراثا باليا طقوسيا يخلف الفقر والجهل والقدرية والعيش في عالم خيالي وغير واقعي مما أنتج غربة نفسية وتصحر معرفي وكبت اجتماعي تحول مع مرور الزمن إلى جلد للذات وتطرف وإرهاب تم توظيفه كآله هدم ومعول للتفتيت وبندقية للإيجار بيد دوائر المخابرات والدول المتنفذة لاستعمال هذا الجيش الشبابي المؤدلج دينيا والجاهل معرفيا والمفقر والمنبت نفسيا والمخصي اجتماعيا.فلا يمكن لتنظيمات تتبع أفكارا متجذرة في التخلف حسب طقوس وآليات عفا عنها الدهر وشرب بحكم تطور الأفكار والمجتمعات أن تحكم في مجتمعات من زمن آخر أصبح فيه الإنسان والإنسانية والمساواة بين الجنسين ومحاسبة الحاكم وحرية الرأي هو محور كل عمل وهدف أي دولة ومجتمع معاصر ولذلك فشلت كل محاولات التنظيمات الدينية التي وصلت للسلطة في العالم العربي وتمت إزاحتها بسرعة كبيرة وكأن الدول المتنفذة في العالم تستعمل هذه المجموعات الدينية المتوحشة وتتحايل عليها بدفعها لإسقاط الأنظمة القائمة أو إضعافها خدمة لمشاريعها الاستراتيجية بإغرائها بطعم السلطة والوجاهة والمال وبعد أن تقوم بأفعالها القذرة وتتلطخ أياديهم بالدماء تنقلب عليهم وتزيحهم من المشهد السياسي فيعودون مشردين كما كانوا ضمن دورة جهنمية في صيرورة صعود ونزول متجدد ومتلون بحيث لا يتحقق تقدم دائم فقط تعايش مع الصراعات والمآسي ليهنأ بال الكبار وأصحاب المال والنفوذ في العالم.