مطالب فاشيّة شنيعة و غير مسبوقة من جامعة كولمبيا : نظام ترامب الفاشيّ يُصعّد من التحرّكات لتحويل الجامعات إلى جامعات نازيّة – لا يمكننا السماح بتمرير ذلك
شادي الشماوي
2025 / 3 / 18 - 23:45
ريموند لوتا ، جريدة " الثورة " عدد 897 ، 17 مارس 2025
www.revcom.us
في 13 مارس 2025 ، أصدر فاشيّو ترامب قائمة شنيعة و غير مسبوقة من المطالب يجب على جامعة كولمبيا أن تستجيب لها ليمكنها حتّى التفاوض مع الحكومة من أجل تمويلات فيدراليّة . و يأتي هذا بعد خمسة أيّام من اختطاف محمود خليل ( الناشط في التضامن مع فلسطين و الناطق باسم حركة في جامعة كولمبيا ) الشبيه باختطافات الشرطة النازيّة / الغستابو على يد وكلاء أي س إ / ICE! و يأتي بعد ستّة أيّام عقب أن قطعت الحكومة الفدراليّة 400 مليون دولار عن البحث العلمي الجاري بجامعة كولمبيا . و في الأثناء ، أعلن النظام الفاشيّ جولة جديدة من البحوث الحكوميّة في 52 جامعة لمهاجمة برامج " DEI " ( التنوّع و العدالة و الإدماج ) في مناهج و مبيتات المركّبات الجامعيّة .
مطالب فاشيّة ، إدارة متواطئة :
لنلقى نظرة على بعض هذه المطالب التسعة التي على كولمبيا أن تلبّيها مع 20 مارس . إنّهم يطالبون كولمبيا ب :
+ تمنح سلطة كاملة لتطبيق القانون ، بما في ذلك إيقاف و طرد المحرّضين " ، إلى مسؤولي الأمن العام ؛
+ إلغاء اللجنة القانونيّة الجامعيّة ؛
+ إتمام سيرورات عقابيّة لطلبة شاركوا في احتجاجات غزّة ؛
+ فرض على الأقنعة [ التي يستخدمها المحتجّون لإخفاء هويّتهم و لأمنهم ]؛
+ وضع قسم دراسات الشرق الأوسط و جنوب آسيا و أفريقيا تحت إشراف " التفتيش القضائي الأكاديمي " [ سيرورة تتطلّب كرسي خارجي لإدارة القسم لما لا يقلّ عن سنوات خمس ] ؛
+ تكريس " مخطّط إصلاح شامل للقبول " [ لنقرأ : تفحّص الخلفيّة العرقيّة – القوميّة و وجهات النظر السياسيّة للطلبة المتوقّعين ] .
لم تتّخذ حكومة الولايات المتّحدة أبدا مثل هذه الإجراءات المتطرّفة لعقاب و دفع الجامعة إلى جعل وجهات نظرها و ممارساتها تنسجم مع سياسات الحكومة و أولويّاتها . ما يجرى الآن متطرّف أكثر ممّا حدث في أوج الماككارثيّة في أوائل خمسينات القرن الماضي ، عندما تمّ إستهداف الأساتذة من اليسار و الشيوعيّين من قبل لجان الكنغرس . هذه المطالب الموجّهة لجامعة كولمبيا تجتثّ أيّ درجة أو مظهر من إستقلال الجامعات . و هذا الأمر أو المرسوم ، هو مقدّمة الحرب على الجامعات كما وُجدت لأجيال . ( الأمر مرسوم عقابي يُفرض من جهة واحدة على بلد أو حزب أو مؤسّسة ). هذا ديدن الهجمات الشبيهة بالنازيّة . و مثلما وضع ذلك أستاذ الأعمال الكلاسيكيّة ، جوزيف هولاي بجامعة كولمبيا : " إذا كانت الحكومة الفدراليّة تظهر و تطالب قسم جامعة بالإغلاق أو بإعادة هيكلته ، حالئذ ليست لدينا جامعات في هذه البلاد ".
و ماذا كان ردّ كاترينا أرمسترونغ ، رئيسة مؤقّتة لجامعة كولمبيا ؟ هل كان إصدار صرخة و توبيخ للأمر ، نداء للمجموعة الأكاديميّة و المجموعة الأوسع للمقاومة و حماية سلامة و بقاء الحياة الثقافيّة ذاتها على قيد الحياة في الجامعات و المجتمع ؟ هل طالبت بإخراج عملاء الأي س إ -ICE- من المركّبات الجامعيّة ؟
اللعنة ، لا ! ردّا على منع تمويلات البحث الفدراليّة ، أرمسترانغ صرّحت بأنّ جامعة كولمبيا " ملتزمة بالعمل مع الحكومة الفدراليّة لمعالجة مطلبها الشرعيّة ".
لاحظوا نعت " شرعيّة " – أنّ لهؤلاء الفاشيّين نوعا ما مخاوفا و مطالبا " شرعيّة " . حقّا " نموذج في الجبن ". حقّا درس لم يقع استخلاصه من صعود هتلر ، عندما معظم المؤسّسات الأكاديميّة إمّا عانقj بحماس هتلر أو فكّرت في أنّها يمكن أن تتأقلم و تمضي في طريقها للبقاء على قيد الحياة . و هذا يثير سؤال : بقاء على قيد الحياة من أجل ماذا و كأيّ شيء ؟
قطع خُطوة إلى الوراء :
حقّق هذا الهجوم الفاشيّ على الجامعة قفزة نوعيّة ردّا على الحركة الطلاّبيّة الشجاعة لإيقاف إبادة الولايات المتّحدة - إسرائيل – الصهيونيّة الإبادة الجماعيّة في غزّة و تواطؤ الجامعة في جرائم الحرب و الأبارتايد / الميز العنصري الصهيوني. و قد واجهت هذه الحركة قمع بلا هوادة من البداية – من إدارات الجامعات ، و المتبرّعون و المجرمون الصهاينة ، و الشرطة المحلّية ... إلى أعلى مستويات الحكم . و الآن تواجه مستويات جديدة تماما من القمع ، بالجامعة نفسها كما نعرفها تتعرّض للتفكيك .
لماذا تُستهدف هذه الحركة بمثل هذا الهجوم الشديد و الشرس ؟ لأنّ نقد و معارضة دولة إسرائيل نوع من " السكّة الثالثة " للسياسة و الحياة السياسيّة الأمريكيّة – و " لا تزحزح عنها " لأنّها تعنى أعلى المصالح الإستراتيجيّة لإمبرياليّة الولايات المتّحدة . و دولة إسرائيل الأبارتايد / الميز العنصري ماليّا و عسكريّا و دبلوماسيّا تدفعها الولايات المتّحدة لتسير ك " كلب حراسة " و " كلب هجوم " خدمة لمصالح الغرب ، خاصة إمبرياليّة الولايات المتّحدة في القسم الإستراتيجي من العالم . ( أنظروا سلسلة رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الاجتماعي المعنونة ، " فلسطين ، إسرائيل ، إمبرياليّة الولايات المتّحدة و الثورة " . )
و إليكم شيئا على الناس أن يقدّروه . الجامعة مجال من المجالات القليلة في المجتمع حيث للفكر النقدي و المعارضة بعض المبادرة ، و حيث للحركات الراديكاليّة مجال للتطوّر ، و حيث للأفكار مجال لأن تُحضن . و قد حدث هذا في ستّينات القرن العشرين (1) . و إمكانيّة انتشار و تأثير هذا النوع من المعارضة في المجتمع الأوسع تهدّد حكّام المجتمع . و في الربيع الفارط بوجه خاص ، رجّت الاحتجاجات و المعارضة في المركّبات الجامعيّة فئات عريضة من المجتمع لتعيد بجدّية النظر في نظراتها حول إسرائيل و الولايات المتّحدة . و قد شملت هذه الاحتجاجات بقوّة قبول الطلبة بالإيقافات و بالوقوف ضد هجوم المجرمين الصهاينة . و هذه المساءلة – و ليست بعض حوادث معاداة الساميّة التي لا تميّز بأيّة طريقة الحركة – التي تجدها الطبقة الحاكمة الرأسماليّة – الإمبريالية مهدّدة للغاية و التي هي مصمّمة على مهاجمتها .
و هناك شيء آخر نأخذه بعين النظر : لنظام ترامب الفاشي طريقته - وهو يسلك طريقه فعلا – القضاء على الجامعة ك " حاضنة أفكار " .
و يهدف فاشيّو ترامب الماغا [ MAGA / جعل أمريكا عظيمة من جديد ] في السلطة إلى إعادة هيكلة الجامعة : تجريم الإحتجاجات ؛ مراقبة و تعديل البرامج : من تاريخ السود إلى تاريخ الشعب الفلسطيني كشعب مجتثّ من أرضه و مضطهَد و مُستعبد من دولة الأبارتايد / الميز العنصري الإسرائيليّة . كما يهدفون إلى هرسلة و طرد الأساتذة الذين يقفون مع الإحتجاجات العادلة و الشرعيّة و الذين يقاتلون لتدريس " الحقائق المزعجة " للإمبراطوريّة و التاريخ و العالم ... التي تشجّع على التفكير النقديّ و الخلاّق .
" تحويل الجامعة إلى جامعة نازيّة " توصيف ملائم :
تعبير " تحويل الجامعة إلى جامعة نازيّة " توصيف للسيرورة التي شهدت قفزة خطيرة و غير مسبوقة في الأسابيع القليلة الماضية : أ ) قمع المعارضة و تجريمها ؛ ب ) مراقبة الأفكار في الكلّيات و البرامج الدراسيّة و خطاب مقبول ؛ ت ) شبه عسكرة ، بعملاء قمع مثل الأي س إ – ICE و قسم الأمن الوطني الذى تمّ تسريبه الآن إلى المركّبات الجامعيّة بترخيص في المراقبة و بثّ الرعب و الإيقافات و الترحيل .
في تفحّص الوضع الأشمل الذى نواجهه ، عقد القائد الثوري بوب أفاكيان مقارنة هامة مع صعود هتلر في بداية ثلاثينات القرن العشرين . فقد أتى هتلر إلى السلطة من خلال سيرورات " عاديّة " و " داس و بسرعة وضع نهاية للضوابط و المبادئ الأساسيّة لتلك الجمهوريّة ، فارضا بالقوّة محلّها الدكتاتوريّة الفاشيّة السافرة من قبل النازيّين . و قد أرسى هذا قاعدة جميع الفظاعات المريعة التي اقترفها نظام هتلر / النظام النازي ... و ما يجرى الآن مع حكم ترامب الفاشي يعنى كذلك زخما رهيبا سيشمل جرائما جماعيّة وحشيّة ضد الإنسانيّة ، في هذه البلاد و عبر العالم ككلّ " .
مسؤوليّتنا التاريخيّة :
لم يبق لدينا سوى وقت قصير للتحرّك . و مثلما يواصل بوب أفاكيان المحاججة :
" قبل أن يتعزّز تماما نظام ترامب الفاشي و ينفّذ فظائع حتّى أسوأ بكثير ممّا اقترفه بعدُ ، يجب إلحاق الهزيمة به بواسطة تعبأة جماهيريّة قويّة – تجاوز كلّ مخطّطات " فرّق تسد " ، توحيد كلّ من يمكن توحيدهم ، من مختلف وجهات النظر و الآفاق ، في معارضة نشطة ، تتحدّى هذه الفاشيّة و تتصدّى لها ، بأعداد متنامية باستمرار – متحرّكة بسرعة لتُشرك الملايين ، و مصمّمة على خلق أزمة سياسيّة عميقة بحيث لا يستطيع ترامب حكم البلاد و مواصلة تطبيق برنامجه الفاشي، بكلّ تبعاته الرهيبة . "
لقد كانت جامعة كولمبيا – بارنارد محور كلّ من مقاومة طلبة الجامعات و محور القمع الذى تعرّضت له هذه المقاومة . و يرغب الفاشيّون في تحويل هذا الهجوم على حرّية التعبير و الإحتجاج و الحرّية الأكاديميّة في جامعة كولمبيا ، في رابطة إيفى الجامعيّة ، إلى أرضيّة تجربة لإعادة هيكلة الجامعة . إنّهم يسعون إلى تحويل هذه الجامعة ( و كافة الجامعات ) إلى " منطقة ميّتة " من التواطؤ مع الفاشيّة و الخضوع لها – مع كلّ التبعات المشؤومة على الحياة السياسيّة و الفكريّة للمجتمع ككلّ ، و لقدرة الناس و رغبة مقاومتهم اللذان يرافقان ذلك .
ينبغي أن نرسم الخطّ الآن و هنا : الرفض و التحدّي و المقاومة...لا حياة عاديّة . يجب أن نحوّل هذا إلى أرضية تجربتنا. جعل معركة إلحاق الهزيمة بهذا الهجوم الفاشيّ على جامعة كولمبيا – و نحن نوحّد بصفة أوسع أبدا و نجلب أعدادا متنامية إلى هذا القتال من كافة أنحاء المجتمع - نموذجا و نداء مدوّيا يوجّه للآخرين .
لن يتوقّف هذا إلاّ متى تجرّأنا على إيقافه ، متى تجرّأنا على الوقوف على المبادئ و الإنسانيّة – و تحدّينا آخرين للقيام بالشيء نفسه . لن يتوقّف هذا إلاّ متى ننمو إلى ملايين و نصرخ " يجب الإطاحة بنظام ترامب الفاشيّ .لا ! باسم الإنسانيّة، نرفض القبول بأمريكا فاشيّة " .
أطلقوا سراح محمود خليل الآن !
لنوقف الهجوم الفاشيّ على الحرّية الأكاديميّة و الإحتجاج و الحقوق الأساسيّة .
باسم الإنسانيّة ، نرفض القبول بأمريكا فاشيّة .
هامش المقال :
1- يناقش بوب أفاكيان هذا في رسالته على وسائل التواصل الاجتماعي ، الثورة عدد 33 ، " التجربة الإيجابيّة القويّة لحركة ستّينات القرن العشرين – و الأهمّية الحيويّة لوحدة واسعة ضد المظالم و الفظائع ، بتعاطى مفتوح الذهن مع الأفكار و البرامج المختلفة ... "