مستقبل سوريا في ظل الدستور الرجعي والصراعات الاجتماعية
الحزب الشيوعي العمالي الايراني
2025 / 3 / 16 - 23:09
بتوقيع رئيس سوريا المؤقت أحمد شرع على الدستور المؤقت، يوم الخميس 13 مارس 2025 ، دخلت البلاد مرحلة جديدة من الصراعات الاجتماعية لتشكيل مستقبلها. ورغم أن هذا الدستور يحمل عنوان "المؤقت" ويفترض أن يكون صالحا لمدة أربع أو خمس سنوات، إلا أن الإطار العام للنظام السياسي السوري والقوانين سواء في الفترة الانتقالية أو من وجهة نظر التيار الإسلامي الرجعي الحاكم، أي "هيئة تحرير الشام" ترسم للمستقبل.
وكان من الواضح بالفعل أن وصول هذا التيار الإسلامي إلى السلطة، على الرغم من التغييرات الطفيفة في المظهر، لن يؤدي إلا إلى العداوة مع التقدمية والتحررية والقيم العلمانية والمساواة. دستور سوريا المؤقت من خلال منح صلاحيات واسعة لأحمد شرع، وتعيين "مجلس شعب" يتم انتخاب ثلثه مباشرة من قبله والثلثين الآخرين من قبل لجنة يعينها. وإدخال الفقه الإسلامي كمصدر رئيسي للتشريع يؤسس سلطة استبدادية جديدة في سوريا، ولكن هذه المرة بشكل أكثر تدينا. في الأيام القليلة الماضية، ومن أجل تعزيز سلطتها، بدأت هذه الحكومة عمليات القتل الوحشي للمدنيين في المناطق "العلويين" (محافظتين ساحليتين) في سوريا، وهو الإجراء الذي أثار غضباً شعبياً وعالمياً.
قبل التوقيع على هذا الدستور، كان أحمد شرع قد وقّع اتفاقاً مع قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها الأحزاب الكردستانية، والذي، على الرغم من أنه لم يذكر على وجه التحديد القضاء على الاضطهاد والتمييز القومي، إلا أنه أكد على وقف فوري لإطلاق النار بين الجانبين و"ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية والمؤسسات الحكومية، بغض النظر عن خلفيتهم الدينية والعرقية". وقد لاقى هذا الاتفاق ترحيباً من قبل الأطراف المتصارعة وحتى حكومة أردوغان، لكنه أصبح غير فعال عملياً مع إقرار الدستور المؤقت. وقد قوبل ذلك باحتجاج شديد من قبل البرلمان المحلي لكردستان وقوات سوريا الديمقراطية، وكان هذا الاتفاق أكثر من مجرد بلسم لجراح شعب كردستان وشعب سوريا المظلوم بأكمله، لقد كان خطوة تكتيكية لكسب الوقت وتعزيز سلطة أحمد شرع والحركة الإسلامية الحاكمة.
مع الإطاحة ببشار الأسد ووصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة، والآن مع إقرار الدستور المؤقت، دخل الشعب السوري مرحلة جديدة من النضال. إن مستقبل هذا البلد سيتحدد في نهاية المطاف من خلال هذا الصراع الاجتماعي. قبل 14 عاماً، في آذار/مارس 2011، بدأ الشعب السوري ثورة للإطاحة بديكتاتورية بشار الأسد وتحقيق الحرية والازدهار والعدالة من خلال تنظيم الاحتجاجات في مدينة درعا. لكن مع تدخل القوى الإقليمية، بما فيها الجمهورية الإسلامية، والقوى الدولية، مثل الحكومة الرجعية في روسيا، والقتل الوحشي للشعب الثائر في هذا البلد، تحولت التطورات إلى حرب أهلية، وتم قمع وتهميش الثورة والمطالب الحقيقية للشعب. وأخيراً، في كانون الأول/ديسمبر 2024، تمت الإطاحة بحكومة بشار الأسد مع التقدم السريع للقوات الرجعية التابعة لـ "هيئة تحرير الشام" وبدعم من الحكومة التركية. لكن الشعب السوري، الذي انتفض ذات يوم ضد دكتاتورية الأسد، لن يتخلى ببساطة عن مطالبه. إن مستقبل سوريا يعتمد بشكل كامل على مستوى التدخل النشط والمنظم للشعب والقوى التقدمية في تطورات هذا البلد.
إن وجود الشعب السوري وتنظيمه النشط في التطورات الحالية يمكن أن يخلق مستقبلاً لا مكان فيه للديكتاتورية والقمع والظلم، ويعيش فيه المواطنون، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والدينية، جنباً إلى جنب بحقوق متساوية. ويعتمد ذلك على إنشاء حكومة علمانية وغير عرقية لا تضمن فقط المساواة القانونية لجميع المواطنين، ولكن أيضًا من خلال الاعتراف بالحقوق الأساسية لشعب كردستان. إنهاء هذا القمع القومي الذي طال أمده وتعزيز وحدة الشعب. كما أن الدفاع عن الحقوق المتساوية للمرأة ومواجهة اعتداءات التيارات الإسلامية على حقوقها الإنسانية هو أحد ميادين المعركة المهمة في سوريا اليوم.
إن الوضع المعقد في سوريا يضع العديد من المهام على عاتق القوى التقدمية والمحبة للحرية في هذا البلد. إنهاء هذا القمع الوطني الذي طال أمده وتعزيز وحدة الشعب. كما أن الدفاع عن الحقوق المتساوية للمرأة ومواجهة اعتداءات التيارات الإسلامية على حقوقها الإنسانية هو أحد ميادين المعركة المهمة في سوريا اليوم.
إن الوضع المعقد في سوريا يضع العديد من المهام على عاتق القوى التقدمية والمحبة للحرية في هذا البلد. إن الاعتماد على قوة الشعب والتعبئة الجماهيرية والتنظيم هو المفتاح الرئيسي للتغيير. فقط من خلال وحدة الشعب السوري وتضامنه حول لائحة راديكالية وتحررية يمكن إنهاء معاناة وألم المواطنين ويمكن تصور مستقبل أكثر إشراقاً.
14 مارس 2025
ترجمة - سمير نوري