الحوز بين الدمار, الإحتيال و تكميم الأفواه


كوسلا ابشن
2025 / 3 / 9 - 22:57     

خلف زلزال الحوز أكثر من 2946 قتيل و5674 جريح, و دمر آلاف من المساكن ( أكثر من 50 ألف منزل إنهار كليا أو جزئيا) و دمر المزارع المعيشية و قتل قطعان المواشي و تسبب في إنهيار أماكن العمل, لتنضاف أعداد من العاطلين عن العمل الى البطالة المستدامة, و شرد الزلزال آلاف من العائلات أغلبها مازالت تعيش الى حد الساعة في الخيام البلاستيكية, لا تتوفر فيها أبسط الشروط للحياة العادية, أو إحتمت عائلات بالمنازل المنهارة جزئيا و المهددة لحياة الاسر المستغيثة بأنقاضها.
قدم المجتمع المدني المحلي و المنظمات الدولية و الدول الأجنبية مساعدات مالية ضخمة للدعم المعيشي للمتضررين, الذين لم يستفيدوا من هذه المساعدات, و يبقى مصير هذه الأموال مجهولا, في غياب الشفافية و المحاسبة.
تحدث تقرير ل"ترانسبرانسي" أن السلطة المخزنية فشلت في التعامل مع الكارثة و إحتواء أزمة الزلزال و فشل برنامجها لإعادة الإعمار, نتيجة اللامبالاة النظام و الإختلالات التي عرفه البرنامج المخزني, الذي أجبر أغلبية العائلات المتضررة في مناطق الزلزال بالعيش في أوضاع مأساوية و ظروف مناخية قاسية, منذ أكثر من سنة من وقوع الزلزال. التقرير يؤكد اللامبالاة النظام الكولونيالي و عدم الإكتراث بمأساة الشعب, الذي كان دائما و ما زال ضحية الإضطهاد القومي و التهميش الإقتصادي و الإجتماعي.
إخفاق برنامج إعادة الإعمار, ليس فقط نتيجة النصب الذي مارسته المقاولة الأوليغارشية فحسب, بل نتيجة إنعدام الإرادة السياسية للسلطة الكولونيالية لمساعدة المتضررين بإعادة الإعمار للمناطق التي أخضعها النظام لسياسة التهميش, الإقصاء و التمييز العنصري المستدام, منذ إحتلال بلاد الأمازيغ. الواقع الميداني يكذب الإعلام التضليلي لأبواق النظام الكولونيالي حول إعادة الإعمار.
نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية المزرية و قساوة الظروف المناخية خاصة في فصل الشتاء, و مأساة الأوضاع الإجتماعية و إنعدام الإنصاف , نظم المتضررون عدة وقفات إحتجاجية في الأقاليم المتضررة تنديدا بالمعانات التي يعيشونها لأكثر من سنة, و حرمانهم من الدعم المالي و إخفاق مشروع برنامج إعادة الإعمار. عدم الإكتراث السلطات المحلية للإحتجاجات المتضررين, دفع بهؤلاء الى تنظيم قافلة إحتجاجية نحو الرباط للإحتجاج أمام مجلس الأعيان ( البرلمان), و إسماع صوتهم المندد بسياسة التهميش و التمييز العنصري و المطالبة بتنفيذ وعود النظام بإعادة الإعمار و إنصاف المتضررين.
للدفاع المنظم عن حقوق المتضررين أسس هؤلاء " تنسيقية متضرري زلزال الحوز" واجهة نضالية و قائدة للإحتجاجات الشعبية التي بدأت تحركاتها منذ أواخر سنة 2023, و ظلت في نضالها الميداني رافعة صوت المقهورين و معاناتهم نتيجة سياسة التهميش و اللامبالاة بمأساتهم و تجاهل لمطالبهم المشروعة.
النظام الكولونيالي الذي يملك تاريخ مظلم في سياسة تكميم الأفواه و إغتيال الصوت الحر, تحرك لقمع صوت الحركة الإحتجاجية لمتضرري الزلزال, بإعتقال رئيس " تنسيقية متضرري الزلزال" الناشط سعيد أيت مهدي و رفاقه, بتهمة معدة سلفا ملفقة تحت عنوان الإدعاءات الكاذبة و التحريض. حكم المعتقلون إبتدائيا بثلاثة أشهر حبسا نافذا مع الغرامة المالية, لكن السلطة السياسية الغير راضية على هذا الحكم, أصدرت أوامرها للجهاز القمعي القضائي لتعديل رقم 3 وستبداله بالرقم 12, و هكذا أصدرت المحكمة القمعية إستنافيا حكمها ب 12 شهرا حبسا نافذا. الحكم القسري أجج إحتجاجات متضرري الزلزال المطالبين بإطلاق السراح الفوري للمعتقلين, و تلبية مطالبهم بالإستفادة بالدعم المخصص لهم و التطبيق الواقعي لمشروع برنامج إعادة الإعمار.
إعادة سيناريو قمع مناضلي حراك أريف, قد لا يتناسب مع مطالب المتضررين من زلزال الحوز القاطنين في الخيام العار, و لهذا إذا توقف حاليا حراك أريف لظروف ذاتية, فلا يعني تكرار السيناريو في حالة الحوز. تكميم أصوات المقهورين بالقمع و المعتقلات و إنتهاكات حرية الرأي و التعبير, لا يمنع إستمرارية النضال الميداني المندد بسياسة التهميش و الإقصاء و لا يمنع المطالبة بحق المتضررين بالدعم المالي لإعادة الإعمار, فأموال الشعب ليست من ملك النظام الكولونيالي الغاصب للأرض و الناهب لثروات و لخيرات الشعب المقهور.
النظام الفاشل المتخبط في أزماته يلتجأ الى دعم أوكار الرجعية و الظلامية و التخلف برصد مؤسسة الأوقاف و الشؤون الإسلامية, مبلغ مليار و مئاتين مليون درهم لترميم و إصلاح المساجد المتضررة بأسرع وقت لتكون حاضنة لغسل الدماغ و التحريض ضد المطالب العادلة للمتضررين من الزلزال. و نتيجة للخلفية الإيديولوجية القهرية الإحتلالية, فهو متحمس لإعادة إعمار غزة من أموال الشعب المحلي, الأموال التي حرم منها أهل الحوز لإعادة إعمار مناطقهم.
النظام الكولونيالي المنتهك لحقوق الإنسان و الهادف الى تكميم أصوات أحرار الحوز بالإعتقالات القسرية, ضنا منه التستر على الأوضاع المزرية اللاإنسانية التي تعيشها ساكنة الحوز في خيام العار, و التستر عن سياسة النظام الأبارتهايدي في التمييز المجالي, الذي فضحته كاميرات الساكنة قبل أصواتهم. فالتستر لا يأتي بمفعوله في عصر التكنولوجية المتطورة و الهواتف الذكية المحمولة في أيدي الجميع كبارا و صغارا.
النظام العنصري الغير المكترث بأوضاع ساكنة الحوز طيلة أكثر من سنة من المعاناة و المأساة, و الذي لا مبالي ببرنامج إعادة إعمار المناطق المنكوية, نراه في إجتماع دول الشرق الأوسط, متحمس لبرنامج إعادة إعمار غزة من أموال دافع الضرائب الأمازيغ, و أمازيغ الحوز أحق أولا من هذه الأموال في إعادة إعمار مناطقهم المدمرة قبل غزة ( الحوز أولى من غزة).
نهج النظام لقمع الأصوات الحرة بالإعتقالات التعسفية, لا يغطي عن سياسة التمييز العنصري, كما أن إعتقال أيت سعيد, رئيس " تنسيقية متضرري الزلزال", لا يوقف النضال الميداني للجماهير الشعبية المطالبة بحقوقها المشروعة و العادلة و المنددة بغطرسة النظام الكولونيالي عدو الشعب و عميل الإمبريالية العالمية.