قراءة نقدية وتحليلية فى مجموعة قصصية( أناتوكسين )للكاتبة الجزائرية لينة بيلادونا:بقلم عادل التونى.مصر.
عبدالرؤوف بطيخ
2025 / 3 / 5 - 01:04
• عنوان العمل ( أناتوكسين )
هو توكسين ( سُم ) ميكروبي معالج .. فقد سُميته مع محافظته على سُميته كمولد ضد، فهو سم غير فعال له القدرة على تحريض الجهاز المناعي.
إذن هنا العنوان كالمثل العربي:
دَع عَنكَ لَومي فَإِنَّ اللَومَ إِغراءُ
وَداوِني بِالَّتي كانَت هِيَ الداءُ
( من قصيدة: دعك عني .. ( أبو نواس )
أي أن الوسيلة التي تنتج نوعا من الأعراض عند شخص سليم تعالج شخصا مريضا يعاني من نفس تلك الأعراض.
وهي المعالجة التجانسية أو "الهيموباتي" التي تم تطويرها في القرن التاسع عشر، من قبل الطبيب الألماني صاموئيل هاينمان.
ورغم غرابة العنوان .. إلا أنه عنوان يدعو للتأمل .. والحياة .. والإيثار .. ويحض على الإنسانية.. حتى لو من جرعة ( سُم ) بقدر ما .. وطريقة ما .. تُشفي عِلة ما.
• كلمة لابد منها:
لابد قبل قراءة أي سطور لمبدع .. الفصل بين شخصيته ومايكتب .. فالمبدع يتميز عن غيره بالخيال .. والرؤي والتي ربما تتصف بالجنون أو العقل أو الأثنين معًا ..
فليس معنى أن الكاتب يكتب عن قصة حب فهو بالأساس رومانسي .. ولنا في جان حاك روسو ( الفرنسي ) مؤسس علم الرومانسية الحديث أسوة.
أوعن جريمة سرقة فهو ليس بالأساس لص .. ولنا في تشيزري لومبروزو ( الإيطالي ) مؤسس علم الجريمة أسوة.
إذن لابد أن نفرق عن الكاتب ومايُبدع خياله..
• أولا:حوّاء قاعدة ولكل قاعدة نشاذ...
عزيزي، أيها الرجل العصريّ ! لا يخطرنّ ببالك أنك قد تتملك امرأة؛ يضايقها الطوق على عنقها وتنزعج من الخاتم يحاصر أصبعها، ولو كانا من أنفس ما تهوى النّساء أن يتزينّ به.
كن كسلسالها الفضيّ الخفيف؛ ألِفت خيطه الرفيع بحلته الصّغيرة، فلا يضيرها أن تقوم وتقعد وتنام، تحل وترتحل وهو بصحبتها، ولا يضاهيه في ذلك أغلى ما تمتلك!
ـــــــــ
خطاب موجه لرجل .. فيه تعالي .. في بعض العبارات نجد :
عزيزي، ( أيها ) الرجل ( العصريّ )!
( لا ) يخطرنّ ببالك أنك قد ( تتملك ) امرأة.
( كن ) كسلسالها الفضيّ الخفيف.
مابين الأقواس مفردات ينفر منها كل رجل .. والعبارات من ناحية الرجل غير مقبولة طبعا .. ولو أعاد الرجل الخطاب وكتبه لامرأة سيكون كالتالي:
عزيزتي المرأة!
لا بد أن يخطر ببالك انك تتملكين قلبي.
كوني لي جرام فضة .. أكن لك قناطير ذهب.
هذا من وجهة نظر رجل قرأ خطاب امرأة .. دون تمهل ..
أما فنيات الخطاب الذي بين أيدينا نجده مغاير جدا .. لو قٌرء بتمهل .. نجد أن المرأة هنا غير متطلبة لأشياء تبدو نفيسة .. ولايهمها زخارف الدنيا ولا ماديتها .. فقط .. تطاب الحب والألفة والتراحم..
والبعد الآخر للخطاب .. هو بعد نفسي .. وهو ( القيد ) ويقابله ( الحرية) كما ذكرت بالنص:
( يضايقها الطوق على عنقها وتنزعج من الخاتم يحاصر أصبعها )
هنا الخطاب له أكثر من وجه يقاس عليه .. ولا أجبرك على قياس بعينه .. كل منا وذائقته .. ورؤيته.
• ثانيا:( بيلادونا ) ستّ الحُسن
يتساءلون عنها، كيف لها أن تجمع بين النّقائض كلها ولا تتمزق ؟
كيف تكون بحر هلاك وطوق النّجاة، السّمّ وماء الحياة ؟
كيف لها أن تسرق من الليل الكفيف نجمة ومن نواح المٱتم نغمه... من حرارة الدّمع بسمة !
كيف لذلك اليسر فيها أن يتعسّر فهمه؟ ولصندوق ألعابها أن يكون بيت ذخيرة !
طعنة السّيف من يدها سلام وزخات مطر وكلام الورد منها على القلوب بطعم الخناجر!
كيف لمجرة الحزن تلك أن تنثر كواكبَ من فرح؟
كل النّساء بنصف عقل، إلّاها هي؛ زادت عن النّصف بعقل، لذلك فجنونها كان مدمرا، لم تشبه "روما" في شيء، ما كل الطرق كانت لتؤدي إليها... هي كالجنة لا سبيل إليها غير الاستقامة!
ـــــــــــ
في هذه الخاطرة تكتب عن ( لقبها .. عائلتها .. ذاتها ) .. مقالا استفهاميًا .. كل جملة يتقدمها حرف استفهام .. تتسائل .. كيف .. ؟
كلمة يستفهم بها عن حال الشيء وصفته ، يقال كيف زيد ، ويراد السؤال عن صحّته وسقمه وعسره ويسره وغير ذلك ، وتأتى للتعجّب والتوبيخ والإنكار وللحال ،.. وكيفيّة الشيء حاله وصفته.
وتستهل سطورها بــ ( يَتَسَآءَلُونَ ) .. فمن هم الذين يَتَسَآءَلُونَ ؟
ولماذا تستعيض بلسان غير لسانها ليتساءل؟
تتساءل المبدعة هنا بلسان غيرها عن الأضداد .. عن طعنة السيف بيدها .. سلام؟ .. ولمجرة حزن تنثر كواكب أفراح .. رغم أن المجرة لها مليارات النجوم؟
وكأن المبدعة اتخذت من بيت شعر المتنبي مستندا لما تقول:
والضـد يظهـر حسـنه الضـد، و بضدهـا تتمـيز الأشـياء
فكان الضد لديها الإجابة .. وماعلينا إلا أن نستخرج السؤال!
فلسفة الكلمة عند المبدعة لها قيمة جمالية .. عبرت بها عن شكل من أشكال السؤال المجاب عنه مسبقا..
إلا أنها في نهاية ماكتبت أدرجت حكمة :
( ما كل الطرق كانت لتؤدي إليها... هي كالجنة لا سبيل إليها غير الاستقامة!)
لتبين عن نفسها .. ليست بالسهولة الوصول إلى مرادك .. فالوصول للجنة محفوف بالمكاره.. وإن أقرب الطرق لقلب الإنسان .. هو الخط المستقيم .
• ثالثا:اختراق..
قد يمر بنا شخص ، ندرك فيما بعد أنه مرّ فينا ، لا بنا و لا علينا ...فجأة نشعر أننا رأينا العالم كله قبله فكيف لم نره ؟
نحس و كأنه ولد ساعة وِلدنا و يكأنه رافق صرختنا الأولى ، يقذف الله حبه في قلوبنا هكذا ،دون إنذار ، فنعشق كل تفاصيله ،رغم صخبه و ثورته و عصبيته المدمرة ،رغم كونه كهفا من الأحزان ...نُصرُّ أيّما إصرار على التعبد في محرابه و ملازمة عتبة بابه ...نمضي في تعلقنا به و نحن ندرك أنه كخيط الدخان ،الذي سيسافر بعيدا ،و لن تمتدّ إليه أيدينا و نطارد السراب بكل ما فينا! ...و بما أن النهايات لا تشبه أبدا البدايات ،فمن الحماقة حقا الاستمرار في هدر مشاعرنا و من الجرم استقبال من ندرك أننا سنؤذيه بقربنا ...إننا ندرك جيدا أننا لن نكون كما أرادنا هو لنفسه ،و لأسباب كثيرة ،عنوانها (الظروف)
ـــــ
تركت لكم ( اختراق ) لتروا ماذا تقصد المبدعة؟
وماذا تقصد بالظروف ( كما تقول ) ؟
ــــــــ
كل الشكر والتحية والتقدير لكم
كل الشكر والتحية والتقدير للمبدعة.
ـــــــ
كفرالدوار22فبراير2025
المهندس/عادل التوني الرئيس الأسبق لرابطة الكتاب العرب على الإنترنت التابعة( Google )