الدعوة.. واحياء الإخوان المسلمين


سعيد العليمى
2025 / 2 / 24 - 18:15     

مجلة الشيوعى المصرى عدد أغسطس 1976 – طبعة الداخل
- نشر باسم قلم فهد اسماعيل شكرى (سعيد العليمى )
عاودت مجلة الدعوة الظهور في أول يوليو من هذا العام بعد احتجاب قسري دام ما يقرب من أربع وعشرين عاما ، وِقد كان منطقيا أن يرتبط مصيرها بمصير الحركة التى مثلتها ، وهى جماعة الإخوان المسلمين التى خضعت علاقاتها بالسلطة الحاكمة لعديد من المنعرجات السياسية ، حيث بدأت فى أعقاب انقلاب يوليو بالتعاون معها ، واستثناءها من قرار حل الأحزاب الصادر عام 1953، واعتبارها "جماعة دينية " لا حزبا سياسيا ، ثم بالصدام معها ، وسحق بعض أبرز رؤوسها عام 1954 عقب محاولة إرهابية لاغتيال الرئيس الراحل ( عبد الناصر ) ، ثم بالضربات المتوالية التي نالتها جزئيا ، حتى توجت بحملة تصفية كبيرة عام 1965 بعد مؤامرة إرهابية واسعة النطاق ، ثم تدبيرها للإطاحة بالنظام الناصري ، كان نصيبها الفشل .
أن مجلة الدعوة التى بدأ ظهورها في ظل العهد الملكي تعاود الصدور الآن ، في ظل ظروف نوعية جديدة سمتها الرئيسية خيانة السلطة الحاكمة للقضية الوطنية ، واستمرارها في منهج العداء للحريات الديمقراطية ،بينما يحمل الوطنيون الديمقراطيون والشيوعيون على عاتقهم مهمة التصدي بالتشهير السياسي للردة الرجعية التى تقودها السلطة من أعلى ، لذا كان على " سيف الاسلام " في هذه المرحلة، أن يوجه نصله الحاد تجاه القوى الوطنية الديمقراطية والشيوعية ، ويحرف الانظار عن القضايا المصيرية للشعب المصري ، السياسية والاجتماعية ، و.. ناحية أمور غير أساسية ، ومع عودة المجلة تعود إلى الظهور الأفكار القديمة ،البالية حول الخلافة الإسلامية وأهميتها ، حول فقدان الأخلاق وتبرج المرأة ....الخ ...ومع الأفكار القديمة ، يظهر فرسان العصور القديمة التى ولت ، ويطفو على السطح من جديد ، كل القادة الذين طواهم النسيان فى السنوات الماضية .
فها هو ذا يعود صالح عشماوي ، زعيم الاتجاه الأشد تطرفا داخل الجماعة عقب اغتيال حسن البنا ، والمشرف على الجماعة باعتباره نائب المرشد بعد أن وافت الاخير المنية ، ورئيس تحرير صحيفة الدعوة الاخوانية ، وأحد قادة الجهاز السري المنوط بالعمليات الإرهابية المسلحة من جديد يعود .. ومعه آخرون.
واننا لا يمكن أن ...نغض الطرف عن إعادة إحياء هذا الفكر الرجعى المتخلف، مدركين أنه يرتبط ارتباطا وثيقا بالمنعطف الذي قاد خطوات السلطة إلى الردة ، بالارتداد فى أحضان الغرب الامبريالي ، وبالقوي الرجعية العربية التى مازالت تحكم بلداتنا وفق المبادئ الثيوقراطية وان هذه الجماعة على نحو خاص لعبت أشد الأدوار تخريبا وقت أزمات الوطن المصيرية ، فهى سلاح رجعى يموه على القضايا الحقيقية ، ويثير أعمق جوانب الجماهير تخلفا .
ولذلك فاننا لا يمكن أيضا أن ننظر إلى هذه المجلة الرجعية التى عاودت الصدور باعتبارها بضعة كلمات مكتوبة " ، فهنا أيضا تلعب المجلة دور المحرض والداعية والمنظم ، وهناك أرض مواتية لها ، فالأيديولوجيا الدينية سائدة ومستقرة تاريخيا ، من ناحية أخرى فإن تاريخ هذه الجماعة وتراثها منذ انشائها يثبت أنها لا تقتصر فقط على دور الداعي لأفكار ، بل أنها اعتادت أن تتحين الفرص بعد أن تكون قد نظمت صفوفها ، للاقدام على عمليات العنف المسلح فالدين والدولة مندمجان عندها .
إن السلطة حين تسمح وتساهم فى إعادة إحياء هذه الاتجاهات إنما تستخدم سلاحا ذو حدين، فمصالحها الاقتصادية وأوضاعها السياسية تتناقض مع نظام ثيوقراطي شامل ، وما يدعوها إلى هذا الاحياء ، انها في اشد الحاجة لهذه الأفكار التى يعززها الفكر الرجعى ، حتى تتمكن من مواجهة المد الوطني الديمقراطي والشيوعي ، وحد السلاح الآخر وآثاره على السلطة ذاتها ، تثبته وقائع المؤامرات التي حاكتها هذه الاتجاهات عقب تولي السادات السلطة ، رغم إعلانه دولة العلم والايمان شعارا ، وافراجه عن كافة المسجونين والمعتقلين من هذه الجماعة واشباهها، ويمكن أن تكون قضية الفنية العسكرية مثالا واضحا على ذلك .
لقد حاولت هذه الجماعة أن تنشئ منبرا يقف جانب منابر الاتحاد الاشتراكي الثلاثة ، وقد رفض طلبها على أساس أن إنشاء منبر على أساس ديني قد يؤدى لنشوء صراعات ذات طابع طائفي ، ويدفع القوى المسيحية على نحو خاص الى انشاء منبر مماثل ، بما يجره ذلك من عواقب وخيمه .
وأيا ما كان الأمر ، فإن الموقف الثابت للقوي الوطنية الديمقراطية والشيوعية ، هو الوقوف ضد احياء هذه الجماعة ( هناك سطر ناقص هنا ) .........................................لابد أن يكفل للطبقات الشعبية فقط .
والعدد الاول من هذه المجلة يكشف عن اتجاهها الرجعى العميق ، فهى تدعو إلى ضرورة ربط الدين بالسياسة ، وتدافع عن الخلافة الإسلامية ، وترى إلغاء كافة القوانين الوضعية ، وعلى رأسها الدستور ، كما تقف ضد وجود الأحزاب بل انها ومنذ عددها الاول ، تحتج على هذا المنبر الهزيل المسمى بمنبر اليسار .
وتأكيدا على دورها التنظيمي واتجاهها إلى استخدام العنف ، لفرض نظام ديني يستند على أقلية إرهابية متآمرة ، تقول افتتاحيتها أن الدعوة " لسان فكرة تدعو للحق وتؤمن بالقوة وهى لم تثبت طوال تاريخها أنها تؤمن بالقوة الروحية " فالمعني المحدد الذي يمكن أن يفهم من كلمات كهذه هو إصرار هذه الجماعة على تحويل بلادنا بالقوة والعنف إلى وجهة تتلاءم وأهدافها السياسية ذات المضمون الرجعى على طول الخط .
وهى تؤكد أن منشئها و"شهيدها " حسن البنا قد أظهر فهما شاملا للسياسة كجزء لا يتجزأ من الاسلام، ومن ثم فلابد من تطبيق الاسلام لديها تطبيقا شاملا ، وفى مواجهة النظام القائم تقول " لا قبول لخطأ في التطبيق أو تجزئ في التنفيذ ، أو أخذ للبعض وترك للآخر."
انها تريد نظاما ثيوقراطيا شموليا ، ولابد أن يضعها هذا عاجلا أو آجلا فى صدام مع النظام ، فالأخير يريدها فى حدود خدمة مصالحه وأهدافه وسياساته ، وهى لن تبقي داخل هذه الحدود ، بل إن شيخ الأزهر المعين من الدولة ، يقف جانب هذه الجماعة ، ربما أكثر مما يقف مع الدولة ذاتها ، فى القضايا التي تتجاوز مواجهة العدو المشترك الشيوعية .
• إن المجلة ترى أن المعركة الأساسية هى معركة الشيوعية ، معركة الايمان والإلحاد وبذا تموه على كافة القضايا المصيرية التى يواجهها شعبنا وعلى رأسها القضية الوطنية التي تخونها السلطة الحاكمة .
فليكن نضالنا ضد هذا الاتجاه نضالا من أجل أهدافنا السياسية الثورية ، في وجه كافة محاولات التموية ، بإحلال تقسيم طائفي ديني ، محل التقسيم الطبقي ، الذي هو العامل الحاسم فى ربط مطالب لجماهير الاقتصادية والسياسية ، بالأهداف البعيدة وعلى رأسها الإطاحة بنظام الخيانة الوطنية .