التهديد الإرهابي العالمي التوقعات لعام 2025


فالح الحمراني
2025 / 1 / 29 - 18:16     

التهديد الإرهابي العالمي التوقعات لعام 2025 ‏

‏ فألح الحمـراني ‏

اعتمدت المادة على مواد نشرت في معهد الشرق الأوسط في موسكو ‏

ما يزال العالم، في نهاية الربع الأول من القرن 21، يشهد النزاعات المسلحة المستعرة، والبلدان التي تقوم ‏بزعزعة الاستقرار، والمناطق الإقليمية، وحتى النظام العالمي. فالهجمات الإرهابية وردود فعل الحكومات ‏عليها تخلق آثارا وتداعيات متواصلة لا تؤثر فقط على سياسات الدولة، بل أيضا على تفتيت المجتمعات ‏وتطرف طبقاتها الفردية. وهذا يثير التساؤل حول الشكل الذي سيبدو عليه المشهد الإرهابي العالمي في ‏العام الجديد وكيف ستؤثر الاتجاهات الحالية على تشكيله الإضافي.‏
‏ وسيظل الإرهاب الدولي يشكل تهديدا شاملا للاستقرار العالمي. وتعمل مجموعات تعتمد وسائل الإرهاب ‏على تفاقم عدم الاستقرار الإقليمي والعالمي، بينما تؤدي المنافسة الجيوسياسية إلى تفاقم استقطاب المجتمع ‏الدولي. إذا لم تعمل الحكومات معا لمنع التحديات الأمنية المشتركة، فسوف تستغل الجهات الفاعلة في ‏التهديد الثغرات ونقاط الضعف لزيادة زعزعة استقرار الوضع. وفي هذه الحالة، تؤدي قدرة الحكومات ‏على منع التهديدات دورا حاسما. وينبغي في العصر الرقمي، إيلاء اهتمام خاص لظاهرة انتقال الأنشطة ‏الإرهابية على مدى عالمي عبر الإنترنت، ونتيجة لذلك، القدرة على مهاجمة البنية التحتية للمعلومات، ‏فضلا عن زيادة عدد الهجمات الإلكترونية وزيادة أنشطة الدعاية والتجنيد في مساحة الإنترنت. إن التنبؤ ‏متى وأين سيضرب الإرهابيون هي واحدة من أصعب المهام التي تواجه الخبراء. ويتطلب تقييم مستوى ‏التهديد تحليلا شاملا للقدرات والنيات والبيئة التشغيلية، فضلا عن البيانات العامة وأدوات الدعاية ‏للجماعات الإرهابية. هذا النهج الشامل يجعل من الممكن فهم منطقهم، وفي بعض الحالات، التعرف على ‏خيار محتمل للهدف. ومع ذلك، لا يتطور الإرهاب دائما خطيا: في بعض الأحيان لا تتحقق تلك التهديدات ‏التي تبدو أكثر وضوحا أو إلحاحا، بينما تظهر التهديدات الأخرى التي يبدو أنها اختفت مرة أخرى.‏
أثارت أنشطة جماعة ة الدولة "الإسلامية - ولاية خرسان" في عام ،2024 قلق المجتمع الدولي بصورة ‏بالغة. ونفذ مسلحوها هجمات مسلحة واسعة النطاق في قاعة كروكوس بالقرب من موسكو ومدينة كرمان ‏الإيرانية، مما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص. إن عمر مرتكبي الهجمات الإرهابية يعكس اتجاها هاما ‏واحدا – وهو الشباب المتطرف، الذي لا يزال يمثل مشكلة ملحة للأجهزة الأمنية. إن وجود ولاية خراسان ‏في أفغانستان، الذي لم تضعف طالبان، موقفها، سيواصل زعزعة استقرار الوضع في جنوب آسيا، حيث لا ‏يزال هناك مستوى عال من التهديد من حركة طالبان باكستان،‎ ‎و"جيش ‏‎ ‎تحرير بلوشستانإن، إن الشراكة ‏بين المنظمات الإرهابية تهدد الحكومة الباكستانية بشكل مباشر وتهدف إلى الإطاحة بها، بينما تواصل ‏الجماعات الانفصالية العرقية البلوشية مضايقة المواطنين الصينيين وتقويض تنفيذ المشروع الضخم ‏لمبادرة الحزام والطريق. ‏
وعلى غرار "إمارة أفغانستان الإسلامية" (اسم دولة طالبان غير المعترف بها)، تعمل حركة طالبان باكستان ‏على زيادة حدة الهجمات المسلحة في باكستان. على هذه الخلفية، ناشد الجيش مرارا حركة طالبان الأفغانية ‏لاتخاذ إجراءات ضد مسلحي حركة طالبان الباكستانية الذين يعملون على طول الحدود، لكن طالبان ‏الأفغانية رفضت الطلبات، ونفت وجود عناصر من المجموعة في الأراضي الخاضعة لسيطرتها. ‏
وتعمل ولاية خراسان في المناطق القبلية في باكستان وإقليم بلوشستان وتزيد من حدة الهجمات في ‏أفغانستان وباكستان ودول خارج المنطقة، بما في ذلك روسيا وإيران وتركيا. تشكل إمارة خراسان التهديد ‏رقم واحد لأفغانستان. ‏
في الوقت نفسه فأن أفغانستان في ظل حكم طالبان، ما تزال دولة مارقة تقوم على أراضيها القاعدة وحركة ‏طالبان الباكستانية وغيرها من المنظمات الإرهابية. وتشير الهجمات التي نفذها مقاتلو داعش في داغستان ‏وعُمان في عام 2024 إلى توسع في النطاق الجغرافي لأنشطة التنظيم. ‏
ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه في عام 2025، حيث لوحظ تنشيط خلاياها مرة أخرى في الشرق ‏الأوسط وأفريقيا. ولا تزال أراضي أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، وخاصة منطقة الساحل، مرتعا ‏للإرهاب، وتوفر المأوى لعدد من الجماعات الجهادية المرتبطة بكل من القاعدة وداعش. وتعزز جماعة ‏نصر الإسلام والمسلمين موقعها في غرب إفريقيا: ففي صيف عام 2024، نفذ مسلحوها هجوما إرهابيا ‏واسع النطاق في بوركينا فاسو، أسفر عن مقتل أكثر من 600 شخصا. ويستمر الوضع الأمني الإقليمي في ‏التدهور مع تحرك الجماعات الجهادية نحو ساحل غرب إفريقيا، مما يهدد الدول المستقرة سابقا مثل غانا ‏ويوسع نفوذها من الكاميرون إلى نيجيريا. تهدد حركة الشباب (المحظورة في روسيا) وداعش الصومال ‏والقرن الأفريقي، بينما تحتفظ الأخيرة أيضا بوجود في موزمبيق وجمهورية الكونغو الديمقراطية. ‏
الى ذلك يستخدم ما يسمى ب تنظيم الدولة الإسلامية وأتباعه بصورة فعالة استراتيجيات الدعاية عبر ‏الإنترنت. ويستخدم أعضاؤه ومؤيدوه مجموعة واسعة من الأدوات النصية والسمعية والبصرية لإظهار ‏أنشطتهم وحشد المؤيدين. وتلعب المجلات الدورية دورًا حاسمًا في تشكيل صورة التنظيم والترويج لمفهوم” ‏الجهاد“. ومن أكثر المجلات التي تنشرها الوحدة الإقليمية لتنظيم " داعش" في أفغانستان مجلة” صوت ‏خراسان“. وقد جذبت هذه المجلة، التي ينشرها تنظيم ما يسمى ب الدولة الإسلامية في خراسان بانتظام ‏على منصاته على الإنترنت، اهتمامًا كبيرًا من الخبراء. على سبيل المثال، خلال دراسة للأنشطة الدعائية ‏في الفضاء الإلكتروني، أصبح من المعروف أن تنظيم داعش ووحداته تجمع التبرعات عبر العملات ‏الرقمية بمساعدة هذه المجلة. ومن العناصر الحاسمة الأخرى في استراتيجية وحدات تنظيم داعش على ‏الإنترنت الجانب الاتصالي. كل هذه العناصر مجتمعة تجعل من الممكن تحليل أدوات تمويل الإرهاب ‏وتكتيكات التواصل التي تستخدمها وحدة خراسان التابعة لتنظيم داعش في هذه الحالة من خلال مجلتها ‏الإلكترونية. وقد تم حتى الآن نشر 40 عددًا من "صوت خراسان".‏
‏ ‏
‏ ‏