عندما تصبح التفاهة منهجية للنقد


كوسلا ابشن
2025 / 1 / 26 - 22:50     

أصبح النضال الأمازيغي هاجس مرضي لدى الحركة الشوفينية العروبية, و هاجس الكراهية و الحقد الأعمى لكل ما هو أمازيغي, الى درجة تحميل البصيص مما تحقق من الحقوق الأمازيغية المسؤولية عن مأساة الشعب, و ربط المطالب الحقوقية الأمازيغية بكل أزمات النظام العروبي. من تفاهة التحاليل السوكولاتية جعل رسمية الإحتفال برأس السنة الأمازيغية و تدريس اللغة الأمازيغية و تشوير لوحات الطرق بالأمازيغية هي السبب في الأزمة السوسيو- إقتصادية, و تفقير الكادحين.
عند بعض المرضى النفسيون هواس و هاجس من أشياء و أشخاص معيين, من هؤلاء المرضى, الموهوسين بالعداء و الحقد للأمازيغ و القضايا الأمازيغية, لدرجة تحميل الأمازيغ مسؤولية الأزمة البنيوية للمحتمع الموركي. فهؤلاء المرضى يجهلون تماما للقانون الإجتماعي, و لقانون تراكم الثروات في أيدي جماعة قليلة ( الأوليغارشية المخزنية) و حرمان أغلبية الكادحين من تقسيم ثروات البلاد. الجهل بهذه القوانين منع المرضى من معرفة أن الخيارات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية اللاوطنية و اللاشعبية وراء نهب خيرات البلاد و إستغلال الكادحين و تفقيرهم, و هي السبب في تدهور الميدان الإجتماعي و ما نتج عنه من تدهور في قطاع الصحة و إنتشار البطالة و أزمة التعليم, هذا التعليم الذي تضرر أكثر منذ سن سياسة التعريب منذ إنسحاب دولة الحماية, و إنشاء "اللجنة الملكية لإصلاح التعليم" سنة 1957, بمهامها تعريب التعليم, من منطلق سياسي و إيديولوجي يهدف الى تعريب الشعب الأمازيغي (التحول الهوياتي).
العقد النفسية تحدد إنفعالات المرضى و تجمد تفكيرهم الغير السليم, و بهذا تنحسر تخرصاتهم في بنية الوعي الزائف الرافض للآخر, لتطرح أسئلة البؤس و التفاهة: "لماذا يفرض على المغاربة قرارات لا علاقة لها بحياتهم اليومية؟ هل ستحل عطلة السنة الأمازيغية أزمة البطالة؟ هل ستخفف لوحات التشوير بالأمازيغية من عدد الحوادث؟ هل سيخرج تعلم الأمازيغية أبناء الشعب من دائرة الفقر؟".
صبية الحليب الأمركان و البسكويت الفرنسي, أصيبوا بإنفصام الشخصية, لذا تراهم يتحدثون عن "المغاربة" الوهميين, و ليس "المغاربة" الذين خرجوا في مظاهرات حاشدة طالبت بدسترة الهوية و اللغة الأمازيغيتين. الشعب الأمازيغي من طالب بالإعتراف الرسمي بالتراث الثقافي الأمازيغي الضارب في القدم, و جعل أسكاس أماينو أمازيغ عطلة رسمية, مثل عطلة السنة الميلادية و السنة الهجرية. المرضى الشوفينيون لا يسايرون الواقع, تفكيرهم محبوس في البنية العرقية, المنتجة العداء لكل ما هو محلي, أصلي و أصيل. فعطلة السنة الهجرية مثلا عند الشوفين لا تؤثر في عملية الإنتاج و هي عطلة حجازية, مقدسة و مقبولة و لا تنتقد. الرفض و الإنتقاد يوجه فقط للتراث الثقافي المحلي. أسكاس أماينو الأمازيغي بإعتباره الموروث التاريخي و الثقافي, و الإحتفال به يزعج الجماعة الإستطانية الشوفينية, لأنه يذكرها بأجنبيتها و تاريخها في بلاد الأمازيغ مرتبط بالتخريب و الدموية.
أزمة التعليم إرتبط مباشرة بقرار التعريب, و خرب من بدايته, فقد فشلت اللغة العربية الأجنبية, في تأدية الرسالة التعليمية, بعجز المتعلمين و خاصة في المرحلة الإبتدائية من إستعاب مفرداتها و عدم فهم نصوصها حتى و إن نطقت حروفها, و بالتالي إضعاف الجانب المعرفي لدى المتعلم. اللغة العربية بإعتبارها لغة أجنبية لم تستطيع مسايرة الواقع الإجتماعي في عملية التنمية, و فشلت في مسايرة التراكمات المعرفية العلمية.
تعريب التعليم من أضعف القدرات اللغوية و المعرفية عند التلاميذ حتى تربعوا على المراتب الأخيرة في العالم ( إذا عربت خربت), و ليس للغة الأمازيغية في هذا الأمر ناقة و لا جمل. اللغة الأمازيغية هي لغة الأصل و لغة الأم و لهذا طالها الإقصاء و التهميش طيلة عقود, و هي حاليا خاضعة للتمييز اللغوي, رغم صدور ظهير"شريف" قبل عقدين, بالإعتراف بها لغة التدريس في المؤسسات التعليمية, و ظلت حبيسة أرشيف جهاز التربية و التكوين, و بإختيار مدير المدرسة بين ولوج الأمازيغية الى مدرسته أو رفضه لها. الرسمية الورقية للغة الأمازيغية لم تفرض التدريس الإجباري للغة الأم بسبب النهج الشوفيني في مجال التعليمي و الثقافي. هذه هي اللغة الأم التي يحملها الشوفين الأغبياء مسؤولية فشل التعليم و مسؤولية بطالة أبناء الفقراء. كان بالأحرى على الشوفينيين تحميل اللغة العربية الأجنبية مسؤولية فشل التعليم و تدهور الصحة و تفشي البطالة, و هي المسؤولة عن تخريب عقول أبناء الشعب و المجتمع, بإعتبارها اللغة المهيمنة و المفروضة السوسيو-ثقافيا و سياسيا في بلد تحت الإحتلال الإستطاني.
لغة الإستعمار الإستطاني العروبي, التي روج لها على أنها لغة مقدسة بصك الله العربي, فعليها إذا البقاء في أوكار المدنس, و القيام بوظيفتها داخل الكتاتيب القرآنية و داخل المساجد لتلاوة آيات النكاح و الإرهاب و التخلف.
نجاح التعليم كما أثبتته التجارب العالمية و الدراسات العلمية يعتمد في التدريس الأولي على لغة الأم, و هو ما أكدته أبحاث منظمة اليونسكو, بأن التعليم بلغة الأم تنمي المهارات و القدرات اللغوية عند المتعلمين. و بلسان المديرة العامة لليونسكو, السيدة أودري أزولاي:"إن اليونسكو, وإذ تسعى إلى المساعدة في مواجهة الأزمة العالمية الراهنة التي تعصف بقطاع التعلم, مع الحفاظ على التعدد اللغوي باعتباره عنصرا ثقافيا أصيلا, تحث الحكومات على إنتهاج التعليم المتعدد اللغات القائم على اللغة الأم منذ سنوات الدراسة الأولى. وإننا على يقين بأن التعلم القائم على اللغة الأم يحقق نتائج ملموسة, وثمة أدلة عملية تبرهن أنها تساعد الأطفال على التعلم".
تراكم الأزمات المزمنة مرتبط بالتوجهات السوسيو-اقتصادية و السياسية و الايديولوجية و الثقافية للنظام الكولونيالي, و هو المسؤول الوحيد عن مأساة الشعب.