زنبقة الموسيقى في صقيع السياسة!.
ماجد الشمري
2025 / 1 / 13 - 16:17
فيسفولود ميرخولد المخرج المسرحي والممثل الروسي،و قبل اعتقاله واعدامه عام1940 ندم لانه لم يصبح عازفا للكمان،قائلا:"لكنت الان جالسا في اوركسترا اتفحص كماني ولا احمل هما"!.
وايضا:ميخائيل توخاتشيفسكي الماريشال و بطل الجيش الاحمر، الذي قال ايضا وقبل اعتقاله واعدامه عام1937 نفس الكلمات تقريبا:"كم كنت اتمنى دراسة الكمان وانا طفل،والدي لم يشترلي كمانا،لم يكن يمتلك المال،كنت سأغدو احسن حالا كعازف كمان"!.
ماذا نجد من قاسم مشترك في الظروف التي عاش في ظلها كلا الشهيدان البريئان:ميرخولد المسرحي الفنان،وتوخاتشيفسكي الجنرال الاحمر الثوري من تشابه في المحنة تحت العقب الحديدية التي هرستهما معا على التعاقب دون ذنب او جناية سوى الشك والريبة في نظام توتاليتاري خانق لايقبل بالاختلاف او الفردية في الثقافة وفن التحديث العسكري؟!.وما هي تلك الرغبة السرية الحميمة التي جمعت بينهما في حب الموسيقى-العزف على الكمان-دون بقية الآلات الموسيقية؟!.تلك الرغبة التي هجعت في ذاكرة كل منهما،وانفجرت بنوستاليجيا حزينة ضاعت وتبددت كحلم صبا وشباب انشطرت تطلعاته مابين هارمونية روح مجنحة،وواقع ينبض بالتحولات والتغيير الثوري المتذبذب !.ولماذا حضرت تلك الرغبة العارمة والحبيسة في ثنايا الوجدان بتلك الشدة والتصريح عنها في أحلك الساعات وامر اللحظات:ساعة الموت!واي موت؟!.الاعدام! كأدانة جنائية كبرى من خيانة الوطن وتجسس وعمالة الى آخر التهم اياها،والتي تكال دائما لمن يرغب النظام الشمولي بالتخلص منهم وتصفيتهم!.هل كانت الموسيقى تمثل هواية وحرفة هي الاكثر حيادية وتعادلية امام تفاهة وجبروت وطغيان السياسة،بحيث تستطيع التملص والتخلص من اي اتهام او رصد من شبهة تقود الى التصفية؟!.الكمان.. اللآلة-الحلم المشترك بين الاثنان:ميرخولد الممثل المثقف،وتوخاتشيفسكي المارشال المنضبط الصارم!.هل كانت الموسيقى تشكل ترفا ولذة داخلية ممتعة بعيدا عن كل هم واشكال ومتاعب؟!.كلاهما ندما لعدم تحقيق تلك الامنية المرتجاة،فاندحر عالم الانغام وماتت زنبقة الوسيقى في صقيع زمهرير لايرحم!.
مخرج مسرحي ثوري ،وقائد عسكري متميز،كلاهما تمنيا لو كانا نكرات-ذوات عادية لمواطنين يعملان بالعزف على آلة الكمان في اوركسترا او بصبحة فرقة ريفية في مدينة صغيرة في دولة ستالين البروليتارية!الماريشال واستاذ المسرح رغبا في تغيير مصيرهما بمقايضة مهنتهما بدور عازفي كمان مجهولين يسليان الحشود في المسرح والسينما..اعتقد انهما حتى لو كانا عازفي كمان لما نجيا ابدا من التصفيات الكبرى زمن اشتراكية ستالين العطيمة المزدهرة!!!!!
...............................................................................................................................................
وعلى الاخاء نلتقي...