سوريا و القطيع و الهبل
مازن كم الماز
2024 / 12 / 10 - 08:50
لا أدري إن كان مفاجئًا أم متوقعًا تحول عدد غير محدد من السوريين إلى قطيع تحركه حالة غير مفهومة أو مشاعر غير متوازنة تغيب العقل و المنطق ، أن يتحدث شخص عن الجولاني و الحرية أو الديمقراطية في جملة واحدة هذا ظلم للاثنين و خاصة للسيد الجولاني ، بقي هؤلاء الأفندية يتغزلون بديموقراطية الرجل و وطنيته الذي يمكن وصفه بكل شيء إلا بأنه ديمقراطي و العياذ بالله ، و سيغيرون رأيهم في الغد فقط و يبدأون بلومه و حتى بشتمه … ما كان أجمل أن تتابع كل واحد من هؤلاء وراء لابتوبه و هو يطلب و يشترط ، ذلك بأن يتحرك عسكر الجولاني لحماية مكان ما و ذلك لتغيير اسم الجمهورية و ذلك لاختيار نشيد وطني جديد و ذاك يطلب سوريا "الجديدة" بالمكسرات و آخر بالسكر و رابع بالعجوة و كأن أردوغان و ربيبه الجولاني كرسونات بمطعم مجاني لهؤلاء و كأن بايدن و أبو يائير أو ترامب تفرق معهم إن عاش كذا مليون سوري أو أكلوا أو ماتوا ما داموا مربوطين جيدًا بعيدًا عن أن يسببوا أي إزعاج للسادة ، و وصلت قمة الهبل عندما بدأ البعض مزحة غريبة عن أقبية سرية تحت سجن صيدنايا لم يجدها أحد و بقي هؤلاء يعيدون نشر نفس الهبل مرارًا و تكرارًا دون أن ينتبه أحدهم للنكتة حتى وصلت القصة لأتفه من المسخرة و صار هؤلاء فرجة بهذا المستوى غير المسبوق من الهبل لدرجة أن من يسمون بالخوذ البيضاء جاؤوا من آخر الدنيا ليبحثوا دون نتيجة عن تلك الأقبية … و يتساءل مثقف خطير عمن نريد أن يكون التالي بعد الأسد ، إيران أم العراق ، و الله بايدن ينتظركم يا سادة هو و نتنياهو قرروا و خبروه … و وسط ذلك الضجيج الذي أعمانا عن رؤية السرقة و التعفيش و التشبيح على الناس كما لو أن الأسد هو الذي انتصر ، عاد ناشطونا إلى عادتهم القديمة على أخذ بوزات أمام الكاميرات و هم بكامل هندامهم و أناقتهم بينما كان مقاتلو الجولاني و أبو عمشة بهندامهم الميداني يعيدون كتابة تاريخ سوريا على كيف سيدهم … و كالعادة سيبدأ هؤلاء بالبكاء في الغد على ثورتهم المغدورة و على انتصارهم المسروق دون أن يتساءل أحدهم على الأقل عن السبب الذي جعل جيش النظام يمتنع عن القتال و هو الذي قاتل بشراسة في ظروف أشد سوءًا و لم تتمكن فصائل المعارضة "المنتصرة" اليوم من الاستيلاء يومها على كامل مدينة حلب رغم محاصرتها مرةً تلو أخرى لأن هذا كفيل بتحطيم كل الهذيان الذي قالوه على مدى أيام و سنوات حتى عن الحرية و الشعب العظيم و الثورة التاريخية التي انتصرت برأيهم اليوم … إننا أمام قطيع مصاب بهبل لا يبدو أن شفاءه ممكن و هم بهبلهم نقطة ضعف في وعي السوريين والذين مازالوا كما كان أجدادهم يعتمدون على مهاراتهم في البقاء و النجاة تحت سيف الجلاد و سوطه بمداهنته و مديحه و الانصراف إلى شؤونهم تمامًا كما فعل أجدادهم مع معاوية و الحجاج و قراقوش و الأسد