ما يحدث اليوم في سوريا
مازن كم الماز
2024 / 12 / 7 - 22:16
ليس ما يحدث في سوريا اليوم أي شيء سوى حرب بين طرفين أو بين جيشين ، من جهة جيش النظام أو ما تبقى منه بدون دعم تقريبًا بعد أن تخلى عند داعميه أو اضطروا للتخلي عنه ، و من جهةٍ أخرى مقاتلون من ميليشيات مختلفة أكبرها و أهمها ما كان سابقًا تنظيم القاعدة في سوريا و الذي يحاول أن يغير جلده أساسًا و قبل كل شيءٍ إرضاء لزعيمة العالم الرأسمالي أو العالم ربما فقط و التي سبق للتنظيم الأم أن هاجمها في عقر دارها و ناصبها العداء عقودًا … لا توجد ثورة شعبية اليوم في سوريا ، تلك ماتت منذ زمن طويل حتى بمفهومها الطائفي و المناطقي الضيق ، و لا يدور الصراع في سوريا اليوم على أي شيء اسمه حرية أو عدالة ، الصراع اليوم هو على هوية من سيحكم البلاد بغض النظر عن طريقة تلك الحكم و مبرراته و شرعيته … في الواقع كانت مناطق سيطرة تحرير الشام أو فرع القاعدة السوري هي الوحيدة عمليًا التي لم تشهد "انتخابات" مقابل انتخابات النظام الأقرب إلى تعيين سلطوي بينما قوبلت محاولة قسد تنظيم انتخابات في مناطق سيطرتها بعاصفة من الاستهجان و الانتقاد المعادي للكرد … مع ذلك فإن "المناطق المحررة" كما تسمى ليس فقط لم تشهد مثل تلك الانتخابات و لو على طريقة انتخابات النظام بل لم يتم حتى التلميح بامكانية ذلك و لو في المستقبل البعيد ، و حتى "الاحتجاجات" على حكم الهيئة في مناطق سيطرتها القديمة لم تدعو لمثل تلك الانتخابات بينما كانت شعاراتها أقرب إلى الدعوة لتسليم السلطة "لأهل الحل و العقد" من المشايخ و أمراء الحرب خاصةً أولئك الذين همشتهم الهيئة … ما يجري اليوم هو انتصار عسكري بحت برعاية تركية مباشرة و برضا و دعم أميركي إسرائيلي مقابل عجز روسي و إيراني بالصالح هدف تكتيكي بحت هو محاصرة حزب الله و إنهاء خطره على إسرائيل تمامًا كتلك اللحظة التاريخية في عام 1991 عندما لزمت امريكا لبنان للأسد الأب مقابل إرسال قواته إلى حفر الباطن ، يجري تلزيم سوريا موقتًا للسيد أردوغان الذي قام بدوره بتلزيمها للجولاني على طريقة سلاطين بني عثمان و جباة الجزية المحليين التابعين لهم ، و يجري لذلك تنصيب أسد سني بدلًا من أسد علوي و هذا هو بالضبط ما يعنيه المهللون للجولاني من كل هذياناتهم عن الحرية و العدالة تمامًا كما عرفها الشيخ المبجل صادق جلال العظم ذات يوم … و لا نشهد اليوم فقط سقوط النظام الأسدي بل و معارضته الأسدية معه ، أخيرا ستوضح لنا هذه المعارضة بالأفعال ما كانت تعنيه من كل هذا الهراء عن الحرية و العدالة و الديمقراطية الذي صدعت به رؤوسنا طوال عقود … لكن لا يجب اتهام تافهين كهؤلاء أنهم قد خدعونا ، لقد خدعنا أنفسنا و حان وقت الحساب القاسي … علينا أن نبدأ من جديد ، بالنسبة لنا بدأ اليوم نضال جديد ، يذهب طاغية و يأتي طاغية أشد سوءًا و يموت منافق و مطبل ليأتي مطبلين و منافقين أكثر سفالة ، البندقية بانتظارنا اليوم و ليكن ما يكون