نعي حركة التحرر الوطني العربية


مازن كم الماز
2024 / 11 / 11 - 08:41     

السؤال عن استمرار او بقاء حركة التحرر الوطني العربية آكثر من منطقي بعد ما شاهدناه في الأسابيع الأخيرة من مشاهد و أحداث و ما سمعناه مما كان أقرب للمستحيل قبل عدة سنوات فقط ، ليس فقط مشاهد رقص قوميين و يساريين سابقين على وقع قنابل نتنياهو بل على ما نسمعه و نراه من انتظار هؤلاء للدبابات الاسرائيلية لتحررهم من حزب الله و النظام الايراني … سمعنا مؤخرا" من يطالب بتحرير فلسطين لا من إسرائيل بل من ما يسمى اليوم بمحور الممانعة أو المقاومة و سمعنا قادة ميلشيات يطالبون بإنقاذ الدولة من سطوة ميليشيات منافسة و سمعنا عملاء صريحين لدول أجنبية ينتقدون عمالة خصومهم لدول منافسة و سمعنا من يطالب بأقصى الواقعية تجاه العدوان و المجازر الاسرائيلية و هو من ساهم بسوق شعبه في طريق حرب بلا نهاية و بلا غاية و بلا أي تأنيب ضمير ، و جرى في كل هذا الصخب التركيز على إيران أو النظام الايراني تحديدًا و هذا كلام محق بلا شك من جانب لكن تخصيص النظام الايراني وحده ليس فيه الكثير من السذاجة السياسية و حسب بل الكثير من عدم الأمانة المقصودة تمامًا فالنظام التركي مثلًا تدخل في سوريا و ليبيا و اذربيجان الخ انطلاقًا من مصلحته الخاصة و كان ذلك على حساب دماء السوريين و غيرهم و ساهم حيث حل بتحطيم النسيج الاجتماعي و استزلم و سلح مقاتلين و عملاء محليين و استجلب مرتزقة لقتل سوريين و غيرهم و لنهب بلادهم و ثرواتها عندما كان ذلك ضروريًا و ممكنًا لتحقيق أهدافه و يصح ذلك أيضًا على كل الأنظمة التي تدخلت بالشأن السوري و دفعت باتجاه عسكرة الصراع السوري السوري على أسس مناطقية و طائفية و هي الأسباب التي يسوقها هؤلاء لدعم نتنياهو ضد النظام الايراني … أمًا بالنسبة للحديث عن تحرير فلسطين من محور المقاومة لا من إسرائيل فيترجم مثل هذا الكلام على الوضع السوري أنه إذا كانت المعارضة السورية قد قامرت و تقامر بمصير السوريين و تتاجر بآلامهم و أحلامهم في سبيل مصالحها الخاصة و إذا كانت تبيعهم الأوهام و إذا كانت تعمل لحساب قوى و دول إقليمية أو دولية كما يتهم حزب الله اليوم ، يصبح المقصود عندها بتحرير سوريا هو تحريرها من تلك المعارضة لا من النظام السوري … لكن من يبشرنا بالسلام و الازدهار و الحرية بمجرد قضاء نتنياهو على حزب الله و من ينتقد حزب الله و حماس و النظام الايراني على الخراب و الموت في غزة و لبنان له تاريخ غير مبشر من الإنجازات في مجتمعه بالذات ، فهؤلاء قد تركوا وراءهم مجتمعات مدمرة إنسانيًا و اجتماعيًا و اقتصاديًا و كانوا مساهمين فاعلين في إطلاق و استمرار حروب مدمرة طائفية أطاحت بمجتمعاتهم و تسببت لها بخراب معمم … بعيدًا عن هؤلاء يصعب القول أن الحق الكامل هو في صف حزب الله و النظام الايراني ، لقد انحشرت شعوب المنطقة وسط صراعات جيوسياسية تكاد تكون حرب الجميع ضد الجميع ، تكالب كل الأنظمة ضد كل الأنظمة و تكالبها على الشعوب ، حروب جيوسياسية تستخدم فيها أوجاع شعوب المنطقة بلا أي وازع أو تردد ضد الخصوم … كلمة أخيرة و هي كلمة وفاء لرجل كرس فكره و حياته لحركة التحرر الوطني العربية و تستثمر اليوم تضحيته في نعي تلك الحركة و الانقلاب عليها أقصد مهدي عامل ، يجري ذلك طبعًا من دون العودة إلى كلمة مما كتبه الشهيد لأن ما كتبه لا يتناسب اليوم مع ما هو سائد و لا مع ثقافة القوى المهيمنة و لا تلك التي تحاول مغازلتها … ليست حركة التحرر الوطني العربية في أفضل أحوالها اليوم و إذا استثنينا حماس و حزب الله و دائرة ضيقة من اليساريين و الإسلاميين لا يوجد اليوم من يتحدث عن حركة تحرر وطني عربية ، دخل الجميع تقريبًا في الزمن الاسرائيلي و أصبح التنافس اليوم على كسب ود سيد الشرق الأوسط الجديد