همجية إسرائيل وامريكا ، والقضية الفلسطينية!


عادل احمد
2024 / 9 / 26 - 16:23     

قبل أيام انفجرت الاف من أجهزة البيجر للاتصالات في لبنان بين الناس، نُفذت من قبل حكومة اسرائيلية. وأدت كل هذه الانفجارات الى مقتل العشرات وجرح الاف من الأعضاء في الحزب الله اللبناني والمدنيين والأطفال، وخلق الأجواء من الرعب والخوف في المجتمع اللبناني. ان ظاهرة الانفجارات عن طريق أجهزة الاتصالات الالكترونية واللاسلكية أربكت الناس في العالم خوفا من استعمال هذه الأجهزة في المستقبل كونه طريقة لقتل المخالفين من قبل الحكومات والمؤسسات الأمنية والاستخباراتية...

ان القيام بهذه الاعمال الإرهابية من قبل إسرائيل يتم بالموافقة الضمنية للإدارة الامريكية في تدخلها المباشر في الشرق الأوسط وترتيب سياساتها بوجه نهوض الدور الصيني والروسي في الشرق الأوسط وافريقيا. ان الحرب في غزة والدمار الشامل وقتل عشرات الاف وجرح مئات الاف من الفلسطينيين وتجويعهم في غزة والضفة الغربية هي دلالة على شراسة الأوضاع العالمية، بسبب الأزمة التي تمر بها الطبقة الرأسمالية. ان التاريخ يعلمنا بان زمن افول وزوال الامبراطوريات طوال التاريخ يصاحبه فترة زمنية شرسة من الاعمال الوحشية. من جهة تحاول القوة القديمة ان تحافظ على هيمنتها والقوة الصاعدة تحاول فرض واقعها وقوتها على الاخرين. واليوم نرى هذا التحول في ميزان القوة بين انحدار وافول هيمنة أمريكا والغرب السياسية والاقتصادية المتمثلة بالليبرالية الغربية وصعود الصين وروسيا والهند والبرازيل، ما يسمى بالجنوب العالمي وسيطرتها التدريجية على الاقتصاد والسياسة العالمية يعبر عن جوهر صراعات الطبقة الرأسمالية العالمية الحالية. وان الحرب في أوكرانيا بين روسيا والغرب بقيادة أمريكا وبين إسرائيل وامريكا والإسلاميين في غزة ولبنان واليمن وإيران ما هي الا وجه الاخر من هذا الصراع العالمي.

ان ما تقوم به إسرائيل من الوحشية في غزة والضفة الغربية ولبنان، هي أدوات أمريكية والغربية بتمرير السياسات البربرية الإسرائيلية من اعمال الوحشية من اجل إبقاء هيمنتها على الشرق الأوسط، كذلك كل الاعمال البربرية في أوكرانيا وتصعيد القتال الى حد يهدد بالحرب النووية، هي أدوات ووسائل أمريكا والغرب من اجل بقاء هيمنتها، ومن طرف روسيا هي الإسراع في زوال الهيمنة الغربية على العالم وترسيخ هيمنة الصين وروسيا وإيجاد مكانتها في عالم المتعدد الأقطاب. وان الأعمال الوحشية التي تقوم بها إسرائيل هدفها هي أولا الإبقاء على مكانتها ودورها كأداة ووسيلة من اجل الخدمة الى الدول الغربية والأمريكية في الشرق الأوسط من اجل الهيمنة على الثروات والموارد الاقتصادية وخاصة الطاقة وموقعها الجغرافي المثالي الذي يربط الشرق بالغرب بحريا وبريا. ان شعور إسرائيل بفقدان دورها عندما تفقد أمريكا هيمنتها في المنطقة تواجه ذعرا وتخشى على وجودها وبقائها وفائدتها للغرب وهذا ما يجعل من إسرائيل القوة الشرسة والوحشية والبربرية بحق الشعوب في المنطقة. ان استعمال التكنولوجيا الامريكية والغربية من الطائرات والصواريخ وتكنولوجيا الذكية في قتل وترهيب الناس ما هو الا الخوف من زوال وجودها، لان استعمال هذا القوة المفرطة بحق الأبرياء العزل دليل الضعف وليس القوة. والضعف هنا هو الخوف من زوالها.

ان فريدريك انجلس كان على حق عندما قال ان العبد في العبودية يحتاج الى الغاء الملكية العبودية من اجل تحرره ولكن الطبقة العاملة تحتاج الى الغاء الملكية الخاصة لتحرر نفسها والبشرية من كل اشكال العبودية، لان الطبقة البرجوازية في اوج تطورها وفي كل الازمات التي تواجهها تغرق المجتمع برمته مع ازماتها... واليوم صحة قول انجلس أكثر وضوحا عندما نرى اضطراب الطبقة البرجوازية والتي تحاول جر المجتمع البشري معها نحو الهلاك. ان الطبقة البرجوازية لا تستطيع ان تعيش في يومنا هذا بدون خلق مآسي والآم للبشرية ولهذا بقائها يعني بقاء معاناة البشرية.

ان انتصار روسيا وفرض شروطها على الغرب وامريكا في أوكرانيا وفشل أمريكا في الشرق الأوسط قد يعجل من سقوط الغرب بقيادة أمريكا سريعا، وهذا بدوره يخلق عالم متعدد الأقطاب ويجعل من هذه التغيرات العالمية تغيرا في الشكل النضال الطبقي لان الاستقرار الاقتصادي والسياسي بعد التغيرات العالمية الحالية سيجعل من نضال الطبقة العاملة ان يكون هدفها أسس النظام الرأسمالي وإرساء عالم أفضل مكانه. اليوم تحاول الطبقة العاملة العالمية والبشرية المتمدنة تعميق ازمة البرجوازية عن طريق الاحتجاجات والتظاهرات المليونية الوقوف بوجه البربرية الرأسمالية. ان راي العام العالمي تقف بوجه وحشية الدولة الإسرائيلية حول قتل الفلسطينيين في غزة، وان العالم يتعاطف مع القضية الفلسطينية وتمقت الدولة الإسرائيلية ومن وقف يسند ظهرها... أمريكا والغرب.. والعالم يمقت الازدواجية في المعاير الغربية في مجال حقوق والحريات والقوانين الدولية وحق التقرير المصير وغيرها.. ان الديمقراطية الغربية تحت الهجمة الجماهيرية وان الأوهام الديمقراطية التي كانت في أوج قوتها في الحرب الباردة وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية، اليوم في انحدار واضح، تبدد الاوهام وهذا يمهد الطريق نحو النضال الطبقي الواضح للعيان في المجتمع. وهذا لا يأتي من تلقاء نفسه وانما يحتاج الى نضال مستمر للبشرية...

ان حل القضية الفلسطينية عن طريق انشاء الدولة الفلسطينية يسحب البساط من تحت اقدام أطراف الصراع والاستفادة من هذا الصراع لخدمة سياساتها.. وان بعد حل القضية الفلسطينية لا يستفيد الغرب وامريكا من همجية إسرائيل في المنطقة ولا تستفيد الأطراف الإسلامية والقومية من الدولة الفلسطينية، لان كل الأطراف تتغذى على الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.. وان الراي العام العالمي في الوقت الحالي مع حل القضية الفلسطينية وانهاء الصراع العربي الإسرائيلي.