![]() |
غلق | | مركز دراسات وابحاث الماركسية واليسار | |
![]() |
خيارات وادوات |
|
ماهية الموت بين الفلسفة وولادة الدين!.(4)
يقول فيورباخ:"الانسان هو الذي يصنع الدين وليس الدين هو الذي يصنع الانسان".وبعدها يجسده لاهوتا مفارقا اسمى منه ويعبده،وهذا جوهر اغتراب الانسان،الاغتراب اللاهوتي.ولكن لم يصنع الانسان الدين؟!.يصنعه ليس ترفا كماليا،بل هو تلبية لحاجة نفسية-روحية تتعلق بعاطفته ووجدانه بمواجهة موته!.فلو افترضنا ان حياة الانسان دائمة لاتنتهي،لما خلق الانسان دينا ابدا!.وربما طرح فكرة(الموت)كضد لحياة خالدة!.وهذا ديدن الانسان مع حاجاته ورغباته.فالدين يشكل للانسان طريق معبد سالك وآمن ومفتوح،يحل مأزقه،ويهدم جداره الصلب المغلق الذي ترتطم به حياته،الا وهو موته-مآل وجوده.يبدأ تاريخ الموت منذ لحظة الولادة.كما قال هيجل.فالانسان منذور للعدم،وماحياته سوى معبر قصير او قنطرة من الدنيوي الى الآخروي!.وماذكره هيدجر قريب من هذا:"الانسان موجود للموت"!.الانسان هو حيوان خائف فهو أكثر الاحياء خوفا يخيفه:عناصر الطبيعة المبهمة والمعادية،يخيفه الحيوانات الكاسرة والمفترسة،يخيفه العلل والامراض والاختلالات في عقله وجسده،وأخيرا،بل اولا خوفه الاكبر من الموت،موت جسد الانسان،ورؤية ذلك ولمسه كحقيقة ثابتة تتكرر يوميا،ويتم معاينتها كمصير قدري شامل لاراد له ابدا!.طبيعة معادية وقاسية،وبايولوجيا هشة قابلة للكسر والفناء،وموت يتربص ويعد الايام.كل هذا أجبر الانسان على التفكير الجاد،وشحذ مخيلته من أجل خلق وايجاد السبل العملية والنظرية للتخفيف من،او منع التأثيرات المسلطة على وعيه من ظواهر طبيعية ووجودية تضغط عليه بكوارثها ونكباتها وخساراتها المدمرة.ومن هنا أنبثق من مخياله المبدع،وتفتق فكره عن خلق مهول من أساطير وخرافات وعوالم ويوتوبيات،الخ من غرائب وعجائب وفنتازيا الاديان والمعتقدات.وفي المحصلة خلق الانسان الفنان كون شاسع من تجليات ومظاهر واشكال الدين،وغربها كقوى خارجية وسامية ومسيطرة تحكم العالم بكل مخلوقاته وفي مقدمتها الجنس البشري،و كانت النتيجة مبهرة سيطرت ونفذت الى كل خلية من عقول معتنقيها ووارثيها.ولايهمنا هنا او يعنينا التعريج او التوقف عند تاريخ تطور الاديان والعبادات التي ابدعتها الشعوب عبر التاريخ المدون،ومدى اتساقها او تنافرها،او معقوليتها ومنطقية طقوسهامن:أرواحية وطوطمية،ووثنية،وتوحيدية،الخ،في ثقافات الشعوب وفي بيئاتها الجغرافية،وعلى مدى محطات تاريخها،والتي صاحبت تاريخ الانسان منذ بداية وعيه الذاتي وادراك محيطه البيئي الذي وجد نفسه فيه.لن نستعرض ذلك بقدر مايهمنا التركيز على العلل والاسباب التي دفعت الانسان ليفكر ويتخيل أجوبة صعبة على اسئلة أكثر صعوبة!.اجوبة وانساق من سيناريوهات الخلق واصل العالم،ولماذا يولد ويموت الانسان،ومن أين اتينا والى أين نحن ذاهبون؟!وهل يشكل الموت نهاية،او هو مجرد بداية او مرحلة من الدراما البشرية الخالدة.صنع الدين سرديته الروائية،اساطيره،تراثه المتراكم،الايمان الراسخ بماجاء به او سطره،الخ.كل ماصنعه الانسان وخلقه من آخرويات وعوالم ما بعد هذا العالم خفف وقلل من الخوف والفزع وزرع نوع من السكينة في قلب الانسان المرتجف.فلاخوف من الموت،فهناك حياة آخرى،وايضا خالدة ،وهذا عز المنى والطلب!.فالموت ليس آخر المطاف، بل محطة سريعة لعالم سرمدي جميل.ومع الدين ازدهر الامل وانتعشت نرجسية الانسان بوجود حياة آخرى ممتدة خالدة كتعويض ومكافأة على وجود زائل وعرضي.وفكرة البعث اوالتناسخ هي فكرة مركزية في كل الاديان والاساطير سواء في ديانة البراهما او الزرادشتية او المصرية او الرافدينية..
|
|