بايدن يرفع “الراية البيضاء”
سيد صديق
2024 / 7 / 23 - 11:43
ترجمة سيد صديق
أُجبِرَ الرئيس الأمريكي جو بايدن على الانسحاب من الترشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية باسم الحزب الديمقراطي، مما يشير إلى أزمة عميقة في الولايات المتحدة.
وانسحب بايدن اليوم الأحد بعد أن أصبح من المستحيل بالنسبة له أن يستمر. وكان أعضاءٌ كبار بالحزب الديمقراطي، مثل باراك أوباما والسناتور تشاك شومر والمتحدثة السابقة باسم مجلس النواب نانسي بيلوسي، قد أعلنوا أنهم ضد ترشحه. والأهم من ذلك أن المزيد والمزيد من مانحي الحزب الديمقراطي؛ من وول ستريت إلى هوليوود، هددوا بقطع تمويلهم للحزب. وقال أحد المانحين من وول ستريت: “بايدن فهم الرسالة بأنه لن يكون هناك دولار واحد إضافي من التبرعات”.
واتسع تقدُّم دونالد ترامب على بايدن إلى 5% منذ محاولة الاغتيال الأسبوع الماضي. وقد فشل بايدن حتى وفقًا معاييره المؤيدة للرأسمالية. حين انتُخِبَ في العام 2020، لعب بايدن ببطاقة مناهضة الشعبوية ووعد بحكومة تكنوقراط تتمتع بالكفاءة. وكان من المفترض أن يتمكن من مساعدة أصحاب الأعمال والأغنياء.
لطالما تفاخر الديمقراطيون بأنفسهم باعتبارهم مهندسي النظام. لكن كل زلات بايدن الأخيرة -مثل الخطأ في اسم نائبة الرئيس كمالا هاريس وقول “نائبة الرئيس ترامب”- قد قوضت هذه الصورة التي يروجون لها بعناية. لكن بينما وقع ترامب في عددٍ من الزلات هو الآخر، وبدا مرتبكًا، وأدلى بتصريحات جنونية مثل تشبيه نفسه بالمسيح، لم يواجه المستوى نفسه من التدقيق في ما يدلي به.
من غير المرجح أن تكون هناك دعواتٌ جادة لانسحاب بايدن لأسباب تتعلق بصحته لو كان قد تقدَّم بفارقٍ مريح عن ترامب في استطلاعات الرأي. يعكس فقدان شعبيته بشكل متزايد مشكلات أعمق حول فشل رئاسته في مساعدة الأمريكيين العاديين. وقال إريك، وهو ناشط اشتراكي في نيويورك: “هناك انفصالٌ بين ما يقوله الديمقراطيون عن الاقتصاد الأمريكي ومعيشة الناس العاديين”. وأضاف: “لا يشعر الناس بتأثير اقتصاد بايدن. إذا تمكنوا فجأة من شراء المنازل التي لم يتحملوا ثمنها من قبل، لكان الاقتصاد قد بدا ناجحًا. لكن أمورًا مثل الإسكان والرعاية الصحية تظل تمثل مشكلاتٍ ضخمة”.
لقد استخدمت رئاسة بايدن تدخل الدولة في الاقتصاد، لكن ذلك جاء في شكل إعفاءات ضريبية وأشكال أخرى من دعم الشركات الكبيرة. في الوقت نفسه، تراجعت المساعدات الحكومية، وارتفع الطلب على بنوك الطعام، وارتفع انعدام الأمن الغذائي بشكلٍ كبير، فيما بلغ التشرد مستوىً قياسيًا. وزاد عدد من يواجهون صعوباتٍ في تحمل تكلفة النفقات الأساسية من 23% في 2020 إلى 39% في 2024.
قال مايك، وهو معلم من ميشيغان إن “مسألة سن بايدن ما كانت لتمثِّل مشكلةً إذا كانت سياساته جيدة. ولو كان هناك شعورٌ أوضح لدى الناس بأن الديمقراطيين يقدِّمون بديلًا، لما وصلنا إلى ما نحن فيه”. وأضاف: “بايدن مرشح سيئ، ليس بسبب سنه، بل لأنه مرشح داعم للشركات الكبرى”.
تشير استقالة بايدن أيضًا إلى حدود بيرني ساندرز وألكساندريا أوكاسيو كورتيز وغيرهم من الديمقراطيين، الذين دعموا بايدن حتى النهاية. وكما قال إريك: “إن دعم اليسار لبايدن مكَّن أولئك ذوي الرؤى اليمينية من توسيع دعايتهم. يمكن للسياسة أن تشهد استقطابًا على الخطوط الطبقية، لكن بايدن عمل على منع ذلك، مثلما أوقف عمال السكك الحديدية من الإضراب”. وأضاف: “كان من الممكن لليسار أن يصعِّد الحركة في الشارع ليقول إن هذه هي القضايا التي نناضل من أجلها. لكن اليسار قدَّم تنازلاتٍ مع الوسط، وأدَّى ذلك إلى خيبة أملٍ تجاه البدائل اليسارية عن ترامب”.
يمثِّل كلا الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، أقسامًا مختلفة من الطبقة الرأسمالية -وليس أيٌّ منهما منحازًا للطبقة العاملة. لكن انسحاب بايدن سوف يزرع الشقاق بين الديمقراطيين أنفسهم. سترغب كمالا هاريس في خوض السباق إلى البيت الأبيض، لكن ما من وحدةٍ عليها. والأمر الوحيد المؤكد، كما قال مايك، هو أن “المؤسسة الديمقراطية ستقوم بإقصاء أي مرشح تقدمي”. وأضاف مايك: “لا يمكننا السماح بانجرار الحركات اليسارية إلى التركيز بشكل كامل على انتخاب رئيس ديمقراطي”.
بينما يتشاجر الديمقراطيون مع بعضهم، هناك حاجةٌ إلى مقاومة من أسفل. في 2016، على سبيل المثال، منع المتظاهرون مسيرات مؤيدة لترامب. نحن بحاجة إلى تحرك مشابه الآن -واليسار بحاجة إلى البناء خارج صفوف الديمقراطيين للكفاح من أجل سياسات اشتراكية قائمة على النضال.
* التقرير بقلم: توماس فوستر – صحيفة العامل الاشتراكي البريطانية