إسرائيل دولة على أعتاب الفاشية
نهاد ابو غوش
2024 / 7 / 17 - 09:11
يتزايد الحديث في إسرائيل عن أوجه الشبه بين قوى اليمين المتطرف المعروف بتيار الصهيونية الدينية، أو اختصارا "الحردلية" وقوى اليمين المتطرف والنازية الجديدة والقوى الفاشية والعنصرية باشكالها الحديثة في أوروبا ومناطق أخرى من العالم مثل التيار اليميني في الحزب الجمهوري وحزب بهاراتيا جاناتا اليمين الحاكم في الهند برئاسة ناريندرا مودي وهو صديق مقرب لبنيامين نتنياهو. وثمة من يرى أن للقوى الفاشية القديمة والحديثة علامات وسمات مشتركة ، البعض يتحدث عن أربعة عشر علامة، والبعض عن سبع أو ثماني سمات من بينها الاستعلاء القومي أو الديني، والنقاء العرقي، والتفوق، واضطهاد الأقليات سواء العرقية أو القومية أو الدينية، وتبني العنف في مواجهة الآخر سواء كان عدوا خارجيا أو أقلية داخلية، والعداء للديمقراطية وما يرتبط بها من حرية تعبير، ومعاداة النخب الثقافية والأكاديمية والحقوقية، وتمجيد الزعيم الفرد الذي يكون في العادة مستبدا وديكتاتورا، والارتباط بالدين أو الاستعانة بالرموز الدينية لتبرير السياسات المتطرفة، ومعاداة الحقوق المدنية بمروحتها الواسعة الحديثة بما يشمل حقوق المرأة والإجهاض وحرية الاعتقاد والميول الجنسية، وتقديس فكرة الأمة باعتبارها جوهرا عابرا للتاريخ والجغرافيا. كل هذه العوامل وغيرها من سمات مشابهة يمكن العثور عليها أدبيات القوى اليمينية الصهيونية التي قد تتغير تشكيلاتها السياسية وأحزابها، ولكنها كاتجاه موجودة وفاعلة في الحياة السياسية افسرائيلية وقد انتقلت مؤخرا من هامش الخريطة السياسية الإسرائيلية إلى مركزها المقر.
ومؤخرا، نشرت صحيفة (هآرتس) تقريرا مطولا من إعداد دافيد أوحانا، وعودد هيلبرونر رصدا فيه مظاهر صعود القوى الفاشية في إسرائيل، انطلاقا مما شهدته مسيرة الأعلام في القدس من انفلات من اسموهم زعران اليمين في أزقة وشوارع البلدة القديمة، واعتداءاتهم على العرب والصحفيين، وهي مظاهر تذكر بحسب التقرير بكتائب اس.اي في ألمانيا الثلاثينات والعشرينات واعتداءاتها على محلات اليهود والشيوعيين، أي الفترة التي سبقت صعود النازي للحكم. يقارن الكاتبان بين إسرائيل الحالية وألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى فيجدان عددا من أوجه الشبه والفروق، ويستنتجان أن إسرائيل الآن هي في مرحلة "عتبة الفاشية".
يقول التقرير أنه كان من الصعب التمييز بين الزعران وممثلي الدولة (الشرطة) فالطرفان عملا على بث الذعر والإرهاب على سكان البلدة القديمة، والزعران هم أتباع مجانين للزعيم الأزعر ذي الماضي الجنائي ( بن جفير) والذي يخضع له جهاز شرطة كامل.
ويلحظ التقرير تزامن صعود اليمين الراديكالي في إسرائيل بتعزز اليمين والموجة الشعبوية في أوروبا، ففي اسرائيل تتعزز القاعدة الاجتماعية لليمين الراديكالي (ما قبل الفاشي) وتضم إلى المجموعات الأكثر تطرفا أجزاء من مصوتي الليكود الذين يعرفون بـ"البيبيين"، وينشأ تحالف بين اليمين السياسي الثقافي المحافظ، ومجموعات هامشية من الطبقات الدنيا، ومجموعات دينية تؤمن بقيم الدم والعرق والقداسة والقومية والموت والتضحية.
توجد في اسرائيل أزمة تُذكّر بأزمة النظام السياسي الديمقراطي لجمهورية فايمار في المانيا بعد الحرب الأولى، ومسيرة الفاشيين نحو روما في ايطاليا، والعلامات المشتركة بين الأنظمة المتجهة نحو الفاشية هي : أزمة النظام الديمقراطي، والشروخ في المجتمع، والصراع على صورة النظام السياسي والعلاقات بين السلطات وطبيعة الديمقراطية، وهي أزمات تستدعي حسب بعض المنظرين وجود حاكم دكتاتور ليفرض النظام. ويقول التقرير أن الديمقراطية في اسرائيل ما زالت قوية خلافا لجمهورية فايمار، ولكن يوجد ايضا زعيم كاريزماتي شعبوي ورجل دعاية مستبد بات على بعد خطوة من ان يكون زعيما فاشيا، ومرجعيته وحلفاؤه هم زعماء شعبويون وفاشيون مثله كدونالد ترامب ومودي في الهند، وفيكتور اوربان في المجر. فإذا أضفنا إلى كل ذلك الاحتلال والابارتهايد وسيطرة مجموعة عرقية واحدة على كل شيء فلن يستبعد خيار الفاشية في إسرائيل.