الشيوعيون و ( لروحه الرحمة ).


صادق العلي
2024 / 4 / 20 - 16:47     

تمهيد :
كلمات التعزية عند الشيوعيين متفق عليها باجماع فقهاء الفكر الماركسي وهي ( لروحه الرحمة او لروحها الرحمة ) لانهم لا يستطيعون استخدام كلمات ذات دلالات دينية مثل ( الى جنات الخلد او رحمه الله ... الخ ) .
,,,,,,,
قد يبدو هذا الموضوع مجرد اختيار لبعض الكلمات في مناسبات اجتماعية , ولكنني اقول لا فهو موضوع اعمق من ذلك كما في موضوع التعريفات لمصطلحات اليساري والعمالي والشيوعي والاشتراكي الملتبسة عند الكثير منهم .
مصطلح الروح ياخذنا بالضرورة الى التسليم الديني الغيبي إذ لايوجد تعريف علمي منطقي لكلمة الروح والروحانيات والروحي ,,, الخ , هناك تعريف واحد فقط ديني هو الشائع بين الناس مع محاولات حثيثة منهم لاثبات وجوده علمياً .
يعترف المرء بانه جاهل ويفتخر بهذا الجهل فقط امام رجل الدين وكلما ارتفعت مكانة رجل الدين في قلبه زاد جهلاً وزاد اعترافه بانه لا شيء في حضرته , هذه القاعدة اصبحت من المسلمات بالنسبة لرجل الدين وبالنسبة للانسان البسيط ايضاً إذ تحدد ادوراهم وتجعلهم سعداء بما هم عليه فالانسان البسيط لا يفكر طالما هناك رجل الدين يفكر بدلاً عنه ويتخذ القرارات الخاصة به وبافراد عائلته .
لكن الامر مختلف تماماً عند الانسان الذي اقتنع بفكرة ما وتحزب لها على اعتبار انه اطلع عليها بشكل جيد وادرك الفروقات بينها وبين الافكار الاخرى وعليه يجب ان يعي القناعات الجديدة التي تتولد لديه عند انتمائه لحزب ما , بعد ذلك يقدم نفسه على انه منتمي لهذا الحزب او ان يسوق افكاره للاخرين .
الامر مختلف عند الشيوعيين العراقيين بشكل خاص فالانتماء للحزب او لجماعة تدعي انها شيوعية ليس بالضرورة ادراك ثيمة الشيوعية بدليل اننا نجد الكثير منهم لا يميزون بين المصطلحات اعلاه ناهيك عن جهل بتفاصيل كثيرة عن جوهر الشيوعية .
جاءت هذه الحالة من خلفية انتشار الشيوعية بشكل شعبوي في منتصف القرن المنصرم , في العراق تحديداً بعد الانقلاب على الملك وقتله وعائلته وكل من معه , إذ اخذت عناصر الحزب الشيوعي بعقد ( حلقات توعية ) بشكل عشوائي , بمعنى اخر استغلال اي تجمع اجتماعي وتقديم خطبة شيوعية عصماء لهم حتى لو كان في سوق شعبي او في موقف سيارات وغيرها ربما في حافلة لنقل الركاب .
وبما ان الفكر الشيوعي يلامس المشاعر بنعومة طرحه وبقوة اثباته فانه انتشر بشكل كبير بين الناس الفقراء والقرويين المهاجرين تحديداً , ايضاً انتشر بشكل ملفت في القرى الاقضية الفقيرة وهذا ما اعتبره قادة الحزب نجاحاً باهراً فتوسيع القاعدة جماهيرياً من اهم اولوياتهم التي عملوا عليها ولا بأس ان كانت هذه القاعدة الجماهيرية الشيوعية يصلون ويصومون ويمارسون طقوسهم الدينية , بالمقابل اعتبرها القوميون ورجال الدين خطراً على المجتمع مما حمل رجال الدين على الافتاء بان الشيوعية كفر ويجب التخلص منها ومن معتنقيها بشكل بشع .
ربما كان هناك هدف خاص عند قادة الحزب الشيوعي لهذه الحالة او هي حالة من غرس بذور الفكر الشيوعي في قلوب وعقول الجماهير كي تنمو مع الايام وتزهر كلما ازداد الانسان العراقي وعياً .
لكن ما انتجته هذه الحالة هو الاخطر على الشيوعية بوصفها فكر له خصوصيته , لقد انتجت اناس يتحدثون عن النظال ولكنهم بالحقيقة لا يعرفوا من النظال الا اسمه , ايضاً انتجت اناس يتحدثون عن الله كونه الرزاق السميع البصير !, الاغرب من ذلك تبرير هذا التناقض .
المفاهيم الفلسفية واضحة ولا تحتاج الى تدليس فقهي , لان اهم ما يميز الشيوعية انها مادية Materialism
تعريف المادية بشكل مبسط :
(العالم او الحياة او الدنيا ) هو ما حولنا فقط ولا يوجد شيء خارجه بمعنى اخر ان العالم عبارة عن ناس واشجار وحيوان وطرقات وكل ما يحيط بنا من اشياء ملموسة , لا يوجد شيء غيبي خارج هذه المنظومة سواءاً في السماء السابعة ولا في الارض الرابعة .
في الشيوعية التي هي مادية بحتة ليس هناك من يقسم الارزاق والاموال على الناس , في الشيوعية ليس هناك من يوسوس في صدور الناس وعليه ليس هناك مبرر ليفتتح الانسان الشيوعي يومه بالمعوذتين , ايضاً في الشيوعية ليس هناك من ينير قبر الميت او ان يرحمه يوم القيامة .