فلسطين بين نفاق الأصدقاء وسفالة الأعداء


علي طه النوباني
2023 / 12 / 14 - 16:19     

بقلم: علي طه النوباني
في تصريح لوزير الخارجية الروسي لافروف يقول: "إن موسكو لن توافق على أي تسوية تمس أمن إسرائيل، ولا تشمل إقامة دولة فلسطينية".
وربما يبدو حديث لافروف لبعض العرب مغريا على الرغم من الإسفين الذي يدقه في الحقّ الفلسطيني، وهو أمن ما يسمى بإسرائيل!
كيف يكون أمن دولة فصل عنصري "أبارتيد" تنكر حق العودة للشعب الفلسطيني كما أقرته القوانين الدولية، وتسمح لنفسها بالاستيطان في أي قطعة أرض تحتلها ناظرة إلى الناس الأصليين فيها على أنهم مجرد سكان تنقلهم حيث تشاء، وتبيدهم متى تشاء.
كيف يمكن لأحد أن يطلب الأمن لسارق أو قاتل دون أن يحقق العدالة للضحية؟!
ليس من حق أي دولة تمارس الفصل العنصري أن تنعم بالأمن حتى تزيل جميع مخالفاتها للقانون الدولي، وما عدا ذلك فإن أي حديث عن أمن ما يسمى "إسرائيل" هو هرطقة ونفاق وتلاعب بالمنطق والقانون الدولي وحق العرب والمسلمين والفلسطينيين الثابت الذي لن يتم التنازل عنه مطلقا، وسيبقى مهددا للأمن والسلم العالمي إلى أن يتم تحقيق العدالة للفلسطينيين دون نفاق أو مواربة أو لف ودوران.
لقد قام الكيان الصهيوني المسمى "إسرائيل" على التطهير العرقي للسكان الأصليين العرب-الفلسطينيين، وإنما يتم تحقيق الحد الأدنى من العدالة بتحقيق ما يلي:
1- إنهاء سياسة الفصل العنصري في الشكل الجديد للدولة في فلسطين والتي ستكون دولة لكل مواطنيها، واعتبار كل شخص يؤمن بأفضلية عرق على عرق أو دين على دين أو لون على لون مجرما مكانه السجن، وليس مشاركا في رسم السياسات ومتخذا للقرارات كما هو الحال في دولة الكيان المجرمة المدعوة "إسرائيل".
2- تنفيذ حق العودة للشعب الفلسطيني لأي بقعة من فلسطين دون أي انحراف عن النص الحرفي للقرارات الأممية ذات الشأن.
3- جميع فصائل المقاومة، وعلى راسها المقاومة الإسلامية حماس، هي جزء أساسي من حركة النضال والكفاح المسلح المشروع ضد الاحتلال والفصل العنصري والتمييز العرقي والديني. ومن حق هذه الفصائل أن تشارك في الشكل الجديد للدولة سياسيا وإداريا وفي كافة مناحي الحياة.
إن أي تعاطف مع الحق الفلسطيني لا يستوفي هذه المبادئ هو تعاطف الأعلى مع الأدنى، وهو يضرُّ القضية أكثر مما ينفعها. كما أن الحديث عن أمن ما يسمى إسرائيل دون إنهاء الفصل العنصري وتنفيذ القرارات الدولية، وأبرزها حق العودة، هو حديث عن حماية مجرم قاتل من المحاكمة، وهو ذر للرماد في العيون وضحك على الذقون.
العالم اليوم بين خيارين لا ثالث لهما: أولها تحقيق العدالة للفلسطينيين، وهو ما قد يمنحه شيئا من الأخلاقية للاستمرار ومواجهة أزماته الصعبة في الاقتصاد والبيئة وغيرهما، وثانيهما أن ينفجر الاحتقان لملياري مسلم يشعرون بالاضطهاد والظلم فيكون وبالا على العالم باسره.
يبدو أن السيد لافروف يتحدث بما يسمعه من السياسيين في بلادنا العربية والشرق الأوسط، وليس بما يمليه الحق والعدل والمنطق. وينبغي هنا أن نشير إلى أن هؤلاء السياسيين في منطقتنا لا يطرحون أنفسهم قادة لنظام عالمي جديد كما تفعل روسيا. فإذا ما أصرت روسيا على تقديم نفسها على أنها رائدة العالم الجديد، فعليها أن تقدم طرحا ثوريا ينحاز للعدالة والحق، وألا تمارس النفاق لأدوات الإمبريالية العالمية كما تفعل اليوم. وما عدا ذلك فإنه ينبغي على قوى التحرر في منطقتنا أن تنظر إلى روسيا على أنها إمبريالية ناشئة تسن أسنانها لكي تفعل كما يفعل غيرها من القتلة والمجرمين في هذه الغابة الموحشة.