الشاعرة المبدعة وئام مُلا سلمان في -أسرار من سِفر الغيبوبة-: ترجمة


حسين علوان حسين
2023 / 7 / 11 - 00:46     

توطئة
هذه القصيدة منشورة في موقع "النور" بتاريخ 2012-09-11 على الرابط:
http://alnoor.se/article.asp?id=168903
وقد كنت قد طلبت من ادارة التحرير في الموقع أعلاه (رفيف الفارس) تزويدي بالبريد الإلكتروني للشاعرة العراقية الكبيرة وئام ملا سلمان للتواصل معها ولأخذ موافقتها على الترجمة، ولكن جهودي باءت بالفشل، على الأقل لحد الآن، مع الاسف.
في "أسرار من سفر الغيبوبة"، تصف القصيدة رجلاً نرجسياً هارباً من مرارة الواقع وخيبات آمال النضال القديم منذ اليفاعة بإغراق نفسه في تعاطي المسكرات والبحث عن المرأة، والانسلاخ بالهذيان عن ماضيه الضائع في شيخوخته، حالما بالموت سكرانا في حضن امرأة. النص عبارة عن مرتسم لشخصية درامية مصاغ بخطوط سوداء حادة وغير حيادية الإدانة البتة، ربما تعبيراً عن الخيبة الشخصية الشديدة للشاعرة تجاهه. أنها قصيدة هجاء ببلاغة تدميرية. الصور فيها كلها دينامية ومبتكرة، تمزج المألوف بسحر الخلق المكين المبدع. أنه شعر جديد يفتح بوابات متفردة واسعة على حقول عذراء من فضاءات الكلم. وهي خليقة بالإعجاب والدهشة والتهنئة والتطلع لما بعدها.
نص القصيدة
أسرار من سِفْر الغيبوبة

مَن عَرِفته، هو
التائه في أزقة نرجسيته؛
الطفل الذي سرقه النبيذ،
وسافر به إلى حدود اليفاعة.
مسروقاً، ما انفك
حتى في شيخوخته،
يخب في رياض القنب باحثا ًعن امرأةٍ.
معلقا ً بالغيوم،
وعلى مرمى حقوله،
يشم نفح الهروب من مرارة الحقيقة.
منتشياً بسحر الهذيان،
إذ الكلمات تنبجس من فمه دائخةً،
محنطة بأجنحة الأحلام الخاسرة،
خدرت في أفضية زيوت الماريجوانا المتطايرة.
سلطان الضياع يحمل الصولجان،
يتطوح في عالم فضي،
يـُشرعـنُ فيه الكذب،
غير مكترث لثقب الأوزون الذي يهدد الحياة،
ولا للدماء التي صبغت غابات السنديان،
متفقداً قبور رعيته، وشاتماً لهم.
صور الذكريات على ظهره
مكتظة بقصور من سكـّر تتلاشى بخفق المطر؛
عقيق الزمن المطفأ يتناثر من نافوراتها،
والجمرات الباردة تسخر من أُجاق البطولات.
الآمال تضيق بحبلها على عنقه،
والآجال لم تغادر فم المدخنة،
مرابطة عنده،
متراقصة تحت صقيع العمر الذي يتلوى بحامله،
وهو يغني لبرودة جسده الآتية،
منسلخاً من ماضيه وما طوي،
متلذذاً بطعم موتٍ طفولي أبيض،
يمسح دم النضال المشبع بالخطيئة،
ساكبا ًعرق إرتعاشه الأخير،
وتاركاً حدقتيه نزيف رغبة مكبلة،
عسى أن تكون أصابع أنثى
من تخلع عنه نظارتيه،
وتسبل له جفنيه.
أيلول 2006

الترجمة:

Secrets from the Book of Coma

The one she knew was lost
In the alleys of his narcissism.
The child who stole the wine
That traveled him to juvenile frontiers.
Stolen, he never abandoned,
Even in his old age,
Trotting in hemp gardens, searching for a woman
Hung in the clouds.
Along his pastures
Smells the whiff of escape from bitter reality.
Intoxicated by delirium magic,
Where words pop from his mouth dizzy,
Embalmed in the wings of lost dreams,
Sedated in the air of volatile marijuana oils,
The sultan of loss carries the scepter.
Staggering in silvery world,
Where falsehood is the norm,
Careless of the fatal ozone hole,
And the bloods that dyed the oak forests,
Visiting his subjects’ graves, and swearing at them.
Memories picture on his back,
Crowded in sugar palaces that vanish in the beating of rain.
Extinguished time agates spurted from their fountains
And the cold embers ridicule the ages of championships,
Expectations tighten their ropes around his neck,
And the dooms did not leave the chimney’s mouth.
Stationed within him,
Dancing under the age’s frost that wriggles its bearer,
Singing for his coming cold body,
Plucked from his past and its folds,
Savoring the taste of childish white death.
He wipes the struggle’s blood impregnated with sin,
Pouring the sweat of his last quiver,
Leaving his eyeballs bleeding from bound desire,
May a female fingers become
The ones that take off his spectacles,
And close his eyelids.

September, 2006