قبل خمسين عاما
مظفر النواب
2023 / 6 / 13 - 22:48
***************** مظفر النواب
وكُنَّا نزورُ أَقارِبَنا
قبلَ خمسينَ عاماً
وكانت لهم طِفلةٌ
يرقصُ الصَّمتُ فيها
وفي بيتِهِم دَرجٌ مُعتِمٌ
يلتَوي مرتيَّنِ
ويَندسُّ بينَ النِّجومِ
لقد سافروا
في غُيومِ سجائِرِهِم
وكأَنَّ الزَّمانَ يُدَخِّنُهُم
وانسحَبنا إلى دَرجِ العشقِ
في صَدرِها بُرعمٌ
قامَ توَّاً
وآخرُ بعد قليلٍ يقومُ
ودَسَّت كحُزنِ الزَّنابقِ
قِطعةَ حلوى بِريقي
تَردَّدَ فيَّ صَداها
ومازِلتُ حينَ يُسافرُ صَحبِي
على غيمةٍ مِن دُخانِ الهُمومِ
أُردِّدُها مثلَ شَدوٍ
يُراقُ على الذِّكرياتِ
ويَصعَدُ في داخلي
دَرجٌ يلتَوي مرَّتينِ
وينزلُ فيَّ دُموعاً مؤَجلةً
فالسَّماءُ ملبَّدةٌ بالغُيومِ
تُرى إن رجَعتُ
لبغدادَ يوماً
نَزورُ أَقارِبَنا؟
أَمِ الدَّهرُ دَخَّنَهم؟
وعلى دَرجِ الأَمسِ
سيِّدةٌ تَتّكي في الصُّعودِ
على الذِّكرياتِ
تُدخِّنُ قطعةَ حَلوى
غَدَوتُ فراغاً بذاكِرَتيَّها
ويبقى الفراغُ وجومٌ يَحوم
ولستُ أَظنُّ الشَّوارعَ تعرِفُني
فأَنا مِن زُقاقٍ صغيرٍ
مِن الأَمسِ
وقد كانَ هذا الزُّقاقُ
يكفي تَمُرُّ الخَليقةُ منهُ
وهَدَّمَهُ الحِزبُ ذاتَ مساءٍ
لأَنَّ الزُّقاقَ يُخالفُ
مَفهومَهُ البدويَّ عن الشمسِ
زالَ الزُّقاقُ
وتِلكَ الخَرابةُ تَغفو على النَّهرِ
بيتُ أَقارِبِنا ( هذا كلُّ اللي ضلَّ )
دكَّتا درجٍ تلعبانِ
مع الماءِ والشَّمسِ والذِّكرياتِ
ولئلاءُ شيئٍ صغيرٍ
كقرطٍ صغيرٍ
يُشارِفُ أَجراسَ دجلةَ
أُوَّاهُ أُوَّاهُ أُوَّاهُ
خمسونَ عاماً بدونِ العراقِ
وإن كُنتُ فيهِ
وأُوَّاهُ مِما الصَّدى
يتردَّدُ رَغمَ وجومي
فآخرُ مَنزلةٍ في الغرامِ الوجوم