عتريس ولد مفتون بالزهد

أهمية التكرار تأتي من حيث تكاتفه واندماجه مع العناصر
الشعرية الأخرى فيسهم في الرقي بالتجربة الشعرية، ويغني شموليتها ورؤياها،
لاسيّما إذا استثمرهُ شاعر موهوبُ، ليُحققّ أكبر قدر من التأثير في نفس السامع،
بما ينسجمُ مع وعيه وثقافته وطبيعة تجربته ومستوى عمقه الإبداعي.
كانت هذه مقدمة لابد منها قبل البدء فى دخول العالم الشعرى
للشاعر اشرف عتريس وديوانه الجديد ( ولد مفتون )
. مقام سيدنا الولى ..
برزخ شفاعة للنبى وله كرامات..
كام شمس وليل والعين بتغمض على كتر كلام
وتفتّح على فيض الحميد المجيد
بسم الله سميت ..
ياالله ..الله ..الله
خبّينى من خل يخون خدرى ويستحلا خليلتى
حضّرنى من غيبتى ،..
لفّنى بالمرحمه والبركه والوحى والحشد والبرق الوضّاح
من عين كل اللى شاف روحى
وهيحلف بنور النبى مدد
من عين كل اللى شاف روحى
وهيصلى ع النبى مدد
من عين كل اللى شاف روحى وهيشهد
قلبى مقام زى سيدنا الولى
برزخ شفاعه للنبى وله كرامات
بلسان مداح ..
مدد مدد
مدد مدد
نلاحظ التكرار (من عين كل اللي شاف روحي)
وكأنه يستعيذ بالله ومقام رسوله من عين كل حسود وقد تحول إلى حالة نورانية
تمنى أن تستمر وتدوم بمعونة الله وتأييده فإذا به ينطق
لتكرار ومافيه من إيقاع وتناغم وماله من دلالات توحي بالجو النفسي للشاعروما تفتحه علينا من دلالات
وانزياحات تشير لرؤية متفردة وقدرة شاعر متمكن – نشهد له بلا تزيد .
(مانا واعى للدنيا لسه قريّب زى خالى الطيّب اللى مات عاشق
وقدر ينفد من بابها المردود ع الدنيا التانيه اللى بجد
من غير ماينادى عليا ولا ينده عليك .
تهمونى فيك بالكدب !! ..)
رمزية الوطن الام وكل قيمة يؤمن عتريس بها فى شعره ومشواره الطويل وخبرته المعرفية وقراءات فلسفية نعلمها تماماً عنه ،
قد يكون انشطار نفسي أو نستطيع أن نقول القلق والتوتر بين الحزن على ابن الشهيد الذي فقد أباه
وحزن ثقيل على نكسة يونيو وهزيمة الوطن، نعم هى حالة انكسار
هو يصر على توصيف المشهد وتعميق الرؤية وتأكيد المشهدية التى
يحيا فيها من حياة ودم للشهيد وقهرة ام /وطن وفرحة السما ورقة شاعر لايهدأ ولا يستكين كما لاحظنا بطول النص ونصوص الديوان كله ..
نلاحظ نغمة الإيقاع و قدرة الشاعر على استخدام التكرار في موضعه من القصيدة تكرار ليس فيه تكلف ولا رداءة،
تكرار وثيق الارتباط بالمعنى العام وسياق النص وله علاقة كبيرة بظروف الشاعر النفسية وحالته الشعورية ،
تكرار يقوي القصيدة ويجذب انتباه المتلقي ليشاركه بل ربما يتبنى فكرته ويدافع عنها ويرب لها من مفردات جاذبة ورؤية حقيقية.
ولو صادمة من خلال عنوان ديوانه ( ولد مفتون ) يأتي لإثبات شيء واقع في نفسية الشاعر بل ربما صراع يجعل الشاعر في حالة قلق يتزايد أحيانا لأن
الشاعر بين عالمين عالم أرضي مرتبط بالدنيا بكل مكوناتها وملذاتها وعالم علوي مرتبط بالسماء وهيبتها وساكنيها.

اذن التكرار يساهم في توثيق وحدة النص وتقويته وهو مرتبط بالحالة النفسية للشاعر بشكل مباشر وما يريد أن يبعثه من رسائل
ومضامين فكرية وفلسفية وشغف صوفى وحب لله ثم الذات التى تتجلى وتحلق ،
لا أملك بعد هذا التَّطواف في روضة هذا الزاهد ( ولد مفتون )غير اعلان دهشتى واعجابى بتكنيك الشاعر وتفرده .
الله عليك ياعتريس حينما تذوب عشقاً وانت تلبس رداء الصوفية فى حضرة الفن والفلسفة والرؤية والحضور المبهج
والمختلف عن جيلك شاهراً سيفك فى تحدِ ونحن ننتظر فى شغف جولاتك وعنادك الحقيقى وتكتب ما يمتعنا
ويؤكد تفردك ،كل سنة وانت طيب يا أشرف فى انتظار ديوان الابهى
( راهنت عليك) الذى سمعنا منه القليل أيها الجميل ..
د.خلف كمال – المنيا