ماذا تحمل لنا الأيام ومركبنا تعصف به أمواج التغيير المرتقب ...


صادق محمد عبدالكريم الدبش
2022 / 9 / 26 - 22:32     

ماذا تحمل لنا الأيام ومركبنا تعصف به أمواج التغيير المرتقب ..
نعيد بعض ما كتبناه قبل ثلاثة أعوام حول استفتاء الشعب الكردي بالانفصال عن العراق من عدمه ؟..
شيء يدعوا إلى التوقف عنده مليا ، وكذلك الاستغراب في الإصرار عليه ، والجميع يعلم بأن تحقيق هذا الهدف شيء أشبه بالمستحيل خلال الفترة الحالية أو حتى السنوات والعقود القادمة ، لسبب بسيط جدا ، غياب الظرف الإقليمي والدولي ومعارضتهم الشديدة لقيام أي شكل من أشكال الاستقلال ، منها إيران وتركيا وسوريا ، والسبب الأخر ظروف الشعب الكردي في إقليم كردستان غير ناضجة ، وما زال الصراع على السلطة قائم ، فلدينا جمهورية السليمانية وجمهورية أربيل ، وبعد سنة من انتخابات 10/10/2021 م لم يتفق الحزبين على تسمية رئيس جمهورية كونه ( استحقاق كردي .. هذا ما أنتجه نظام المحاصصة ! ) فكيف يتسنى في ظل هذا الواقع من إدارة ( كيان اسمه دولة كردستان ؟ ) .. أعتقد أمام شعبنا الكردي وقياداته السياسية والاجتماعية والثقافية الطريق طويل وطويل جدا ، مع تمنياتي الصادقة لشعبنا الكردي بالتقدم والازدهار والحرية والديمقراطية والعيش الكريم ، ولكن الأماني شيء والواقع شيء أخر .. من خمسين عام وأناضل مع الألاف مثلي في سبيل نيل شعبنا العراقي بكل مكوناته وأطيافه ، وتعرضنا إلى الاعتقال والسجن والتشريد والغربة ، ولكن ما زال أمامنا طريق طويل لتحقيق تطلعات شعبنا في الحرية والديمقراطية والرخاء والأمن والسلام ، فمتى ما نال العراق وشعبه الاستقلال وتمكن من بناء نظام سياسي اجتماعي اقتصادي يقوم على العدل والمساواة والديمقراطية وقيام دولة المواطنة ، حينها ستتحقق أماني وتطلعات شعبنا الكردي ومكونات شعبنا الأخرة .
وعلى الجميع أن يثق بأن مصير الشعب العراقي بكل مكوناته وأطيافه وأديانه هو مصير واحد ، سعادته وأمنه ورخائه وتعايشه وتعاونه ، متوقف على قيام الدولة الديمقراطية العلمانية الاتحادية .. دولة المواطنة وقبول الأخر ... اعملوا بإرادة وتصميم وتعاون وصدق وبضمير للوصول إلى هذا الهدف السامي والوحيد .
الاستفتاء وما سيترتب عليه واستحقاقاته ، وأنا لست منجما !..
ولا اقرئ الكف ، ولا أعلم الغيب .. ولا أقول بأني مَلَكْ !...
الذي حدث يوم ٢٥/٩/٢٠١٧ .. نتيجة وليس سبب ، وهو امتداد للطائفية السياسية والمحاصصة والفساد الذي ينخر في جسد ( الدولة العراقية ! ) .
الأسس التي قامت عليه لبناء الهيكل الهرمي للدولة ، بمفهوم ديني سلفي ظلامي ، والتنكر لحق الاختلاف وحرية الاختيار وقبول الأخر ، ومصادرة حقوق المرأة وغير ذلك الكثير .
ما قام به التحالف الكردستاني في إجرائه للاستفتاء في وقت غير مناسب وحطأ تأريخي !..
لم تهيئ له الظروف الملائمة والمناسبة لتحقيق المراد منه !.. بالرغم من كونه حق مشروع للكرد ، في تقرير مصيرهم وقيام دولتهم المستقلة والقابلة للحياة ، لكنه في غير محله ولم يكن توقيته مناسبا ، فأدى الى قلب الطاولة عليهم وهذا بحد ذاته فشل وخطأ تتحمله القيادة الكردية !!...
وفي الوقت نفسه شكل طوَّق نجاة للإسلام السياسي الحاكم !..
واجه الاستفتاء معارضة شديدة من القوى المتخلفة والمتنكرة لحق تقرير المصير للشعوب ، وعارضه الكثير ، داخليا وإقليميا ودوليا ، وما يقال في الغرفة المغلقة ليس هو الذي يقولوه في العلن . وهذه لغة المنافقين الانتهازيين الرجعيين ، ودفع هذه القوى المتأسلمة الفاسدة ، نفظ عن كاهلها كل الأعباء والتراكمات وما تسببوا به من الكوارث ، التي كانوا المتسبب مباشرا !..
فسحت لهم المجال لركوبهم قاطرة الدفاع عن وحدة العراق زورا ورياء ، الممانعين لحق مكونات شعبنا بالتمتع بحقوقهم كاملة على الأرض العراقية وهذا ما كفله الدستور ، وكانوا متسببين بكل الذي جرى وما سيجري من صراعات وحروب وصراعات وما ترتكبه قوى الظلام والإرهاب والتخلف ، وما دفعه شعبنا من أثمان باهظة ودماء زكية ، ليعودوا بوجه مختلف جديد يوهمون الناس بأنهم من دعاة وحدة العراق ، كذبا وزورا وتظليل ، والخاسر الأكبر هو العراق وشعبه بكل اطيافه ومكوناته وأطيافه بشكل عام والكرد على وجه الخصوص .
اليوم أمام القوى الديمقراطية والوطنية التقدمية ، مرحلة جديدة لمقارعة سياسة النظام الحاكم الفاسد والمعادي للديمقراطية وللحقوق والحريات ، التي ستكون صعبة ومعقدة، نتيجة للتداعيات وما سينتج من ردة فعل ، داخليا وإقليميا ودوليا ، بقلب الطاولة على الجميع من قبل الكرد أنفسهم بوعي أو دون وعي .
سيتم استثمار كل ذلك من قبل الطبقة الحاكمة في بغداد ، وسيلعبون على الوتر القومي والطائفي وعلى وتر وحدة العراق والمتاجرة بهذه الشعارات ، وهم أبعد ما يكونوا عن ذلك .
لقد فرطوا بوحدة العراق وهددوا تماسك نسيجه الاجتماعي ووضعوه على حافة التمزق والفرقة والتقاتل .
وما وصلنا اليه اليوم يمثل إحدى الصور المرعبة التي يعيشها العراق من 2006 وحتى الأن ، وهي صورة محزنة ومحبطة مرعبة وكارثية .
حقا أنه قدر أحمق !..
وغباء سياسي قاتل .. بل خطأ تأريخي قامت به القوى التي بيدها القرار من الذين يمثلون الشعب الكردي أو يدعون تمثيله .. بسبب بسط ، عدم توفر الظروف الموضوعية ولا الذاتية ، وليس هناك وحدة الإرادة لقوى الشعب الكردي وعدم توفر المبدئين والشرطين الأساسيين ، أولهما غياب الديمقراطية والحرية في الاختيار الحرة للشعب الكردي .
ناهيك عن تدني الوعي السياسي لما يقدمون عليه وحساب مقدار الربح والخسارة والنتائج المترتبة على ذلك ، إذا كان ذلك للقيادات المتصدرة للمشهد السياسي والاجتماعي وتقديرها للأمور بما ينسجم مع مصالح الشعبين الكردي والعراقي ، وهذا يجب أن يأخذ بالحسبان والتدقيق بنتائجه وتداعياته .
التأريخ هو ما كان وليس ما يجب ان يكون !..
وعلينا التعلم من أخطائنا ومن تجارب الشعوب الأخرى ومن عملية التطور الطبيعي لحركة التأريخ وانعكاساته على بناء الدول والمجتمعات واختيار شكل النظام الذي يتوائم مع واقعنا وحاضرنا وبناء مستقبلنا ، ولا يجب أن نسير في هذا المعترك حسب أهواء ورغبات وأماني غير قابلة للتنفيذ .
وأن لا نفقد البوصلة والرؤيا الموضوعية ، كي نستعيد توازننا وقدرتنا على اكمال المسير بخطى وعزيمة واقتدار وثقة بالنفس ، لتحقيق الهدف السامي في ( إعادة بناء دولة المواطنة ) الهدف الأني والملح والمصيري ، والذي سيوصلنا إلى الرؤية السليمة في تحقيق أماني وتطلعات العراقيين بكل أطيافهم ومكوناتهم القومية والدينية ، بما في ذلك أماني وتطلعات الشعب الكردي المشروعة .
لا يمكن تحقيق تطلعات الشعب الكردي بغياب دولة ديمقراطية تحقق المساواة والعدالة وتعترف بالأخر ، فهل رأيتم شعب مستعبد ولا يتمتع بالحقوق والحريات والعدالة والمساواة ويغيب فيه الأمن والسلام ، فهل يمكن لهذا الكيان أو النظام أو الدولة أن تمنح شعب الحرية وتمنحه الحقوق وهو لا يمتلك إرادته ، وفاقد الشيء لا يعطيه .
صادق محمد عبد الكريم الدبش
26/9/2017 م
26/9/2022 م