دولة مكونات وطوائف وإمارات وميليشيات !..
صادق محمد عبدالكريم الدبش
2022 / 7 / 28 - 21:30
وغياب أي شكل من أشكال الدولة الحديثة ؟..
بعد عشرة أشهر من انتخابات 12/10/2021 م تمخض الجبل ليلد فأرا !..
فخرج علينا بالأمس ما يطلق عليه ( الإطار التنسيقي ) الخالي من التنسيق والإطار !..
بمرشحهم لرئاسة الوزراء ، القيادي في حزب الدعوة الإسلامي ، ومرشح دولة القانون الذي يتزعمه السيد المالكي ، وسبق للسيد المكلف أن شغل مناصب عدة !..
والمجرب لا يجرب حسب ما صرحت به مرجعية السيد السيستاني .
ما زال زعماء الإسلام السياسي الشيعي الذي يضمه الإطار التنسيقي ، الذين جربوا حضهم خلال العقدين الماضيين ، وحكموا العراق وتحكموا بمقدرات شعبهم كل تلك السنوات ، وفشلوا فشلا ذريعا في إدارتهم الحكم وبمختلف المجالات ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وأشاعوا الفساد وانتشرت المخدرات بشكل غير مسبوق ، ناهيك عن غياب الأمن والاستقرار والتعايش بين مكوناته المختلفة ، وغياب الخدمات ، وتفشي الجريمة والبطالة للقوى التي من المفروض أن تدخل سوق العمل من الشبيبة والشابات ، وهؤلاء يعدوا بالملايين لكنهم لم يجدوا فرص عمل ليعيلوا أنفسهم وعوائلهم والملايين من الخريجين وحملة الشهادات العليا .
وكذلك البطالة المقنعة وتضخم مؤسسات الدولة بشكل كبير دون أن تنتج شيء له قيمة اعتبارية .
الفساد المستشري الهائل في مؤسسات الدولة المختلفة والرشا والمحسوبية والفساد الإداري والسياسي والمالي ، فتحول العراق إلى أفسد ( دولة ! ) في العالم وباعتراف المنظمات المالية الدولية !..
رغم هذه الحقائق المذهلة الصادمة ، ورغم هزيمة الإسلام السياسي الشيعي المتحكم برقاب الناس ، فشلهم في الانتخابات الأخيرة ، رغم كل هذا وغيره ، استمرت هذه القوى والأحزاب والميليشيات في تعطيل المشهد السياسي والاقتصادي ، وخلق الربع المعطل لإتمام الاستحقاقات الانتخابية وتشكيل الحكومة من قبل الكتلة الأكثر عددا في مجلس النواب العراقي ، فأدى إلى استقالة نواب الكتلة الصدرية وعددهم 73 نائبا بعد ثمانية أشهر من إجراء الانتخابات ، لعدم تمكنهم من تحقيق الثلثين أي 210 نائب .
والغريب في الأمر ما حرى بعد انسحاب نواب الكتلة الصدرية ، الفائزين في الانتخابات ، جاء بدلاء عنهم من الخاسرين وأغلبهم من الإطار التنسيقي ، حينها أصبح الخاسرون الذين لم ينتخبهم الشعب الكتلة الأكبر عددا في هذا المجلس !..
من ناحية دستورية صحيح ولكن عمليا لا يتمتعون بأي تفويض شعبي ولا يمثلون إرادة الناخبين .
السؤال الذي يطرح نفسه !..
كيف تتمكن هذه القوى الفاشلة والفاسدة والمشكوك في انتمائها الوطني ، والممانعة لقيام أي شكل من أشكال الدولة ، ولست أنا من يقول ذلك !..
الحياة والواقع هو الذي يتحدث عن كل ذلك الفشل والخيبات والفساد وتقاسم المغانم والمحاصصة والطائفية السياسية وسرقة خزينة البلاد والعباد وبشكل مكشوف وفاضح !..
كيف يتسنى لهؤلاء البقاء على رأس السلطة ، ومن سيمكنهم من الاستمرار في الحكم ، وما هو الغطاء الشعبي والجماهيري الذي سيحميهم ليستمروا لفترة قادمة قصيرة كانت أم طويلة .. كيف ؟..
عودت هذه القوى المسؤولة عن كل الجرائم التي ارتكبت بحق ثوار وثائرات تشرين التي انطلقت شرارتها في 1/10/2019 م ، وذهب ضحيتها ما يقرب على الألف شهيد وشهيدة وأكثر من 30 ألف مصاب وجريح ومعوق ومعتقل ومخطوف !..
من سيبحث عن قتلت هؤلاء الضحايا ، الذين قتلوا غدرا مع سبق الإصرار والترصد ، والقوى التي تريد البقاء على رأس السلطة اليوم ، هم المسؤولون عن تلك الجرائم ، وعن سبايكر وسقوط نينوى والمحافظات الغربية بأيدي داعش الإرهابي ، وتشريد أكثر من 6 ملايين خارج مدنهم وقراهم وبيوتهم ، وما زال هناك أكثر من مليون نازح ومشرد ، يعيشون في المخيمات يقاسون بردا في الشتاء وقيض الصيف اللاهب منذ ثمان سنوات .
من سيأخذ حقوق هؤلاء والألاف الذين سقطوا ضحايا على أيدي داعش الإرهابي والعمليات الحربية ، وسبايا الإرهاب من أهلنا الأيزيديين وغيرهم ، ومئات النساء والفتيات تحت رحمة داعش الإرهابي !..
من سيحاسب من ؟..
هل ستعيدون قتل كل هذه الضحايا من جديد ، ويعاد دفنهم .. لتكرار هذا المشهد المروع ، ولتزيدوا المعاناة والحزن والألم ، لعوائلهم وذويهم ومحبيهم ؟..
أجيبوا بربكم ؟..
أنا أعيد سؤال قديم جديد .. هذه الميليشيات التي تعمل على الساحة العراقية ، وسلاحها من الحكومة وراتبها ومعيشتها وكسوتها وما تحتاجه من الحكومة ، وتدخل الانتخابات وتحت عناوين وتسميات مكشوفة ومعروفة ، وتعين وزراء في الحكومة ومدراء عامون وغيرهم في مناصب المؤسسات الرسمية ، وضباط وضباط صف في المؤسسة الأمنية والعسكرية ، وجميع هذه الميليشيات تعمل تحت مضلة الحشد الشعبي المخالف للدستور ، والذي أصبح ( مسمار جحا ) !..
متى ستنتهي هذه المهزلة التي تخالف الدستور والقوانين ، والتي تشكل السبب المباشر في عدم الاستقرار ، وتهدد الأمن والسلم الأهليين ، بل تهدد الوحدة السياسية والجغرافية ومكونات شعبنا المختلفة ، وتهدد تماسكهم والتعايش الذي عمره ألاف مؤلفة من السنين .
هذه السيناريوهات والأفلام الهوليودية المسلفنة والمستوردة خصيصا لنظامنا السياسي ، سوف لن تجلب للعراق ولشعبه وللمنطقة والعالم الاستقرار أبدا !..
بل ستعيد العراق إلى نقطة الصفر ، بل إلى نقطة ألا عودة ، وربما سيمر العراق وشعبه بأيام صعبة جدا ، وتسوقنا لمنزلقات خطيرة وتدخلات تلحق أفدح المخاطر بشعبنا ووطننا إذا لم نتدارك وقوع الخطر !..
وهذا يتم من خلال منع قيام حكومة يشكلها الإطار التنسيقي ، والعمل فورا على قيام حكومة إنقاذ وطني وحل البرلمان ، وتشكيل حكومة تتمتع بصلاحيات واسعة تأخذ على عاتقها ، إدارة شؤون البلاد لفترة انتقالية أمدها ثلاث سنوات تعيد كتابة دستور لدولة ديمقراطية علمانية ، وتسريع العمل للمعالجات الخدمية والاقتصادية والأمنية والمعاشية ، والبطالة ومساعدة الفقراء والبؤساء ، والإعداد لانتخابات ديمقراطية شفافة ومفوضية مستقلة وقانون انتخابي عادل ومنصف ، والفصل الكامل للدين عن الدولة وعن السياسة ( الدين لله والوطن للجميع ) ونخرج من دائرة الصراع الطائفي والمحاصصة والجمع بين الدين والعمل السياسي ، الذي دمر ( الدولة والدين على حد سواء ) .
توسيع دائرة الحريات والديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية وقبول الأخر ، ومنح المرأة حقوقها الكاملة وتمكينها دستوريا وقانونيا ومعنويا لتأخذ موقعها الطبيعي في المجتمع ومساواتها الكاملة مع أخيها الرجل .
العمل الجاد والحقيقي وعلى مختلف الأصعدة ، في وضع حد للعنصرية والطائفية السياسية ، والنهج الشوفيني الرجعي، والتمييز والكراهية والتصحر الفكري والسلفية الجامدة المتحجرة ، وتعميق روح التعايش والتعاون والمحبة بين مكونات شعبنا المختلفة ، في عراق حر ديمقراطي رخي وسعيد .
26/7/2022 م