اسلوب عتريس فى محدش غيرى
اشرف عتريس
2022 / 7 / 7 - 07:32
.
فى الحلقة الأولى ماكان مني سوي انني اختصرت بداية التجربة وسنوات التكوين ونتائجها حتى طبع ديوانه الجديد
وهو سابع الدواين التى يعتز بهم جميعا ، واوجزت بقدر الامكان وحاولت الاشارة إلى إسلوب الشاعر ومكانته بين اقران جيله
،ومايؤمن به وكيفية خروجه عن السرب متعمداً الشرود والتغريد بعيداً ..
وهذه حقيقة لا ينكرها احد .
لا شك أن الاغتراف من النبع الشعري للشاعر أشرف عتريس يتيح لنا التطفل على تحولات الذاكرة والكتابات الشعرية المتوالية لديه ،
على منوال غير َتقليديا بين التمرد/ التجديد، بل والانفتاح على طاقات أخري ،
فكان لازما ان اخوض فى ارهاصات والبدايات قبل التجربة دون اسهاب ، لكن للحقيقة وقعت أسيراً لتلك الانسانية الفياضة
التي راح يؤكدها الشاعر بطول الديوان وعرضة ،
بطول حياته الخاصة حتى الآن مستخدما براح الشعر وجموحه ذو الخيالات الماتعة لتظهر لنا الانسانية
من خلال الموقف والاشارة والفكرة الغرائبية أحياناً
كما نراه يحلق مع سارتر ، كافكا في قصيدة مصرية عامية وهذا يثير الدهشة والاعجاب أكثر ..
فهي لها غرضا ، فنيا مؤكدا وليست للمنظرة ولا استعراض ثقافة ،
بل هي محاولة لتوصيل فكرة الشعر والحزن عن الانسان فى كل مكان
ولا يبحث عن القارئ العادي لكنه يكتب عن الانسان العادى المواطن فى كل مكان ،
هذه هى المعادلة التى يقام عليها الديوان ونجاح الشاعر وتحققه الذى نشهد له .
فهو متفرد لا يكتب كأحد من أقرانه ولا يشبه أو يتشبه بـ اى احد ..؟؟
دائماُ عتريس ينقل النص إلى آفاق مجهولة نراها بعينه ،
كتاباته تؤسس لعلاقات لغوية وتشكيلات إيقاعية تنصهر في المتون ،
يقدم للقارئ المصري والعربي عامة نصا جريئا يستفزه ليلغي الحدود بين ُ الأجناس الأدبية ،
يرتب بين الشعر والنثر وينسج نصا مزيجا بينهما .
وكيما نفهم تحركات النص لدى أشرف عتريس على الخارطة الشعرية
يجب علينا فهم إسلوبه وكيفية تفجيره لأقصى الطاقات الإيقاعية الداخلية
لإثبات شعريته وتفرده فى تجربتة الابداعية ومشروعه الادبي
الذى يرتكز علي مراحل ولكل مرحلة حقا تحتاج الي قراءة مستقلة لأنها حقاً تجربة ثرية بين
الشفافية والبراءة والإنسانية ، تلك الظواهر التى طغت على قصائد الديوان كله
ونجح فيه عتريس باقتدار خارجا من شرنقات التفعيلة وهدوء القارئ المتلقى
ونسخ كلمات النقد لقصيدة من الستينيات ويرفض شاعرنا هذا الروتين الممت
ويفجر لنا طاقات ابداعية اخرى مميزة ، قلقة ، تساؤلية لاتبغى التفسير بل التفكير معه كطرف ثان للمعادلة ،
راح الشاعر يستغل براح الشعر وجموحه بكل جنونه ، ليعبر عن كوامن تعتمل في صدره ،محدش يقدرغيره يكتبها بجدية الموضوع
وخصوبة تربته سواه .هوصوت شعري مميز عشق اللعب على أوتار اللغة وعزف سمفونيات إيقاعية ،
قرأ دواخل الذات وخرج منها إلى ذوات اخرى تماس معها
وأرهقنا جميعاً بدهشة وعجب شديدين ..
هو واحد من أهم الشعراء الذين برعوا في توظيف التراث ، خاصة في الكتابة للمسرح ،
هروبا من سطوة الواقع وديستوبيا الواقع الحالى أملاً فى عالم آخر
أكثر جمالا وعفوية وصدقا .
تلك هى إنسانية الشاعر التى بدأت بها شهادتى على ديوان ( محدش غيرى )
الذى يعتمد على التكثيف الشديد والاكتفاء بما قلَّ ودلَّ وجمل قليلة
ليست من الحشو والإسهاب فى شئ .
لذا جاء الديوان على مستوى الابداع والصورة والمعاني التي يعبرعنها،كما أراد
يهتم بالمعاني التي تحمل رؤيته إلى الحياة ومن حوله.
تسبح نصوص عتريس في فضاء تعبيري متعدد المستويات ،
محدش غيرى ..ديوان يثيرنى كى أكتب عنه حلقة ثالثة لأنه يستحق عناء النقد فى مراحله المختلفة .
بقلم : علاء سيد عمر