ليلة القبض على العلماء الثلاثة بالجرم المشهود ؟..
صادق محمد عبدالكريم الدبش
2022 / 7 / 2 - 07:32
كونهم علماء !..
الشر في وعي شعبنا .. والجهل من نعم الحياة !..
كونها تبعدك عن الكرب الجسام !..
لا تقربوا العلم .. تسلموا ؟..
فالوعيُ بَغيٌ، والتحرّرُ سُبّةٌ، والهَمْسُ جُرْمٌ، والكلامُ حَرام
ومُدافِعٌ عما يَدينُ مُخرّبٌ، ومطـالِبٌ بحقـوقِـه هـدّامُ…
يعيش التخلف والجهل والأمية !...
ولتنهزم عن ذاكرتكم الأخلاق الحميدة والمحبة والسلام والتعايش والإيثار !..
هذا يتمنوه الظلاميون أعداء الحياة .
الرحمة والذكر العطر للذين تم نحرهم ، بغل وكراهية وفقدان للبصر والبصيرة فاقدي الضمير والأخلاق والقيم الرفيعة ، القتلة المجرمون !..
جميل العزاء والصبر والمواساة لعوائلهم ومحبيهم .
الموت والعار لقتلتهم الأوباش ، أعداء الحياة وأعداء الطفولة والعلم والعلماء .
الأسف والمواساة ، كلمات لا تسعف أهلهم ومحبيهم ، ولن تعيد الضحايا إلى الحياة !..
علينا أن نبحث عن أسباب تفشي الجريمة والمخدرات والخروج عن المألوف ، ونحن نشاهد يوميا ، يسقط لدينا ضحايا جدد ، بين مغدور ومخطوف ومنتحر ، أو في حادث سير مروع .
ونرى من يقتل شقيقته أو شقيقه أو والدته أو زوجته أو أطفاله ومحبيه ومنذ سنوات وتتكرر يوميا .
أصبحت هذه الظواهر مألوفة ، نتعايش معها وكأنها قدر مقدر ( هل ممكن للإنسان أن يتعايش مع الموت والحزن والسواد كل العمر ؟.. يا حسرتنا وبؤسنا وحزننا الدائم .
الشيء الذي يثير الاستغراب والعجب العجاب .. هو .. كل الذي يحدث يوميا ومنذ سنوات ، لم يتم البحث عن أسبابه ومسبباته ودوافعه ؟..
إن كان من قبل ( الدولة .. أضعها بين مزدوجين ) ، كون العراق ليس فيه دولة ولا قانون ودستور نعرضه في المناسبات الوطنية وحين يحتاج إليه اللصوص الفاسدون .
المتحكمون بشعبنا كل يمشي على هواه ، بالاتجاه الذي يراه هو ، دون وازع قانوني أو ديني أو أخلاقي ، وحتى الأعراف والتقاليد تم ركنها جانبا من قبل الكثير مع شديد الأسف !..
كما أشرنا عن غياب ( الدولة والقانون والعدالة ! ) .. وهي من أهم أسباب تفشي الظواهر المدمرة والمتخلفة للسلوكيات الشاذة ، في أي مجتمع يسير نحو الهاوية .
كما نشاهده يوميا وخاصة بعد الاختلال الأمريكي للعراق ، تعدد وتجدد أشكال وصور مروعة للجرائم ، وشيوع الرذيلة والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات وتجارة السلاح وتجارة الأعضاء البشرية والبيع شبه العلني للأطفال واليافعين واستخدامهم من قبل المنظمات الإرهابية والعصابات الخارجة عن القانون وإرسالهم إلى خارج البلاد للدعارة أو تدريبهم كمرتزقة لحساب دول وعصابات ، أو استخدامهم للتسول أو لقيام ببعض الجرائم وغير ذلك من الظواهر التي أضحت تشكل الخطر الأكبر على لحمة المجتمع ، وعلى وحدته وسلامته وتماسكه ، كون ذلك نتيجة منطقية لتدني الوعي الجمعي، فأنتج لنا الانحراف الأخلاقي وتخلف الجانب التربوي والمناهج التعليمية ، التي تهتم بالتربية البدنية والنفسية والأخلاقية .
الإهمال المتعمد من قبل السلطات والحكومات بالأسرة أولا والمدرسة بمراحلها المختلفة ثانيا ، لننشئ جيلا قادر على مواجهة كل الظواهر المعوقة لتطوره ونموه ولسلامته .
التعليم الركن الأساس والمهم في مواجهة جميع الظواهر التي تعترض طريق مجتمعنا وتطوره ، والقدرة على تعديل المسار والتوجيه السليم حين يمر بفترات عصيبة صعبة .
ما نشاهده اليوم من صراع دامي بين العشائر العراقية ، ظواهر بعيدة عن الأعراف والتقاليد للعشائر ، لن نراها في الفترات السابقة !..
لا أشك بأن هذا الصراع تغذيه وتدعمه بالمال والسلاح ، قوى وميليشيات وفصائل مسلحة داعمة لهذه العشيرة أو تلك ولا غرابة إذا قلت رلما هناك دعم وتحريض على العنف من قبل قوى إقليمية ودولية ولأغراض مصالح وأهداف معينة .
نرى هذا الصراع في أغلبه يتمحور في مناطق الجنوب والوسط وفي بغداد أحيانا ، مثل مدينة الثورة والكمالية وجسر ديالى والحسينية ، وفي الطائفة الشيعية ، وبدوافع ومصالح ذاتية لهذا الطرف أو ذاك أو لهذه العشيرة أو تلك .
هناك صراع طائفي بدوافع طائفية سياسية ، في بعض مناطق المقدادية والقرى المختلطة ، تغذيه أطراف وفصائل سياسية طائفية ، وداعش وحلفائه من خلاياه النائمة ، هذا وغيره لم نلمس جهدا ملموس من قبل الحكومة ولا القضاء ولا المؤسسة الأمنية للحد من هذا التدهور المستمر ، وهناك تبريرات لا تقنع أحدا .
كما بينا ونعيد القول ، بأن غياب الدولة وغياب العدالة والمساواة ، وعدم السيطرة على السلاح خارج ( إطار الدولة ! ) والذي يعد بالملايين ،
والسبب المباشر لفوضى السلاح ، هو تعدد مراكز القوى التي بحوزتها السلاح من القوى الممسكة بزمام الحكم ، وأغلبهم إن لم نقل جميعهم من أحزاب ومنظمات وميليشيات الإسلام السياسي الشيعي والحشد الشعبي ، و العشرات من هذه الفصائل التي تعمل تحت مظلة الحشد الشعبي ، والبعض منها لا يخضع لا ( للدولة ولا للحشد ! ) فعنده جمهورية المستقلة وليس له علاقة لا بالقضاء ولا بالقانون .
بالتأكيد هذه صورة كارثية ومحبطة وتهدد أمن الوطن والمواطن وتتسبب بعدم الاستقرار .
وهذه الصورة المظلمة ليست وليدة اليوم ، وتأشر إلى حالة خطير ومزمنة منذ سنوات .
هذه حقيقة يعرفها من هو على رأس السلطة وبيده صنع القرار ، ومن هو جزء من النظام أو حتى خارجه ، وكذلك السيدة بلاسخارت ممثلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، وكذلك المنظمات الدولية والإنسانية على بينة من هذا الأمر .
المشكلة التي يعيشها العراق ( الفوضى.. الخلاقة !.. وأنا أسميها الفوضى الغير أخلاقية !) تحكمها المصالح ومراكز القوى في الداخل والخارج ، وليس أي شيء أخر ، فلا وجود في مثل هكذا وضع شيء ( اسمه .. شرف .. ضمير أخلاق وطن أو وطنية أو دين أو عرف وتقاليد !.. المصلحة فوق كل هذه التسميات ؟ ) ز
لا غرابة في ذلك بالرغم من أن السياسة ، من دون قيم ودون أخلاق لا يعدو كونها إرهاب وقرصنة وتغييب للإنسانية وللعدل والمساواة وللقانون .
بالتأكيد فإن هذه الجرائم وغيرها وهذه الفوضى وما أنتجته خلال العشرين عاما الماضية ، ليس فقط هي المتسببة لما تطرقنا إليه ، هناك أسباب لا تقل أهمية عن الذي بيناه .
هي سلسلة من الإخفاق في نهوض الحكومة بواجباتها تجاه الشعب ، منها على سبيل المثال الفقر الذي وصل إلى مديات قد يفضي إلى انفجار اجتماعي لا يبقي ولا يذر .
البطالة التي أصبح عندنا اليوم جيش من العاطلين وجيش من الخريجين الذين لا يجدون طريقهم لسوق العمل ، ناهيك عن الشعور بالإحباط وفقدان الأمل بأن القادم سيكون أفضل .
وعن المرأة .. تطور وتطوير المرأة وتعليمها ومساواتها ، ومنحها الحقوق كاملة ، كونها كائن صانع للحياة ومنتج للخيرات المادية في أي مجتمع وهي كائن مفكر ومبدع خلاق ، لا يقل أهمية عن توأمها الرجل ، ماذا قدم النظام السياسي للمرأة على امتداد العقدين الماضيين ، لا شيء سوى محاصرتها وتعنيفها وهضم حقوقها ولا شيء غير ذلك .
الشيء الأكثر أهمية وما زلنا ننكر بأن العراق ليس فيه دولة ونتغنى بالديمقراطية !..
أين نحن من وجود الدولة ؟..
وما الذي قمنا به حتى نثبت للأخرين بأن في العراق هناك دولة ، وماذا قمنا به ، لإعادة بناء دولة مواطنة وقبول الأخر ، والتعددية الفكرية والسياسية وحق الاختيار والمعتقد والضمير ؟..
أول شروط دولة المواطنة هو ، الفصل الكامل للدين عن الدولة وعن السياسة ، حماية للدين ولهيبته وعقيدته وشعائره ، وحماية للدولة كونها المظلة التي يستظل تحتها الجميع وتحمي عقائد الجميع وتصون حقوقهم وكرامتهم وتوفر لهم العيش الكريم حاضرا ومستقبلا .
علينا أن ندرك حقيقة واحدة ، بأن نظامنا السياسي وقواه السياسية الممسكة بالسلطة وأحزاب الإسلام السياسي ، غير قادرة ولا راغبة في أن تخطو حتى خطوة واحدة نحو إعادة بناء دولة المواطنة !...
بل هذه القوى غير راغبة بل رافضة لقيام أي شكل من أشكال الدولة ، وتعمل بالإبقاء على دويلة ( الدويلات .. دولة المكونات .. دولة الطوائف والقوميات والمناطق ، حتى وإن خيرتموهم بقيام ( دولة دينية ! ) فإنهم لن يوافقوا على ذلك أبدا !..
السبب الرئيس هو ( كل فصيل أو حزب أو ميليشية من هؤلاء هو دولة قائمة بذاتها ، له وزارته وجيشه وماليته وحكومته وله وسائله الإعلامية ومؤسسته الدينية وخطبائه وعاضه ومن يطبل ويزمر له ولنهجه وسياسته ، وله من يدعمه إقليميا ودوليا ، فلا يحتاج لأي دولة أخرى تنافسه .
الحل الوحيد اليوم وغدا ويعد غد أو بعد مئة سنة أخرى هي :
إعلان حالة الطوارئ وقيام حكومة إنقاذ وطني ، تأخذ على عاتقها إدارة البلاد في فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات ، ووفق أهداف محددة ، لإعادة كتابة الدستور وعلى أساس ومنظور ( الدولة الديمقراطية العلمانية ) .
تعيد هيكلة وبناء المؤسسة الأمنية والعسكرية ، وعلى أساس أن تكون مستقلة ومهنية ووطنية وعراقية الهوى والانتماء ، يقودها وطنيون مستقلون ، يتمتعون بالمهنية والنزاهة والكفاءة والوطنية .
مهمات هذه المؤسسة ، مسؤولة عن حماية أمن وسلامة واستقرار واستقلال الوطن والمواطن .
يكون السلاح كل السلاح بعهدتها دون غيرها ، وبيدها صنع القرار الأمني والعسكري ، وتكون مسؤولة وفق الدستور أمام السلطتين التنفيذية والقضائية في أي خروق يحدث , أو عدم الوفاء بالتزاماتها المناطة بها .
تأخذ الحكومة على عاتقها للفترة القادمة ، بوضع الخطط ووفق مدد محددة بإعادة بناء المؤسسات الاقتصادية والمالية والزراعة والصناعة والسياحة والتجارة الخارجية والداخلية ، ووضع الخطط العاجلة لتوفير الخدمات الأساسية ، مثل الصحة والتعليم والماء والكهرباء والطرق وغيرها التي تمس حياة الناس بشكل مباشر .
بعد الانتهاء من كتابة الدستور يعرض للاستفتاء العام وينشر في الوقائع العراقية ويصبح نافذا .
يعاد النظر بالهيئات المستقلة كافة ، ويتم إصدار قانون المفوضيات ، وتعيين أعضائها وهيكلتها من المستقلين .
حينها تحدد الهيئة المستقلة للانتخابات ، يوم لإجراء الانتخابات وتوفير شروط النزاهة والشفافية، وقانون انتخابات عادل ومنصف ، يمثل إرادة العراقيين .. كل العراقيين ، بعد ظهور نتائج الانتخابات ، ستنبثق حكومة من رحم الانتخابات وتنتهي الفترة الانتقالية المحددة .
حينها يشعر الشعب أغلبية الشعب ، بأن هذا النظام الجديد يمثل أرادته ويعبر عن تطلعاته وأمانيه ، ونضع العقود الماضية خلفنا ونبدأ مرحلة البناء والأمل لمستقبل زاهر سعيد .
2/7/2022م