المقاتل السابق غوستافو بيترو رئيسا لكولومبيا .


فريد العليبي
2022 / 6 / 22 - 15:46     

بنى غوستاوفو بيترو الرئيس الجديد لكولومبيا دعايته الانتخابية على أن المنظومة الحاكمة على مدى سنوات طويلة في بلده منظومة فاسدة ، كانت تتبادل المواقع السلطوية فيما بينها وقد حان وقت زوالها ، لذلك قاد التحالف اليساري المسمى الاتفاق التاريخي ، وقال إنه يريد تغيير قرنين من الزمان . وفي الدورة الثانية التي جرت أمس 19 جوان 2022 تغلب على منافسه اليميني بفارق 700 ألف صوت .
يتهمه المحافظون ورجال الأعمال وكبار الملاكين والعسكريين بالشيوعية ، وأنه سيبني نظاما مشابها لنظام مادورو في فنزويلا الغارق في الأزمات ، و يذكرونه بماضيه ، فقد كان مقاتلا في منظمة أم 19 التي خاضت حرب عصابات في المدن ، على خلاف أغلب منظمات الكفاح المسلح في أمريكا الجنوبية التي اعتمدت تكتيك محاصرة الريف للمدن خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي ( 19 أفريل 1974 هو تاريخ تزوير الانتخابات واتباع طريق الكفاح المسلح ) ثم تركت المنظمة السلاح موقعة اتفاق سلام مع الحكومة سنة 1990 ، متحولة الى حزب سياسي تحت اسم التحالف الديمقراطي م 19.
غوستافو بيترو سليل طبقة برجوازية متوسطة ، وقد تلقى تعليما دينيا في صغره ، وفي سنة 1973 وقع انقلاب بينوشيه ضد سلفادور الندي في الشيلي، وفي نفس الوقت تم تزوير الانتخابات في كولمبيا ضد حزب شعبي ، وهو ما أثار غضبه ودفع به في اتجاه التعاطف مع اليسار والماركسية .
ثقافيا غوستافو بيترو معجب بغابريال غارسيا ماركيز حتى انه اتخذ اسم اوريالنو خلا العمل السري وهو اسم بطل من ابطال رواية مائة عام من العزلة .
ونقرأ في دفاتر حياته أنه اعتقل وعذب من طرف العسكريين وقضى في السجن عاما ونصف و في المنفى الأوربي بضع سنوات أخرى فقد كان مهددا بالاغتيال ، هو لم يأت للرئاسة فجأة فخلال السنوات العشر الماضية تقلد مسؤوليات سياسية فقد كان محافظ العاصمة بوغوتا كما كان عضوا في البرلمان .
بقيت ملاحظتان ، الأولى ان كولومبيا لا تزال بؤرة لحرب شعبية لم تتوقف منذ سنوات رغم توقيع منظمة فارك اتفاق سلام ولكن قسما من أعضائها رفض ذلك وواصل المقاومة المسلحة في الغابات الى جانب منظمات سياسية عسكرية أخرى ولا يعرف ما اذا كان سينجح في الاتفاق معها على تفكيك المنظومة القديمة سويا ، علما ان منظمات سياسية عسكرية في أمريكا الجنوبية امكنها بعد سنوات من الكفاح السيطرة على السلطة مثل جبهة الساندنيستا في نيكارغوا او لعب دور المعارضة البرلمانية الرئيسة مثل جبهة فاربندو مارتي للتحرير الوطني في السلفادور. أما الملاحظة الثانية فهي أن مراقبين يرون أن تجارب حكم اليسار الأمريكي الجنوبي بفرعيه المسلح سابقا أو السياسي والنقابي لم تكن ناجحة حتى الآن بسبب حصار امريكي شمالي ضار فضلا عن محافظة الطبقات السائدة على نفوذها كاملا في الاقتصاد والاعلام والعسكر بينما يعد المثال الكوبي الذي استلم فيه رفاق غيفارا وكاسترو السلطة بقوة البنادق هو الأكثر نجاحا حتى الآن ، مما يعني ان تلك التجارب ستكون موضوع أخذ ورد طويلين خلال السنوات القادمة في الأوساط اليسارية خاصة ليس في أمريكا الجنوبية وحدها وانما في العالم كله .