الشيوعيون مشاعل تنير الدرب للمناضلين والمتنورين .


صادق محمد عبدالكريم الدبش
2021 / 10 / 14 - 22:35     

الشيوعيين العراقيين مشاعل يستنير بنورهم كل ذي بصر وبصيرة .
الشيوعيون بشر يخطؤون ويصيبون !.. ولا يستحون الكشف عن أخطائهم وزلاتهم إن حدثت في مسيرتهم ، ويتعاملون بروح المسؤولية في نقدهم لتلك الأخطاء لتعديل وتقويم ما اعوج أو انثلم ، وهذا ديدنهم أو هكذا يجب أن يكونوا .
خلال مسيرتهم الطويلة والحافلة بالمأثر والتضحيات والعبر ، يبقى الشيوعيون الأكثر تميزا واحتراما وثقة الناس بهم ، في الوعي والثقافة والثبات على المبدأ ، والصدق والأمانة والشجاعة والخلق الرفيع ، ونكران الذات والعطاء والتضحية ، والدفاع عن الحقوق والحريات لأبناء وبنات شعبنا ، وإيمانهم المطلق بالمرأة ككائن لا يقل كفاءة ومقدرة وعقل وحكمة عن أخيها الرجل ، إذا لم تتفوق عليه في بعض من الأنشطة الإنسانية والاجتماعية وفي أدائها .
دافع الحزب بكل قوة وعبر تأريخه المجيد عن حق المساواة مع أخيها الرجل ، وموقف الحزب ورفاقه مشهود له في المحفل العراقي .
كما هو معلوم تصدر الشيوعيين في دفاعهم عن عقائد الناس وخياراتهم ، وعن التعددية الفكرية والسياسية ، وحق الاختلاف في الدين والفكر والسياسة والمعتقد .
يبقى الحزب الشيوعي العراقي ، يحظى بثقة واحترام وحب قواعده الجماهيرية وأصدقائه ومؤيديه ، وحتى خصومه السياسيين ومن يتقاطع معه في الرأي والتفكير والمنهج ، كونه الطليعة الواعية بحق ، والمتصدر والقائد لنضالات شعبنا وقواه الخيرة على امتداد تأريخه المجيد ، وسعيه الدائم والمعمد بالتضحيات الجسام ، ولبناء المستقبل الرغيد والسعيد للشعب وكادحيه .
أي محاولة للنيل منه ومن رفاقه ونهجه وفلسفته ، وتحت أي ذريعة ومبرر ، فيعني بأننا نقدم خدمة مجانية للقوى المعادية لتطلعات وأماني شعبنا وكادحيه ونساهم بإضعافه والتقليل من شأنه .
العداء للحزب وللشيوعية والشيوعيين ، يعني العداء للشعب وللخير وللديمقراطية وللتعددية وللسلام ، وللتعايش والمحبة بين أطياف ومكونات شعبنا المتأخية والمتعايشة عبر قرون خلت .
الحياة أثبتت صحة ذلك الاستنتاج ، فحياة بلدنا وشعبنا بخير ورخاء وفرح وأمن وسلام عندما يعمل الشيوعيين وحزبهم في أجواء رحبة وأمنة وفي فضاء الحرية والديمقراطية والتعددية ، وازدهار الثقافة والفنون وتعيش المرأة بحرية كاملة ، وتكون الحياة أجمل وأسعد .
والعكس صحيح تماما ، كما نرى ذلك اليوم وبوضوح تام ، وما يمارسه النظام القائم وأجهزته القمعية ، وعدائه المستحكم للشيوعيين والتقدميين ، والعداء لحرية الاختلاف وللديمقراطية ، ومحاولات التضييق على الجماهير المطالبة بالحقوق والعيش الكريم ، وهذا ليس ببعيد عن محاولات تحجيم الحزب ، وما تعرض إليه من هجوم مقر الحزب في الناصرية ، وحملة الاعتقالات للناشطين الشيوعيين وعلى الحريات والحقوق ، ومصادرة حق الاختلاف والتظاهر السلمي ومنع الناس من ممارسة حقهم الطبيعي ، بما فيهم الشيوعيين والتقدميين وجماهير الشعب الذين خرجوا وبصدور عارية للمطالبة في توفير متطلبات العيش الكريم والإصلاح للنظام السياسي وغير ذلك ،
هذه صور وحقائق دامغة على تلك الممارسات وسياسة العداء للشيوعيين وما أفرزه هذا النهج المعادي للشعب وللديمقراطية وللحريات والحقوق ، فأمست الحياة مظلمة وحزينة ومؤلمة ، يسودها الظلم والقهر والجوع والفساد والإرهاب والقمع ، وغياب كل مظاهر الابداع والعطاء والتحضر ، وانحسار الثقافة والفنون وإلغاء لأي دور للمرأة ومنعها من الإبداع والعطاء ، وما جرى في الفاتح من أُكتوبر من قتل واعتداء واعتقال للألاف وتغييب لبعض الناشطين ، والهمجية البربرية بحق المحتجين السلميين ، وهذه وغيرها صور العداء للشيوعيين والتقدميين وللتعددية والديمقراطية ولدولة المواطنة .
والمتتبع للواقع العراقي سيجد تلك الحقائق شاخصة للعيان ولا تحتاج الى أدلة وبراهين .
ذاكرة شعبنا وقواه السياسة ثاقبة ، هذه المراحل عاشها شعبنا ووطننا في كلتا الحالتين ، وصنع الشيوعيين بصماتهم عبر سفرهم الخالد ومواقفهم الوطنية الثابتة ، وسيبقى الشيوعيين وحزبهم بوصلة العراق النابض بالحياة دوما .
توجيه النقد للحزب ولسياساته أو قادته وكوادره لا يعني التشكيك وعدم الثقة والتقاطع معه أبدا ، فهو أمر طبيعي ومفروغ منه ولا جدال في ذلك ، إن كان نقدا موضوعيا مبني على حقائق ودلائل بينة واضحة ، لا تتفق مع جوهر وجود هذا الحزب كقوة قائدة ورائدة لنضالات وتطلعات وأمال شعبنا .
الهدف من النقد موضوعي لإصلاح المسار ورسم طريق أكثر صوابا وموضوعية ، من دون تجريح وتعنيف وشتم وسباب ، ونعته بما ليس فيه ، والنقد إحدى أهم المبادئ في عمل ونشاط الشيوعيين ، شريطة توفر الموضوعية ، وبعكسه سندخل في الجدل البيزنطي العقيم والضار ، ويخرج النقد عن الهدف المراد منه ، وهي إحدى الوسائل الأساسية لتقويم وتعديل المسار والأداء ، وهي وسيلة لتوكيد هوية الحزب الطبقية وقائد لنضالات شعبنا والتي يتميز بها الحزب دون غيره من القوى .
الحزب يسترشد في عمله ونشاطه الفكري والسياسي والتنظيمي ، بالماركسية وقوانينها العلمية ، وبالمادية الديالكتيكية والتاريخية والصراع الطبقي ونفي النفي وبجدلية البحث ، ولا يستبعد عن نشاطه الفكري والسياسي ما طرئ على الماركسية من تطور لاحق وما استجد من جديد ، مضاف إليه ما توصل إليه ماركس وأنجلس ولينين .
الحزب يستخلص الكثير في صياغة ورسم سياساته وبرامجه ونظامه الداخلي إضافة لما تقدم ، فيأخذ بنظر الاعتبار خصوصية وطننا وشعبنا ، والتقاليد الوطنية والتراث السياسي والتاريخي لبلد الرافدين ، ويرسم السياسات والبرامج بما ينسجم مع رغبات شعبنا ومصالحه الحيوية وتقاليده الوطنية ، وفي مقدمتها مصالح الطبقات الدنيا من البؤساء والمحرومين وشغيلة اليد والفكر .
الحزب من البدايات الأولى لقيامه عام 1934م كان وما زال يسترشد بمبادئ الحزب اللينينية في بناء حزب من طراز جديد ، بوحدة الإرادة والعمل وبروح التلمذة الشيوعية والنقد والنقد الذاتي والديمقراطية المركزية ، ولم تغب هذه المبادئ عن عمل ونشاط الحزب ، وكان يسعى دائما لتطوير رؤيته وسياساته التنظيمية وإدارة الصراع الفكري داخل جسد الحزب .
وقد نجح هنا وأخفق هناك وهو أمر طبيعي ، وسعى الى تعزيز الديمقراطية الحزبية ورفع وعي وثقافة ونشاط رفاق الحزب ومنظماته المختلفة ، بما في ذلك الهيئات القيادية والكوادر الوسطية والميدانية .
رغم ذلك فهو مطالب اليوم لترسيخ مبدأ القيادة الجماعية وبشفافية ومسؤولية ، وتوسيع مساحة صنع القرار ليشمل ليس فقط الهيئات القيادية ، بل ضرورة اشراك منظمات الحزب المختلفة في صنع وصياغة وتبني تلك القرارات ، من خلال توسيع مساحة الديمقراطية الحزبية وحرية الرأي واحترام الرأي المخالف .
لا شك بأن الشيوعيين العراقيين بحاجة ماسة دائما الى مراجعاتهم لمسيرتهم النضالية ، والمحطات الهامة في حياة الحزب ، والتوقف عند تلك المحطات بمسؤولية وبروح نقدية موضوعية ، لاستبيان كل ذلك الجهد والعطاء والنشاط ، لمنظمات الحزب المختلفة ونشاط رفاقه وأصدقائه وابداعهم ، وإطلاع عموم شعبنا وجماهير الحزب وأصدقائه وللقوى السياسية والاجتماعية العراقية على تلك المسيرة الظافرة .
الحزب وعبر العقود الثمانية من مسيرته الظافرة ، لم تكن مسيرته سهلة ويسيرة ، بل كانت محطات مؤلمة وقاسية مريرة في أغلب مراحل حياة الحزب ووجوده على الساحة العراقية .
دفع الحزب بالألاف من الضحايا قرابين على مذبح الحرية والانعتاق ، نتيجة لما عاشه العراق وما زال وفي أغلب مراحله ، ما بعد الاستقلال الوطني وقيام الدولة العراقية عام 1921 م وحتى يومنا هذا .
لم يشهد العراق استقرارا إلا ما ندر ، وفي فترات قصيرة يكون العراق قد شهد فيها هدوء واستقرار نسبي ، وقد حالت تلك المراحل في عدم الاستقرار دون المراجعة النقدية لبعض المحطات التي عاشها الحزب .
ولا يخفى على أحد بأن عملية المراجعة والنقد وما نعتقد بأنه ضروري ، لتبيان الحقائق واستخلاص التجارب والعبر ، وتجاوز الوقوع بأخطاء الماضي ورسم سياسة تنسجم مع الرؤية الفكرية والسياسية والتنظيمية للحزب ، فهو أمر ضروري وأساسي لديمومة الحزب وصواب نهجه وبقائه ، والتي تساعدنا على تحقيق الأهداف والخطط ورسم السياسات ، وتجنبنا الوقوع ثانية بنفس الأخطاء والمطبات السابقة .
بالرغم من كل المعوقات وما يمر به الحزب من ظروف ، التي تحول دون المراجعة النقدية ، فهذا لا يمنع الحزب من القيام بتلك المهمات الأساسية والمبدئية ، لتقويم الحزب وتقوية بنائه ، وتسليحه ورفاقه بسلاح أساسي ومهم وهو المراجعة النقدية وكما بينا وبروح التلمذة الشيوعية .
لا يخفى على أحد بأن ما يمر به شعبنا ووطننا ، وخلال العقود الخمسة الماضية بشكل عام والسنوات الست عشرة خاصة ، كانت فترات عصيبة وقاسية على شعبنا وحزبنا ، فعاش العراق أزمات كبيرة ، متعددة ومتجددة سياسية واجتماعية واقتصادية ، وتدخلات خارجية سافرة وما زال ذلك قائما ، والحروب مع دول الجوار ، والحروب الطائفية ودخول داعش وسيادة ثقافة ونهج الطائفية السياسية وسيادة رؤية وفلسفة وثقافة الدولة الدينية التي كرستها قوى الإسلام السياسي ونهجه المعادي للديمقراطية وللتعددية وللحقوق والحريات ، وسيطرتهم واستيلائهم على مقدرات البلاد والعباد ، واستشراء الفساد وسياسات التمييز والعنصرية والمحاصصة وتقاسم المغانم ، وغياب العدل والتوزيع غير العادل للثروة .
هذا وغيره أدى الى تغييب للدولة وللعدل والقانون ، وسيادة القيم والتقاليد شبه الاقطاعية والعشائرية المتخلفة وركن الدستور جانبا ، وتحييد القضاء ومنعه بالقيام بواجباته ، والاستعانة بدلا عنه بالفصل العشائري وبما تفتي به المراجع والمؤسسات الدينية والتي تحولت فتاواها الى قانون ملزم التنفيذ من قبل السلطات الثلاث في الدولة والمجتمع على حد سواء .
ونتيجة غياب دولة المواطنة وأي شكل من أشكالها ، وهيمنة الفاسدين والجهلة والشرائح الطفيلية من السراق والمرتشين والفاسدين ، المعادين للحياة ولتطلعات شعبنا نحو الحياة الكريمة الرخية السعيدة ، أدى بنا الى تغييب للعقل العراقي ولشيء اسمه ( دولة !) ، وقامت بدل ذلك ( الدولة العميقة .. وعسكرة المجتمع والميليشيات الخارجة عن القانون ، التي تعمل تحت خيمة الحشد الشعبي ، وتغييب العدالة والقانون والدستور ) .
هذه وغيرها ألقت بضلالها على المشهد السياسي العراقي وقواه السياسية ، وعلى الحزب الشيوعي العراقي وربما على سياساته ونهجه ، وحاول أعداء الحزب الطبقيين ومن داخل النظام السياسي وخارجه ، بمحاولات إضعافه والتقليل من شأنه وتأثيره في المشهد السياسي ، ومحاولات تحجيم نشاطه ودوره كمرشد وقائد لنضالات الجماهير ، وبأساليب خبيثة ومختلفة ، والعداء المستحكم من بعض المهيمنين على ناصية القرار وبيدهم السلطة ، وبطرق مختلفة مباشرة وغير مباشرة ، ومحاولات تحجيم دوره وقدرته على الاستمرار في الوقوف شامخا في سوح الشرف والنضال .
بالرغم من كل العوائق والموانع التي وضعت أمام وجوده ومسيرته ، كفصيل ثوري وقائد لنضالات وتطلعات الجماهير الكادحة وأملها في الخلاص من القهر والجوع والعبودية ، من البؤساء والمحرومين والفقراء والعاطلين عن العمل ، الذين يمثلون أكثر من نصف المجتمع ، بالرغم من كل تلك المعوقات ، بقي الحزب صامدا قويا شامخا بثبات ، وبعزيمة رفاقه وشجاعة وتضحيات هؤلاء الأبرار ، في الدفاع عن هذا الصرح العظيم ، العظيم بفكره وبرفاقه وجماهيره ، هؤلاء الذين حموه بحدقات العيون وذادوا عنه وعن تأريخه المجيد بالنفس والنفيس .
الجميع يعلم بأن العمل السياسي ليس عملا موسميا ، ولا فعل ورد فعل ، وليست أحلام وأمال تجول في أذهان الناس لتغيب عنهم بعد حين !!..
العمل السياسي السهل الممتنع ، ونشاط فكري وسياسي وتنظيمي ، له أهداف محددة وشكل من أشكال التنظيم والعمل والنشاط المستمر والدائم من دون توقف أو مراوحة و استكانة والرضا عن النفس .
العمل السياسي جهد كبير ودؤوب ، وإيمان بنهج وفكر وسياسة الحزب ، والإيمان بصواب هذا النشاط ، وهو تطوعي فردي يختاره بقناعة وبحرية كاملة ، وله الخيار الحر في دخوله كما له حق مغادرته متى شاء .
ويفرض على من يخوض غمار السياسة ، أن يكون صبورا لديه حد أدنى من الثقافة والمعرفة والأخلاق والقيم النبيلة ، وواعيا لما هو مقدم عليه ومستعد لذلك ، وتحديد هدف نشاطه بتبصر وثقة وإيمان بعدالة الطريق المراد السير فيه .
الحزب يصوغ سياساته وبرامجه ، وفق القدرات والإمكانات المتاحة والمتوفرة لديه ، الذاتية منها والموضوعية ، ووفق ما يمكن توفيره وتهيئته لإنجاز تلك المهمات ، من خلال البحث والتمحيص والتبصر ، والرؤيا للواقع المعاش والبحث عن البدائل التي تساعده على تحقيق الهدف أو الأهداف المحددة ، ومن خلال الإدارة الواعية والقائدة لنضالاته ، وما استجد من علوم في علم الإدارة وإدارة الأعمال .
علينا كحزب شيوعي وككيان فكري وتنظيمي وسياسي ، أن لا نتهيب مما يعترض طريقا من صعوبات لتنفيذ ما نعتقد ونرى ، وندافع عن تلك الأهداف بصلابة ووعي ومسؤولية .
نعم يعيش الحزب حاله حال مجتمعنا وطيفه الفكري والسياسي والاجتماعي ، ظروف صعبة وشاقة واستثنائية ، وتقلبات ومتغيرات غاية في الحساسية ، وقد تدعوا الى الاستغراب والتساؤل ، فتجد تقلباتها سريعة ، كما الأجواء الأوربية ، ففي اليوم الواحد تجد فيه فصول السنة الأربعة ، وكذلك الوضع السياسي في العراق تقلباته عجيبة غريبة ، وتغيير المواقف كما لو أنك تغير نوع الملابس التي تلبسها في اليوم أكثر من مرة .
فعلينا أن نكون مستعدين لتلك الأجواء المكفهرة وتقلباتها ، وربما سيؤدي ذلك الى تغير في مزاج الناس ورؤيتهم للمشهد العراقي ، ويفرز تذمر وعدم الرضى عن السياسة التي ينتهجها الحزب بشكل خاص ، والمشهد السياسي بشكل عام ، و بتقديري هذا أمر طبيعي ، وربما اليوم نحتاج الى أخصائيين نفسيين واجتماعيين لتحليل المزاج العراقي وتقلباته ، الناتج عن الأزمات المتلاحقة التي يعيشها شعبنا ، وضيق مساحة الديمقراطية والحريات ، وضنك العيش الرغيد وعسر الحياة ، ناهيك عن الفقر والبطالة والأمية المتفشية بين الصغار والكبار ، والمرض الجسدي والنفسي والأخلاقي ، وغياب الأمن والأمل وأمور أُخرى .
هذه الصورة تعكس حقيقة ما نعيشه اليوم ، ليس فقط على الشيوعيين وحزبهم ، بل على باقي الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني وعلى المثقفين والفنانين وشرائح أخرى .
فترى السواد الأعظم منهم مطلبيين أكثر من أي وقت أخر ، وبشكل استثنائي إن صح التعبير ، ويشككون بأي نشاط سياسي واجتماعي كما لمسنا ذلك في انتفاضة الفاتح من تشرين المباركة ، و،نتيجة القلق وغياب الأمن والضمان وفقدان الأمل بالعملية السياسية ، وهذا قد ينعكس على جماهير الحزب وحتى على البعض من رفاقه ، الذين يساورهم الشك بما يعتقد الحزب ويرى ، وحتى بمن يرسم سياسته ومساره ، ويعبرون عن تذمرهم بطرق مختلفة بما في ذلك عزوف الكثير عن العمل السياسي والذهاب الى الانتخابات بحجة عدم الجدوى ، وهذه صورة محزنة وتسري على الكثير من الطبقة الوسطة والبعض من المثقفين وتحت ذرائع ومبررات يعتقدون بصوابها ، ويحاولون إملاء ما يروه وما يعتقدون على الحزب !!..
هنا لابد للحزب أن يكون أكثر مرونة وتفهما لما يراود هؤلاء ، من رؤى ومن القلق والهواجس والإرهاصات التي يعيشون في دائرتها ، وهي أقرب للطبيعية ، نتيجة الوضع الاستثنائي الذي يمر به البلد .
يتعين على الحزب مراجعة سياساته ، وما يعتقد به هؤلاء القريبين من الحزب أو الشيوعيين الذين هم خارج الحزب ، وحتى من منهم ما زال يعمل في صفوفه لتطمين هذه الجمهرة الواسعة بأن الحزب ما زال بخير ، ومازال وسيبقى أمين لمبادئه وكما عهدتموه .
ويتوجب على الحزب أن يراجع سياساته وبرامجه ، ونشاطه الفكري والسياسي والتنظيمي ورؤيته لطبيعة القوى السياسية العاملة على الساحة العراقية ، البعيدة منه والقريبة إليه ، ويبني علاقاته مع هذه القوى بناء على رؤيته ومصالحه الطبقية والفكرية ، والتي تحدد تلك العلاقة ، وستنعكس حتما على نشاط وعمل منظماته ، وعلاقته بمحيطه الخارجي ، وموقف الجماهير من الحزب وانسجام سياسته مع تطلعاتهم ، ومدي رضاهم عن السياسة العامة أو عدم الرضا ، باعتبار القاعدة الجماهيرية رصيده وقوته ، وبقائه على قيد الحياة متوقف ومرتبط بتلك الجماهير .
نعيد التذكير بأن على الحزب أن يصغي بإمعان كبير ، الى أراء رفاقه وأصدقائه وجماهيره وأن يتفحص وبمسؤولية عالية سياساته ومزاج الجماهير ، ويأخذ بتلك الأراء ويتحاور مع من يختلف معه بشفافية وسعة صدر ، وبناء مساحة من التواصل مع الجماهير ، ليتقرب من هذه الجمهرة الواسعة ، ويعكس ذلك ، من خلال نشاطه ، ورسم سياساته لإقناع هؤلاء بأن الحزب ومنظماته وكوادره ، كلها أذن صاغية لرأيهم وهي محترمة ، ونقدر عاليا هواجسهم وحرصهم الكبير على الحزب وسلامته وتقدمه .
وليس خطأ أو سبة أو انتقاص من الحزب ومكانته !.. إن قام بمراجعة سياساته ونهجه , أو لما يقيم من تحالفات مع قوى سياسية معينة ، والتي ربما أصبحت لا تنسجم مع مصالح الحزب والشعب الذي خرج للتعبير عن مطالبه العادلة ، ومراجعة أي اتفاق أو تحالف تم ابرامه مع هذه القوة أو تلك ، وهو ليس بالأمر العسير ، بل من الصواب فعل ذلك لينسجم مع تطلعات شعبنا ومع نهج الحزب وفلسفه .
ختاما أقول يبقى الحزب الشيوعي العراقي ، مصنع الأبطال وعرين الرجال ، وأيقونة النضال الوطني التحرري ، ومفخرة لقوى شعبنا الخيرة وطليعتها الواعية ، الأمينة المخلصة والصادقة للمبادئ الخلاقة التي صاغها المؤتمر الأول للخزب والمؤتمرات اللاحقة ، وشعاره الخالد في وطن حر وشعب سعيد ، مسترشدا بالماركسية اللينينية والأممية البروليتارية ، الأمين على مصالح الشعب والدفاع عن مصالح شغيلة اليد والفكر ، وعن الأغلبية الساحقة لشعبنا ولتطلعاته في الحرية والديمقراطية والاستقلال والكرامة والرخاء والتقدم .
14/10/2019 م