. لوحة تونسية : حمة الهمامي .
فريد العليبي
2021 / 8 / 3 - 14:54
السيد حمة الهمامي مفتون هذه الايام بخطاب الانقلاب ، معه حق فهو يرى أن ما حصل في تونس يوم 14 جانفي 2011 ثورة عظمى ، لذلك هب لمشاركة الباجى قائد السبسي خليفة بن على ثمارها وكون معه جبهة انقاذ دفاعا عنها ، وعندما قيل له سيتحالف مع الاخوان ويتركك أجاب : هو لا يرضع اصبعه ..ولكن الباجي فعلها ، وظل حمه وحيدا يقضم اصبعه وسط شماتة الغنوشي ، هو لم يدرك ان 14 جانفي هو يوم الانقلاب الحقيقي على انتفاضة 17 ديسمبر وهو ما قلناه وشرحناه على مدى سنوات عشر وقاله قيس سعيد أيضا ...ربما أدرك حمه ذلك ولكنه أراد الاستفادة، فظل متغنيا بثورة لا وجود لها الا في قاموس صناع الربيع العربي الموهوم. .
تحالف حمه قبل ذلك مع الاخوان ومنصف المرزوقي حتى أن قائدا اخوانيا علق يوما وهو يحتفل بذكرى 18 اكتوبر : ان حمه كان يطبخ لنا الكسكسي ويجلب لنا السجادة لنصلي عليها ، خمه هو الذي قال عنه الغنوشي انه من قادة تونس الأشاوس ، أما المرزوقي فقال ان بناته تربين في حجره .
تكيفا مع الثورة العظيمة غير حمة اسم حزبه ولم يعد شيوعيا ، افتخر أنه مسلم مسلم مسلم ، وذهب الى مقام ولي صالح قيرواني رافعا يديه طالبا عونه فقد كان وقتها يحلم برئاسة دولة الثورة .وعندما غرقت مدينة في مياه الفيضان هب حمه للنجدة متسلحا بمكنسة ..هو الذي يكره الشعبوية
لم يراجع حمه أفكاره السياسية لنيل ثقة اليمين الديني وحده وانما اليمين الدستوري أيضا حتى صرح يوما انه من أبناء بورقيبة ، بكلمة شطب التاريخ .
قبل عشرين عاما تعجبت وأنا أقرأ بيانا لحزب حمة وهو ينصر طالبان الافغانية باعتبارها حركة تحرير وطنية .
قبل ذلك تعجبت ترحيبه بانقلاب بن على وزيارته اياه في القصر وهو من منحه رخصة اصدار جريدة ونشر كتب دعائية .
تعجبت من حمة وهو يعتقد أنه سيصبح رئيس جمهورية في ظل الثورة المباركة ، ثورة الحرية والكرامة ؟؟؟مرددا تلك العبارة : حمة رئيسا سيقوم بكذا وكذا ..
اليوم لم اعد مستغربا ...عندا أرى حمة مدافعا عن الثورة العظيمة وبرلمانها الأعظم ودستورها الفريد ...مرددا خطاب الانقلاب مع اليمين وأقصى اليمين الديني ، دون سائر اليساريين اذا ما استثنيا حزبا آخر معه اموال كثيرة ، يفال أنه كان له الفضل الكبير في تقويض الجبهة الشعبية ودفع حمه الى استقبال سفير أمريكا في مكتبه والمشاركة في استقبال رسمي لرئيس فرنس من عرابي الربيع العربي الموهوم اسمه هولاند .
اقوال حمة وأفعاله ليست سقطات وانما هناك فكرا وسياسة يختفيان وراءها وهما من أسوء ما عرف اليسار في تونس والوطن العربي كله ، فكر وسياسة التكيف مع اليمين، وعندما تأتي خطوة ولو بسيطة تسير بتونس نحو اليسار مثلما هو حادث مع قيس سعيد الآن ينتفض حمة ليأخذ اليسار التونسي الى اليمين ...مبتهجا ... وسط ترحيب اليمين الديني .
دعا الغنوشي في آخر مسيرة لاتباعه قبل أشهر بالعاصمة حمة لكي يأتي اليه خطيبا ، يومها كان حمة أيضا يتظاهر ولكن وحيدا دون سائر اليساريين على مقربة من الشيخ الذي يبكي تونس اليوم لأن انقلابا قد أودى بحياة ثورتها العظيمة تماما مثلما يقول حمة ....علاقة حمة بالغنوشي قصتها طويلة ، استغرب كثيرون كيف زكى نواب الاخوان في البرلمان يوما حمة للترشح للرئاسة ..وقتها ابتسمت .
اليساريون التونسيون معنيون لا بسب حمة وشتمه ، فذاك ما يروق له .. وانما تحليل خطابه وأفعاله ونقدها دون رحمة فالحقيقة لا تصغي لأنصاف المواقف ، ولا تهمها مواعظ الأخلاق من قبيل : نحن جميعا اخوة .