لا لطيفنة العائلة العراقية


مالوم ابو رغيف
2017 / 11 / 2 - 18:07     

مرة اخرى تحاول الاحزاب الاسلامية المؤتلفة ضمن ما يسمى بالتحالف الوطني الشيعي تمرير مسودة مشروع تغيير قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1958 بعد ان فشلت في محاولتها الاولى في عهد مجلس الحكم.
لكل تشريع قانوني موجباته فماهي موجبات تغيير قانون 188 لسنة 1958؟
هل اخل قانون 1958بمؤسسة الزواج او كان سببا في تفكك العائلة العراقية او انه لم يحفظ للمراة او للرجل حقوقهما وواجباتهما الزوجية او انه اخل او تجاوز على تشريعات الدين الاسلامي العام وليس على اديان المذاهب التي وضعها رجال الدين وفق اجتهاداتهم واهوائهم الفقهية القاصرة؟
لا يوجد شيء من هذا كله.
موجبات اصدار القانون وحسب ما جاء بمسدوة التغيير التي نشرتها اغلب الصحف العراقية هي التالي:
انسجاماً مع ما أقرته المادة (2) من الدستور أنه لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام، وما أقرته المادة (41) من ضمان حرية الأفراد في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم، وللحفاظ على المحاكم كجهة قضائية موحدة لتطبيق الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية بعد الرجوع إلى الجهة ذات الاختصاص، شرع هذا القانون.
المادة 41 التي استند عليها التحالف الوطني الشيعي في تمرير مشروع قانون التغيير تنص على التالي:
لعراقيون احرارٌ في الالتزام باحوالهم الشخصية، حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون.
لنا ان نسأل
كيف فهم التحالف الشيعي بان الالتزام بالاحوال الشخصية تعني وجوب ان تكون عقود الزواج عند الفقيه او عند رجل الدين وليس في المحكمة؟
وكيف فهم التحالف الشيعي بان الالتزام بالاحوال الشخصية يعني وجوب الزواج وفق تشريعات مذهبية اجتهادية وليس اسلامية؟
وماهي ثوابث احكام الاسلام والمادة 41 تتحدث عن ديانات ومذاهب ومعتقدات وخيارات؟
ثوابت احكام الاسلام يجب ان تكون عامة وليس خاصة فان هي تغيرت وفق الرؤى المذهبية، انتهت ان تكون من الثوابت، فالثابت هو الذي يرجع اليه كسند ديني او قانوني وهو واحد لا يختلف، ذلك ان الاختلاف يعني بان الناس غير متساوية امام القانون وامام التشريع، فالمذاهب مختلفة في اغلب التشريعات حسب الرؤى الفقهية ، وهي مختلفة ايضا حتى في داخل المذهب نفسه اكان عند الشيعة او كان عند السنة وفق اجتهاد هذا المرجع او ذاك..
فكيف يكون المتغير المختلف من الثوابت التي تشرع القوانين وفقها؟
الاسلام ليس فيه ثوابت ولا اراء خالصة متفق عليها عند جميع المسلمين حتى القرآن نزل بقرآءات مختلفة، هذا اضافة الى اختلافات التفسير واتهامات التحريف. قد يكون الثابت الوحيد عند المسلمين هو شهادة لا اله الا الله ومحمد رسول الله.
الحقيقة ان التغيير الذي تنوي الاحزاب الاسلامية تمريرة يعصف بالقانون ويطيح به، اذ يحيل شؤون الزواج والطلاق والارث والامومة والحضانة والقوامة الى اهواء الفقهاء الاسلاميين ويعطيهم حرية التصرف باصدار الاحكام دون الاستناد على سند قانوني عام يعطي للاحكام قوتها القانونية. ان ذلك يعني تجاوزا على لقانون العام لصالح اراء رجال الدين الذين يحكمون وفقهم شريعتهم الخاصة وليس الشريعة الاسلامية العامة.
ان موجبات تعديل قانون الاحوال الشخصية هو في حقيقته محاولة لتعميق الاسس الطائفية التي استندت عليها الدولة العراقية ما بعد تغيير 2003 وزيادة حدة الاختلافات بين الناس تلك التي احدثتها الاحزاب الطائفية في المجتمع العراقي لتصبح اساسا مميزا للاسرة العراقية. انها محاولة بغيضة لطيفنة العائلة العراقية اكثر فاكثر.
ففي الوقت الذي تسعى فيه الدول الى عصرنه قوانينها وتحرص على مدنيتها وتحضّرها يحاول سراق المال العام وسياسيوا الصدفة ارجاع المجتمع الى غابر التاريخ بالاصرار على ان تكون شؤون الاسرة العراقية من اختصاص فقهاء المذاهب وليس من اختصاص فقهاء القانون.
لقد ادركت هذه القوى الظلامية بان تأثيرها بدأ يضمحل ويتراجع رغم كل محاولات الحكومة بدعم المظاهر الطقوسية واعطاء اهمية كبرى لرجال الدين، لذلك كان لا بد من تغييرات اجتماعية تركز على طيفنه العوائل قيد التأسيس وكذلك لتجد عملا لجيش المعممين الذين خرجتهم المرجعيات الدينية المختلفة.
ورغم ان زواج القاصرات لم يشر اليه صراحة في حيثيات التغيير المزمع احداثه على قانون الاحوال الشخصية لسنة 1958، الا ان ذلك وارد ضمنيا، اذ ان سن الزواج حسب السنة المحمدية، عند السنة والشيعة هو سن التاسعة من العمر. ان ذلك ليس اهانة للعائلة فقط بل جريمة بحق الطفولة.
كما ان هناك كثير من التفصيلات والحيثيات في داخل فقه هذا المذهب او ذاك لا يعرفها الناس واغلبها تتعامل مع المرأة كموضوع للنكاح ومتعة جسدية وليس انسان له حقوق مثلما للرجل حقوق. انها معاملة السيد والعبد..
فبأسا لهذا القانون وبأسا لمشرعيه وبأسا للمصوتين بالموافقة عليه وبأسا للتحالف الشيعي.