دور الفرد في صناعة التاريخ
نجيب الخنيزي
2013 / 12 / 17 - 21:42
دور الفرد في صناعة التاريخ
رحيل نيلسون مانديلا احدث صدى و دويا هائلا في جنوب أفريقيا والعالم أجمع ، نظرا لكفاحه الطويل و المعمد بالتضحيات من اجل حرية شعبه ، ودوره التاريخي البارز في إنهاء نظام الفصل العنصري ، وإرساء المصالحة الوطنية في بلاده . و قد تقاطر القادة والزعماء والشخصيات البارزة في العالم الدول لحضور مراسيم الاحتفاء والتكريم لهذه الشخصية الأفريقية والعالمية الفذة . العديد من الخطب والكلمات تطرقت إلى مكامن قوة وعظمة مانديلا الشخصية والأخلاقية ، ودورها المحوري في بناء جنوب أفريقيا حرة / مستقلة وهو ما يثير مجددا موضوعة دور الفرد في صناعة التاريخ. يتعين الوقوف هنا أمام اتجاهين رئيسين في فهم التاريخ فهناك من يرى التاريخ مسير وفقا لقانون الحتمية التاريخية ( الجبرية ) ، وبالتالي ليس هناك من دور بارز للفرد في صناعة التاريخ ، وهناك من يرى بأن صيروة التاريخ تتأتى في المقام الآول من دور الأفراد و السمات الشخصية للقادة والزعماء اللذين يرسمون ( سلبا وإيجابا ) معالم خط التاريخ ، و دون إبداء الاهتمام بدور الظروف والأسباب الموضوعية ، ومدى نضج الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والنفسية السائدة و قبل كل شيء قدرة ونضج الجماهير لعملية التغيير . هيجل في كتابه " فلسفة الحق " أورد التالي : أن الرجل العظيم في العصر هو الذي يستطيع ان يعبر عن إرادة عصره في كلمات ويخبر عصره ما هي إرادته وينيرها . ما يفعله هو قلب وروح عصره، انه يحقق عصره ". أما الدكتور ليفيس فقد تطرق إلى الموضوع بشكل مقارب في كتابه " التقليد العظيم " بقوله " ان الكتاب العظام تبرز أهميتهم من خلال تشجيعهم للوعي الإنساني .. ان الرجل العظيم يمثل على الدوام اما القوى الموجودة أو قوى يساعد في خلقها عن طريق تحدي السلطة الموجودة .
ويورد المؤرخ الانجليزي الشهير إدوارد كار في كتابه الهام " ما هو التاريخ " العبارة التالية " بيد ان أعلى درجات الخلق يمكن ان تمنح لأولئك العظماء على غرار كروميل ( قائد الثورة الانجليزية في عام 1648 ) أو لينين ( قائد ثورة أكتوبر الروسية في 1917 ) الذين ساعدوا على قولبة القوى التي حملتهم إلى العظمة وليس مثل نابليون أو بسمارك الذين ساروا إلى العظمة على ظهر قوة موجودة أصلا ، ومضيفا .. ان ما يبدو لي بأنه جوهري هو أن نجد في الرجل العظيم فردا بارزا والذي هو نتاج للعملية التاريخية ومساعد لها في نفس الوقت ، وهو في نفس الوقت ممثل وخالق القوى الاجتماعية التي تغير شكل العالم وأفكار الرجال . المفكر الروسي المشهور بليخانوف أورد في كتابه " دور الفرد في التاريخ " إن الرجل العظيم يعد عظيماً لا لأن صفاته الشخصية تطبع الأحداث التاريخية بطابعها الخاص بل لأنه يتحلى بصفات تجعله أقدر من الآخرين على الاستجابة للضرورات الاجتماعية العظيمة في عصره. تلك الحاجات التي تتأتى عن الأسباب العامة والخاصة. مما تقدم نستطيع تلمس دور القيادات التاريخية البارزة في الماضي والحاضر، ومن بينها مانديلا في صنع التاريخ ، وعلى صعيد بلادنا نستحضر الدور التاريخي البارز للقائد المؤسس لكياننا الوطني الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله .