أيــار الرمــز عيد الطبقة العاملة من شغيلة الفكر واليد
مصطفى محمد غريب
2005 / 5 / 1 - 12:10
يعتبر الاول من ايار يوماً للتضامن العالمي للعمال ضد مستغليهم ومضطهديهم من الدكتاتورين والرأسمالين الذين مازالوا يتعنتون في سياستهم الارهابية التعسفية التي تهدف الى اخضاع الطبقة العاملة لنزواتهم الطبقية ومصلحتهم وارباحهم الانانية التي تعتمد على سرقة جهود وقوة شغيلة الفكر واليد ولم يكن الصراع الوطني والطبقي الذي خاضته الطبقة العاملة طوال عقود عديدة عبارة عن نزهة جميلة بل انه كان مضخباً بالعرق وبالعذاب والدم.
ومنذ تلك المظاهرة العمالية في مدينة شيكاغو الامريكية عام 1890 التي طالبت ببعض حقوقها المشروعة " زيادة الاجور وتخفيض ساعات العمل " بقى الصراع مستمراً بعد ان قامت قوات الشرطة التابعة للرأسماليين الامريكيين باطلاق الرصاص على المظاهرة السلمية حيث سقط (6) شهداء وتم اعتقال المئات منهم وبالتالي اعدام قادة العمال في اقذر محاكمة للعنصرين الحاقدين عليهم وقد كانت ومازالت تخوض الطبقة العاملة بشقيها صراعاً مريراً متواصلاً وبلا هوادة من اجل حقوقها المشروعة وقدمت في هذا الصراع التضحيات الجسيمة ومن خلالها اضطرت الطبقات المستغلة والحكام الرجعيون الى بعض التنازلات ممى ادى الى اشتداد الصراع وتنوعه ، وعلى الرغم من تخندق القوى المعادية لطموحات الطبقة العاملة فان الحياة تثبت يوماً بعد آخر ان افول الاستغلال والاضطهاد والتعسف ظل ينحسر وسيكون في نهاية الامر لصالح الطبقة العاملة التي تعتبر بحق صانعة الحياة لمستقبل بشري يخلو من الاستغلال الطبقي المقيت مهما طال الزمن.
يأتي ايار للمرة الثانية بعد سقوط النظام البعثفاشي واحتلال العراق والطبقة العاملة العراقية تعيش في ظل ظروف قاسية سياسية واقتصادية ومعاشية وأمنية بالغة التعقيد ما بين مطرقة الارهاب الدولي والمحلي وفولول النظام الشمولي ومافيات الجريمة المنظمة وصراعاً حاداً من اجل الكراسي بين القوى التي فازت في انتخابات 31 /1 / 2005 وتجد الطبقة العاملة العراقية نفسها في خضم هذا الانفلات الامني مضطرة لخوض الصراع لكي تثبت حقوقها المشروعة في الدستور الدائم للدولة العراقية، حقوقها في التنظيم النقابي الحر وتحقيق مبادئ الديمقراطية النقابية ثم حقوقها في العمل والعيش الكريم والتخلص من آثار السياسة الدكتاتورية التي انتهجها الحكم الشمولي خلال 35 عاماً المكرسة ضدها، كما انها تصارع في هذه الظروف الراهنة من اجل ان تكون كلمتها مسموعة وان لاتدع احداً ينوب عنها ويستغلها لاهدافه السياسية الضيقة..
واليوم وبعد مضي سنتان على سقوط النظام الشمولي وقيام المنظمات النقابية والمهنية تحاج الطبقة العاملة الى توحيد هذه المنظمات وعدم بعثرتها ووضع برنامج واضح لتوجهاتها وعملها بما يخدم الطبقة العاملة وعدم الانجرار خلف صراعات بعض الاحزاب والتنظيمات السياسية التي لايهمها سوى الصوت البرلماني لكي تستطيع الحصول على حصة الاسد في قيادة الدولة وبعدها لتذهب الطبقة العاملة ونقاباتها الى الجحيم، وللطبقة العاملة العراقية ونقاباتها تجارب غنية في هذا المضمار ففي جميع العهود كانت الحكومات المتعاقبة تدعي زوراً انها تمثل الكادحين وفي مقدمتهم الطبقة العاملة ولطالما تبجح هذا المسؤول او ذاك بانه من عائلة كادحة فقيرة لكن عند واقع الامر نراهم يقفون بالضد منها ومن حقوقها الاقتصادية والسياسية، وفي اوج استلام السلطة من قبل حزب البعثفاشي العراقي الذي كان ادعي انه سيحقق العدالة الاجتماعية ويمنح الطبقة العاملة وحركتها النقابية الحرية في التنظيم والعمل فقد صدرت اقسى القوانين التعسفية ضدها وضد النقابات حتى توجت تلك القوانين بقانون 150 الذي الغى من خلالها التظيم النقابي في قطاع الدولة وفرض على قيادة النقابات واتحادها العام ازلامه المعادين اساساً للعمال فحولوا مقرات النقابات الى شبه اجهزة امنية تطارد العمال وتعتقلهم وتبعثهم للحروب القذرة التي شنها النظام حينذاك .
وفي هذا اليوم بالذات تحتاج الطبقة العاملة العراقية وتنظيماتها النقابية الى توحيد صفوفها وجهودها للوقوف ضد اي خرق لحقوقها والتصدى لأي طرف يريد ان يهمشها ويهمش ثقلها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي تحت اية حجة كانت ، عليها ان تعي انها وحدها وبمساندة طلائعها التقدمية تستطيع ان تكسب العالم لجانبها وذلك بفضل وحدتها وتراصها وعدم الانجرار خلف الشعارات الطنانة التي اصبحت بالية ، عليها ان تعرف انها وحدها تتحمل مسؤولية ادارة شؤونها النقابية وبدون توصيات من الآخرين بخاصة الذين يريدون ان يستغلوا وضعها وحجمها وثقلها السياسي لمصالحهم الطبقية التي لا تعرف سوى سرقة قوة عملها ومضاعفة الارباح على حساب سعادتها وعرق جبينها، عليها تقع مسؤولية تاريخية بتفويت الفرصة على البعض الذين يهدفون الى اعادة تلك القوانين التعسفية التي اصدرتها سلطة البعثفاشي العراقي ولكن بثوب وشكل جديد ، شكل يتناسب مع سياسة بعض المجاميع السياسية التي تمزج ما بين الدين والسياسة وبحجة الدين تريد من الطبقة العاملة ان تغمض عينيها عن حقوقها المشروعة التي غيبت لسنوات طويلة، تريد منها صوتها الانتخابي لغرص سياسي آني تتحكم فيه بمصائر البلاد ومصائرها.
ان الطبقة العاملة العراقية واستذكاراً بمآثرها البطولة في تاريخ العراق الحديث عليها ان تقف بحزم ضد اي تهميش لدورها وثقلها السياسية والاقتصادي والاجتماعي والثقافي عليها ان تعمل لتوصيل ممثيها الحقيقين الى الجمعية الوطنية في الانتخابات البرلمانية القادمة لكي تكسب لصالحها تلك الحقوق المغيبة وتفرض حقوقها بقوة القانون في الدستور الدائم الجديد لا ان تبدد صوتها فتضيع حقوقها.
انه ايار العيد الذي يذكرنا دائما بالصراع ما بين قطبين متناقضين ، قطب يريد ان يبقي على قوانين الاستغلال والاضطهاد والتعسف ولكن بلباس عصري جديد وقطب يصارع من اجل تبديل القوانين التعسفية بقوانين انسانية تقف في وجه الاستغلال وتحمي شغيلة الفكر واليد من الجشع الرأسمالي المقيت.. وها هي الحياة تثبت ان القطب الثاني مهما كانت التراجعات والانحسارات فقد تقدم خطوات كبيرة نحو الغد السعيد، غد الأمان والسلام والعدالة الاجتماعية الحقيقية.