سيظل الواحد من ايار رمزا ابديا للحرية والتقدم


صلاح بدرالدين
2005 / 5 / 1 - 12:07     

ارتبط الواحد من ايار منذ ان اعتمد عيدا عالميا للعمال بعد حادث – شيكاغو- في الولايات المتحدة الامريكية بجميع معاني التحرر والتقدم والمجتمع المدني والاصلاح والتغيير في كافة ارجاء ما اطلق عليه بالعوالم الثلاث .
في بلدان التطور الراسمالي وخاصة التي تقودها انظمة حكم ديموقراطية تحول الاول من ايار الى رمز لنضالات الطبقات الكادحة وكل الفئات العاملة من ذوي الدخل المحدود والكتل الجماهيرية المسحوقة بفعل البطالة او الاستغلال الجشع من جانب ارباب العمل والقوانين الجائرة التي تغفل حقوق المواطن في العمل والتعويض والضمان الصحي والاجتماعي او التي تنتهك حقوق المراة العاملة ومستحقات الامومة وتربية الطفل . وقد اصبح من الامور المعتادة ان يشهد الاول من ايار في كل عام وعلى المستوى العالمي دون استثناء اوسع التجمعات والتظاهرات تقدر بالملايين مطالبة برفع الغبن عن كاهل العمال وسائر الكادحين وتلبية اهدافهم واسترداد حقوقهم المهنية والطبقية المسلوبة وضمان مستقبلهم في العيش الكريم واطلاق حرياتهم الاساسية دون قيود بما فيها مشاركتهم في السلطة وتقرير مصير البلاد .
في بلدان المعسكر الاشتراكي ( السابق ) اعتمد الاول من ايار كاول واهم مناسبة وطنية من منطلق ان انظمتها وحكوماتها تقاد من الطبقة البروليتارية – الطليعية – بوزنها الاجتماعي ونظريتها الثورية العالمية ودورها الريادي في البناء والتقدم , وبالرغم من تلك الهالة الاسطورية التي اضفتها الدول – الاشتراكية – السابقة في اوروبا الشرقية على طبقاتها العمالية ومكانتها الا انه تبين بعد انهيارها منذ عقد ونصف ان افراد هذه الطبقة كانوا ابعد ما يكونوا عن سلطة الحكم والقرار ولم يتمتعوا يوما بالحرية الشخصية والسياسية ولا حتى بادنى متطلبات الحياة المعيشية ولم ينعموا بالحياة الديموقراطية ويتم تفسير هذه الاشكالية عادة بانحرافات الانظمة الحاكمة والادارة البيروقراطية عن الجوهر الحقيقي للمبادىء الاشتراكية والنهج الماركسي اللينيني .
في مناطق – التحرر الوطني – ببلدان آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية التي يغلب عليها نسبة الطبقات الفقيرة والمسحوقة من الفلاحين الفقراء والعمال الزراعيين وما سميت بالبروليتارا الرثة في اطراف المدن الكبرى واحزمة بيوت الصفيح رفعت الاحزاب والمنظمات التقدمية والديموقراطية المنضوية في اطر الحركات الشيوعية والقومية شعارات الطبقة العاملة بما فيها الالتزام باحياء عيدها في الاول من ايار من كل عام رغم الحظر المرفوض من سلطات انظمة الاستبداد وقوانين الطوارىء وكانت ترى في المناسبة حافزا لتعميق نضالاتها ورافعة لتجديد موجات التحركات الجماهيرية والمطلبية عبر المهرجانات والتظاهرات والبيانات .
ظهر اليسار الكردي ومنذ اواسط ستينات القرن المنصرم كاحد اهم اجنحة حركات التحرر القومي في المنطقة وعلى وجه الخصوص في سورية وتركيا التزاما بمبادىء الماركسية اللينينية
وانحيازا الى احزاب الطبقة العاملة والحركة الشيوعية وبلدان المعسكر – الاشتراكي – السابق وذلك من منطلقات واقعية سليمة وصائبة من ابرزها : - 1 - وقوف الغرب بادواته الكولونيالية وميوله الامبريالية التوسعية وسياسته الراسخة في الشرق وطوال القرنين التاسع عشر والعشرين بالضد من الشعب الكردي وحركته التحررية القومية ان كان خلال العهدين العثماني والصفوي او في العهد الكولونيالي ومرحلة الحربين العالميتين التي تم فيها تقسيم مناطق النفوذ واقامة الكيانات الجديدة وابرام اتفاقية سايكس – بيكو ومعاهدتي سيفر ولوزان او في حقبة الحرب الباردة . – 2 - بسبب تشكل الشعب الكردي كاية قومية شرق اوسطية من اغلبية اجتماعية فقيرة ومسحوقة من مصلحتها الاستراتيجية تحقيق وسيادة حكومات في كل مكان تدين بمبادىء الاغلبية من ابناء الشعب وتراعي مصالحها بعيدا عن الاستغلال والاستعباد وتعترف بحقوق الجميع دون تمييز خاصة بحق الشعوب والقوميات بالعيش الكريم . - 3 - بما ان المبادىء الاساسية للاشتراكية العلمية ( نظرية الطبقة العاملة ) تتضمن اعترافا صريحا واضحا بحق الشعوب في تقرير المصير وبما ان بعض البلدان الاشتراكية في حينها قد شهدت في البداية تطبيقات عملية في مجال بناء وتشييد الادارة – الكونفدرالية والفدرالية والحكم الذاتي والادارة المحلية لعدد من الشعوب والقوميات ( لم يدم ذلك طويلا ولم تنجح التجربة في حل المسالة القومية حسب ما نصت عليه النظرية ) فان ذلك قد استقطب انتباه الاجنحة اليسارية واعجابها با الحل الاشتراكي الانساني للمسالة القومية ودفعها اكثر نحو نشدان الصداقة مع قوى المعسكر الاشتراكي السابق وامتداداتها الوطنية .
لاشك ان الزلزال الذي وقع على الصعيد العالمي واودى ببلدان المعسكر الاشتراكي السابق قد غير وجه التاريخ الحديث وانتج حقائق جديدة لا يمكن التغاضي عنها ودفع الجميع – احزاب الطبقة العاملة وقوى التحرر القومي – الى اعادة النظر من جديد في الثوابت والمتغيرات معا ودراسة التجربة الطويلة الماضية باسلوب نقدي جريء للتوصل الى خلاصات نظرية ومنهجية وارى انه ورغم مرور اكثر من عقد ونصف على ذلك التحول العميق وقيام الكثيرين مجموعات وافراد بخوض عملية التحليل والتقييم الا ان الموضوع لم يوف حقه حتى الان ومها تكن نتائج الطموحات فسيبقى الاول من ايار رمزا ازليا في الحياة البشرية المتواصلة .