هياج الإوز .. تحليل نفسي
عماد البابلي
2012 / 4 / 14 - 22:45
لو سافرت في سيارة أو قطار ، دون النظر للخارج فأن نقاط التوقف أو الانطلاقات والانعطافات الفجائية وحدها هي التي تجعلني أدرك بأني أتحرك ..
كارل غوستاف يونغ
من بين تلال القمامة حيث اسكن حيث عالم منحرف خرج من دائرة الوجود كعالم ضائع مفقود ، يسكن اللاشعور أو محتوانا الداخلي في رف بعيد عن متناول اليد ، رف يوصف بأنه رد فعل وقاس للخير المنحرف عن مساره ، خير يبدو الآن كلافتة كبيرة لعدم القدرة على النوم بشكل صحيح ، ولن تنام في عالم الكلاب المريضة التي تخافها الكلاب الأخرى ( !! ) ، عصور التكوين الصحيحة لم تأتي زمنها بعد ، وربما لم تأتي ابدا ،، من يعلم ؟؟ ... فيلم (Core ) من الأفلام المميزة التي تركت أثرا كبيرا في ذاكرتي ، لأنه يتحدث عن قيامة صغرى يتعرض لها كوكبنا في حالة فقدانه مجاله المغناطيسي ، ويشرح لنا ضمنا كم نحن حمقى ومشاغبون مع الطبيعة الأم ، الفيلم يشرح لنا تكوين باطن الأرض ، خفايا وغرائب فيزيائية تحدث تحت أقدامنا ونحن لا نشعر .. نفس المعادلة تنطبق على اللاشعور البشري تلك المملكة المجهولة المليئة بالأنفاق والمتاهات التي تشبه لحد كبير أحد القصور القوطية ( Gothic ) في العصور الوسطى ، وحده الملك من يعرف خريطة القصر السرية ، اللاشعور يؤثر فينا بشكل غير محسوس في مجمل سلوكياتنا ورغباتنا ومخاوفنا ، ويؤثر اللاشعور كثيرا في الشعور بصورة غير محسوسة ومعقدة ويتماهى معه في حياتنا اليومية ، يؤدي الكبت دورا جوهريا في تعقيده ، يرتبط اللاشعور ارتباطا وثيقا مع الهوا ( منطقة النشاط الغريزي ) من الناحية الوظيفية ، تلك الفكرة هي الأساس الذي قامت عليه نظرية التحليل النفسي العظيمة .. حدث لي قبل أيام حادثة جعلتني أعرف بأن خرائط عالمي الداخلي مازالت غير مفهومة ، فهناك قارات لم تكتشف بعد وجزر لم ترسم حتى ، لهذا حياتي أو رحلتي في هذا الوجود التافه تكون غير أمنة لحد هذه اللحظة ..
يرتبط التدخين عندي في أول يوم في الكلية ( تشرين الأول من عام 1996 ) ، كانت تجربة ممتازة في أثبات مزيف لرجولتي أمام زميلة كانت تكره التدخين ، وبعد عدة أنواع وصلت لحد عام 3005 لسكائر أسمها ( Royal ) كانت انكليزية المنشأ رغم رخص سعرها ، فوجود ( London ) في أسفل العلبة يعطيها مجد خاص عندي وكأني ولدت هناك ( !! ) ، قبل أسبوعين انقطعت تلك السكائر نهائيا من السوق العراقية ، طبعا كان من الصعب إيجاد سكارة تناسب مزاجي البرتقالي ، عشرات الأنواع التي لم أتقبلها نهائي ، انتهيت أخيرا عند سكارة اسمها ( Craven ) ، تقبلتها ولم أعاني من الصداع منها ، رئتي أدخلتها ببسمة كبيرة دون أن تعترض .. بعد ( 0.0005 ) من الدقيقة اكتشفت السبب ، لنعود في الزمن المحدب نحو عام 1996 ، كانت سكارة (Craven ) من السكائر الفاخرة التي يدخنها الطلبة الأغنياء والطلبة العرب الوافدين لنا دون معدل طبعا والحمد ليس لله ولكن الحمد لمكاتب القيادة القومية لحزب البعث التي كانت تكنس شوارع الدول العربية من أنصاف البشر لتأتي بهم معنا في الكلية ( الدولار كان بـ 300000 الف دينار عراقي ) .. المهم هنا ، ( Craven ) تمثل عقد الصلح بين حرب الماضي والحاضر ، الماضي حين كنت مثل حال أي كلب مشرد يجوب شوارع بغداد بحثا عن عمل بعد الدوام ، والحاضر حيث تغير الحال جذريا ، ( Craven ) تمثل الصليب والقربان الذي قدمه لا شعوري العاصف حتى أتخلص من ذاكرة مريضة كنت اعتقد أنها رحلت ومسحت ولكنها مازلت باقية ... إنها ذاكرة كابوسية تحميها الفوضى التي كونتها ، حجب الغريزة حجب للحياة ، هذا الحجب القسري جعل مني مشلولا لحد هذه اللحظة والدليل هو أختياري لهذا النوع من السكائر ..
هل هناك غيرك يا ( Craven ) ؟؟
هل هناك شيء غيرك يا سيدة ( Craven ) مازال حيا في مقبرتي ؟؟؟
متى ينتهي هياج الأوز حتى استطيع سماع الموسيقى يوما ؟
ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
تنويه : رواية لسليم بركات تحمل نفس أسم المقالة