احقا ان اليسار الصهيوني في إسرائيل لا يقبل إلا ب«العرب الجيدين» الذين لا يتحدثون عن الفصل العنصري؟
جدعون ليفي
2025 / 12 / 25 - 07:16
يُعد عباس الحلقة الأضعف في القيادة العربية داخل إسرائيل، وذلك بسبب إسلاميته ورغبته في استرضاء اليهود. ومع ذلك، لا يوجد ولن يوجد بديل لحكومة نتنياهو من دون شراكة مع الأحزاب العربية.
رئيس القائمة العربية الموحدة، عضو الكنيست منصور عباس، أصبح تدريجيا محط إعجاب اليسار الصهيوني في إسرائيل، على الأقل في أوساطه الأكثر «استنارة».
أولئك الذين لا يجرؤون على الاقتراب من رئيس حزب «حداش» أيمن عودة حتى بعصا طولها عشرة أقدام، أو – لا سمح الله – الظهور في صورة إلى جانب رئيس حزب «تعال» أحمد الطيبي (أما زميلهم السابق سامي أبو شحادة فلا يمكن ادراجه في الحساب تماما)، يرون في الرجل القادم من الحركة الإسلامية شريكا محتملا.
كثيرون يبدون إعجابهم بحكمة عباس وبلاغته وما يُسمى «شجاعته»، ويثنون على نأيه بنفسه عن جماعة الإخوان المسلمين.
وإذا كان هناك عربي يمكن أن يكون مرشحا للانضمام إلى الحكومة المقبلة لنفتالي بينيت، فهو منصور عباس. ويبدو أن عباس نفسه يستمتع بهذا الموقع، بما في ذلك دعم عدد من الصحفيين الوسطيين الذين سحرهم حضوره. فهم يرونه الأمل الوحيد للشراكة اليهودية–العربية.
للوهلة الأولى، يبدو هذا تطورا إيجابيا. فكل اختراق لسقف الإقصاء الحديدي المفروض على السياسيين الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل يُعد نعمة. وكل شراكة مع القيادة الحقيقية للمجتمع الفلسطيني في إسرائيل تبعث على الأمل. لكن من الصعب فهم سبب اختيار اليسار الصهيوني لعباس تحديدًا.
ما الذي يملكه عباس ولا يملكه الطيبي أو عودة؟ إسلاميته؟ ولماذا تجذب هذه الصفة اليساريين اليهود؟ وإن لم يكن هذا هو السبب فعلا، فما الفارق بينه وبين زملائه العرب العلمانيين؟
عودة والطيبي ملتزمان بحل الدولتين، أي الاعتراف بوجود دولة إسرائيل إلى جانب دولة فلسطينية – فماذا يريد اليسار أكثر من ذلك؟ هل عباس أكثر صهيونية منهما؟ الأمر غير واضح. لكنه بالتأكيد يعرف كيف يقول ما يحب الإسرائيليون سماعه.
هل يريد اليسار الصهيوني أيضا «عربا جيدين» فقط، أولئك الذين يتحدثون عن قضايا مثل الجريمة وشبكات الصرف الصحي، ويتعهدون بالولاء لدولة التمييز اليهودي؟ لقد أرضى عباس الإسرائيليين حين أدان حركة حماس بعد السابع من أكتوبر، وكان مقتصدا في انتقاده لأفعال إسرائيل في غزة. فهل هذا فعلا هو الشريك العربي الوحيد الذي يريده اليسار الصهيوني؟
الشراكة يجب أن تكون مع قادة يعكسون حقيقة المجتمعات العربية داخل إسرائيل. ومن الصعب فهم كيف يمكن دعم إقصاء حزب «بلد»، بل وحتى أيمن عودة، وفي الوقت نفسه القبول بشراكة مع القائمة العربية الموحدة. لقد بقيت الأحزاب العربية وحدها في الكنيست كمعارضة لجرائم الجيش الإسرائيلي في غزة، وللاحتلال، وللفصل العنصري.
وهي أيضا الخيار الوحيد غير الصهيوني. وعندما يتعلق الأمر بالدفاع عن حقوق الإنسان، فهي الشعاع الوحيد من النور.
عباس هو الحلقة الأضعف في القيادة العربية داخل إسرائيل، بسبب إسلاميته من جهة، ورغبته في كسب ود اليهود من جهة أخرى. ومع ذلك، لا يوجد ولن يوجد بديل لحكومة نتنياهو من دون شراكة مع الأحزاب العربية، كما أن الناخبين العرب لن ينالوا تمثيلهم الأقصى من دون عودة «القائمة المشتركة».
هذا ما يريده معظم العرب في إسرائيل، وعباس هو العائق أمام تحقيقه. يقول إنه يريد أن يصبح وزيرا، ولا خطأ في ذلك بالطبع، لكن من أجل الوصول إلى هذا الهدف، يقوم بتخريب الجهد المشترك.
يمكن للناخبين العرب أن يغيروا مصير إسرائيل في الانتخابات العامة المقبلة، ولا أقل من ذلك. فالسياسيون العرب تحديدا قد يكونون القادرين على وقف هذا التدهور الخطير؛ أما شخصيات المعارضة اليهودية مثل بينيت، ويائير لابيد، ويائير غولان، فمن غير المرجح أن يتمكنوا من ذلك من دون دعم يشمل العرب أيضًا.
الخوف من الشراكة مع الأحزاب العربية هو خوف زائف؛ ودور قيادة المعارضة هو دحضه، لا تغذيته أو الخضوع له. عليهم أن يقولوا لناخبيهم: عودة، والطيبي، وعباس جميعهم مشرعون مثيرون للإعجاب، ويمكن أن يكونوا وزراء ممتازين، وبالتأكيد أفضل من معظم المرشحين اليهود.
إن «قائمة مشتركة» قوية، أي تحالف انتخابي للأحزاب العربية، هي مفتاح التغيير لنا نحن اليهود أيضا. فالقائمة المشتركة القوية هي فرصتنا الوحيدة للوصول إلى جوهر القضية: القضية الفلسطينية والاحتلال.
لن تنضم قائمة مشتركة إلى أي حكومة لا تلتزم بذلك. ولهذا السبب تحديدا يحتاج اليسار إلى هذه الأحزاب قوية وموحدة. وعلى عباس ألا يقف في طريقها.